شخصيّات

نبذة عن حياة الفيلسوف “فرانسيس بيكون”

1994 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الفيلسوف فرانسيس بيكون شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

فرانسيس بيكون فيلسوف وسياسي إنجليزي شهير، فقد تولى أعلى منصب سياسي في إنجلترا في عهد جيمس الأول.

وهو يعد أيضا أول من دعا إلى مناصرة العلم الحديث في إنجلترا. وعلى الرغم من أنه لم يكن عالما متخصصا في ميدان العلم الدقيق فإنه يعد فيلسوفا للعلم، مناصرا للبحث العلمي ومبشرا بقدوم عصر العلم الحديث. 

كان فرانسيس بيكون أصغر إخوته، وقد توفي أبوه عندما كان الابن في سن الثامنة عشرة. ولما كان الأب لم يخلف وراءه شيئا يذكر، سعى الابن فرانسيس إلى الاعتماد على نفسه فزاول مهنة المحاماة لكسب العيش.

وسرعان ما ذاع صيت فرانسيس وأصبح عضوا في مجلس العموم البريطاني وهو في سن الثالثة والعشرين.

 

كتب بيكون عدة مؤلفات على مدى فترات من حياته، ولكن اهتمامه بالفلسلفة والعلم كان طاغيا فلقد رأى أن ازدهار العلم الحديث رهن بالتخطيط السليم له وبالإنفاق عليه بسخاء

فالعلم، في نظره، ليس ترفا، والانتفاع بالعلم ليس عبثا، بل العلم ضرورة وتطبيق ينتفع الإنسان بهما. ويجب ان تستهدف تطبيقات العلم الحديث السيطرة على الطبيعة، وهذا ما يجعل الإنسان قادرا على تحسين نمط حياته.

ولقد رأى بيكون أن التبشير بمقدم العلم الحديث يناسب مؤهلاته وميوله، فهو يقول إنه ولد لكي يخدم الإنسان، وأنه سأل نفسه عن الخدمة التي يمكن أن يقدمها للبشر على أفضل نحو ممكن فوجد أن بإمكانه بالفعل خدمة الإنسانية من خلال البحث عن الحقائق في الطبيعة.

وخدمة البشر._ كما رأى بيكون _ ليس بيد العلماء وحدهم وإنما يمكن للفلاسفة أيضا أن ينفعوا الإنسانية من خلال منهج يتقدمون به لدراسة الطبيعة وكشف أسرار الكون وخفاياه.

 

لقد رأى بيكون أن الفلسفة – حتى القرن السادس عشر- لم تحقق تقدما يذكر، وأن الفلاسفة القدامى كانوا أكثر معرفة واطلاعا من الفلاسفة الذين جاءوا في فترات لاحقة.

إن الكشوفات الجغرافية التي حققها ماركو بولو، واختراع البارود، والطباعة، والحقائق الفلكية التي جاء بها كوبر نيكوس، وجاليليو أعظم بكثير من فكر فلسفي ليست له نتائج ملموسة تنفع البشر.

إن العلماء – في نظر بيكون – هم الذين يخلقون عالما جديدا وهم الذين يحققون نجاحات تخدم الإنسان، فإذا كانت الفسلفة بدورها تريد احتلال مكان مناسب لها في عالم جديد فإن عليها أن تسلك طريقا جديدا يناسب عصر العلم الجديد الذي تعيش فيه.

 

فإذا كان خير نرتجيه من فلاسفة الطبيعة – كما يقول بيكون- فإن ذلك لا يتم إلا إذا استخدموا عقولهم بذكاء ونزلوا إلى واقع الحياة لدراسته ومن ثم تشكيل الحياة كما يشاء الإنسان.

ولا يمكن للعلم ان يأتينا بنتائج طيبة من خلال جهود فردية يقوم بها العلماء منفصلين، وإنما العلم المفيد جهد جماعي تتعاون فيه مجموعة العلماء وتتكامل جهودها في هذا السبيل.

فواجب العلماء يحتم عليهم جمع المعلومات وتفسيرها بعناية وذكاء، وإجراء التجارب، ومن ثم كشف أسرار الطبيعة والتحكم بها.

 

من هنا أطلق بيكون على هذا المنهج الذي وصفه للعلماء والباحثين في الطبيعة اسم «الإصلاح العظيم». وذلك لأنه رأى فيه وسيلة إلى إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح واستعادة الإنسان سيطرته على الطبيعة والانتفاع بالمعرفة. ونظرية «الإصلاح العظيم» – عند بيكون- تعكس ستة جوانب هي:

1- تنظيم أو ترتيب او تقسيم تام للعلوم.

2-مبادئ المنهج الجديد لتفسير الطبيعة بطريقة استقرائية جديدة من شأنها تمهيد الطريق للكشف العلمي والابتكار.

3- جمع المعلومات وإجراء التجارب.

4- مجموعة من الأمثلة توضح منافع المنهج الجديد.

5- تدوين قائمة بالنتائج العامة التي نستخلصها من دراسة الطبيعة.

6- نشر فلسفة جديدة تهتم بالبحث في الطبيعة.

 

وعلى الرغم من الثغرات التي يمكن أن يعثر عليها الباحث في فكر بيكون فإنه لا يستطيع أن ينكر فضله على العلم وإسهامه في ابتكار منهج متميز للبحث في ظواهر الطبيعة بهدف الاستفادة منها.

ولكن ينبغي علينا أن نتذكر أن أصول النهضة الأوروبية الحديثة إنما ترجع إلى عصر نهضة العلوم الإسلامية في القرون الوسطى، عندما كان يسود أوروبا الجهل والتخلف.

وقد عرف العلماء المسلمون قدر العلم، ووضعوا أسس حرية التفكير، والمنهاج العلمي المعتمد على التجربة والمشاهدة، وسخروا علمهم في خدمة البشر.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى