نبذة عن حياة الملك تيمورلنك
1995 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الملك تيمورلنك شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
تَيْمُورْلَنْك، أي تيمور الأعرج. كان خاقانَ المغول أي ملك المغول، وسجل سيرة حياته في كتاب يسمى «ملفوظات تيمور».
وكان تيمورلنك محارباً جبَّاراً، يهوَى الفتوحات العسكرية. وكان لا يُقدم على غزو بلد حتى يعرفَ جميعَ أحواله.
وكانَت مملكته تشمل المنطقة الوسطى من آسيا، أي شمال الهند. ومن هناك انطلقت جيوشه المغولية نحو الهند،
وكان يقودها بنفسه، وانتصر منذ البداية انتصاراً كبيراً، وانطلق جنده يَنهبون كلَّ شيء، ويجمعون الأموال حتى سيطر بالقوة على جميع مدن الهند وقُراها. ثم انطلقت جيوش تيمورلنك نحو أفغانستان، ففتحها بعد حصار قصير.
وبعد ذلك توجه مع عساكره إلى فارس، حيث أتَمَّ فتحها، وعَيَّن نائباً له عليها. ومن هناك سار مع جيوشه إلى العراق، وزحف إلى بغداد.
وتصف الكتب التاريخية الخاقان تيمورلنك بأنه كان شيخاً طويل القامة، طويل اللحية، حسن الوجه، أعرج، مسلمَ الديانة، بطلاً، شجاعاً، جباراً، ظلوماً، جاداً، لا يحب المزاح، ماهراً في لعبة الشطرنج.
وكان حريصاً على أن يُقرِّب إليه العلماء والشجعان والإشراف، ولكنه كان يكره أن يخالفه أحد في أي أمر. وكان له خطط عجيبة في الحرب، ويحب سماع التاريخ في مجلسه الخاص. وكان يحسن الكتابة، ويتقن اللغات المغولية والتركية والفارسية.
وكان يميل إلى التشاور مع أصحابه قبل أن يقدم على أي أمر، وكانت عادته أن يرسل جواسيسه إلى أي بلد يريد فتحها حتى يهيِّئ له أسباب النصر.
وقد وصلت أخبار الخاقان المغولي تيمورلنك إلى الظاهر برقوق سلطان سلطنة المماليك، فاستعد للقائه، لأنه عرف أنه مادام تيمورلنك قد نجح في فتح العراق فلا بد أنه سيتوجه إلى الشام ثم مصر.
وعندما وصلت الأخبار إلى تيمورلنك بوفاة السلطان الظاهر برقوق فرح كثيراً، لأنه سمع عن شجاعته وإقدامه. ومن ثم سار تيمورلنك في جيش كبيرة من الفرسان والمشاة ومعهم الخيول والفيلة نحو بلاد الشام.
لقد كان واضحاً حينها أن الخاقان تيمورلنك كان يهدف إلى تكوين إمبراطورية تشمل الشرق والغرب من العالم الذي يحيط به في بداية القرن التاسع الهجري (الخامسَ عشرَ الميلادي).
واستطاع تيمورلنك أن يحقق انتصاراً كبيراً عند الحدود الشمالية لسلطنة المماليك، ثم حاصر حَلب التي سقطت في يده بسرعة كبيرة، لأن المقاومة العسكرية عند الأمراء المماليك كات ضعيفة في ذلك الوقت.
وبدأت صرخات الاستغاثة تأتي إلى القاهرة، عاصمة سلطنة المماليك، تطلب العون والمساعدة.
وقد بذَل السلطان الناصر فرجُ محاولات كبيرةً لجمع الأموال من الأمراء المماليك، وحثَّهم على الخروج إلى بلاد الشام بعسكر متكامل، غَير أنه فشل في تحقيق ذلك.
وقد استخدم تميورلنك ورجالُه أسلوباً وحشياً في المدن والحصون التي نجح في اقتحامها، فكانت أمور الاغتيال، والقتل، والسلب، عادية مما أثار الرعب في نفوس الناس.
واستمر زَحْف التتار نحو مدن بلاد الشام وحصونها، ولذا لم يجد أهل تلك المناطق المهزومة سوى ترك بيوتهم والتوجه إلى مصر.
وفي مصرَ أمر رجالُ الدين الناسَ بضرورة الجِّهاد ضد تيمورلنك الذي قتل الأطفال على صدور الأمهات، وخَرَّب الدور، والمساجد، والجوامع، وجعلها اسطبلات للحيوانات.
ولقد بلغت شراهة تيمورلنك في جمع الأموال حداً كبيراً في جميع المدن الشامية. وتقدَّر قيمة الذي أخذه من مدينة دمشق وحدها حوالي مليون دينار.
كذلك أخذ تيمورلنك من الأسرى من جيش سلطنة المماليك، ومن المدنيين في المدن الشامية، ومن النساء عدداً كبيراً.
وتؤكد تصرفات تيمورلنك بأنه كان كثير الحِيَل والمكر. فمثلاً عندما حاصر مدينة دمشق أول مرة وعد أعيانها في بداية الحصار بتركها، وأنه سيكفل لها حريتها، ولكنه رجع إلى احتلالها بعد فترة قصيرة، بدافع الطمع والرغبة في جمع الأموال.
بل إن الجامع الأموي لم يسلم من تصرفات جنوده، وقد أدى ذلك إلى توقف قيام الصلوات فيه، وفي بقية الجوامع والمساجد بما في ذلك صلاة الجمعة. كما توقف المؤذنون عن إعلان الآذان، خاصة بعد أن سلب جميع البُسُط والحُصُر والأثاث من بيوت الله.
وعندما وصلت هذه الأنباء إلى القاهرة بدأ المماليك في الاستعداد من أجل التوجه إلى بلاد الشام، والجهاد في سبيل الله لحماية البلاد من تيمورلنك.
وبعد أن تمت الاستعدادات غادر السلطان الناصر فرج القاهرة ومعه الأمراء المماليك والخليفة العباسي والقضاة متجهين نحو دمشق.
وعند بلدة «قَطَنا» التقى الخاقان تيمورلنك مع عسكره بجيش المماليك بقيادة السلطان الناصر فرج، ولكنَّ عسْكر المماليك هُزم هزيمة فادحة، لأنه لم يكن مجهزاً تجهيزاً عسكرياً كافياً لمواجهة تيمورلنك وجيوشه الكبيرة. ومن ثَمَّ دخل تيمورلنك وجيشه دمشق بسهولة.
وعاد السلطان الناصر فرج إلى القاهرة لكي يبدأ في تجهيز عسكر جديد لقتال تيمورلنك. ولكن الأخبار جاءت إلى القاهرة بمغادرة تيمورلنك مدينة دمشق، ثم رحل وراءه عسكره كله.
وقد تُوفي تيمورلنك بعد ذلك، وهو في بلاد «الخطأ»، قرب سمرقند، سنة 807 هـ (1404)م.
وكان حفيده المدعو خليل ولياً للعهد، فقَدم إلى سمرقند حيث وجد جده الخاقان تيمورلنَك في تابوت من الأبنوس، وحوله رجاله وعليهم ثياب الحداد، وكذلك نوابه وجميع الأمراء، وتم دفنه هناك. وقد كان سن تيمورلنك عند وفاته حوالي الثمانين عاماً.
لقد كان تيمورلنك طمَّاعاً طموحاً. وقد أنشأ حول مدينة سمرقند عدة بساتين وقصور عجيبة. وكانت لديه ثلاث زوجات، وعدد كبير من الجواري.
وعندما توفي كان له ولدان، هما ميران شاه، وشاه رخ، وبنت واحدة اسمها سلطان تخت، وحفيد هو خليل بن ميران شاه الذي خَلَفه في حكم المغول.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]