إسلاميات

نبذة عن حياة حفيد الرسول “الحسن بن علي”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الحسن بن علي حفيد الرسول إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

الحسنُ بنُ عليٍّ بن أبي طالبٍ هو حفيدُ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، فأمُهُ السيدةُ فاطمةُ الزهراءُ بنتُ رسولِ  الله، وهو أكبرُ أولادِها وأولهُم.

وُلِدَ في منتصف رمضان سنة 3ه(624م)، وأحبَّ أبوه أن يُسميه «حَرْبا»، فسماه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «حَسَناً».

وكان عليه السلام يقول عنه وعن أخيه الحُسين: «هما ريحانتايَ من الدنيا»، يعني أنهما حظَّهُ ورزقهُ الجميلُ الذي أهداهُ الله إليه، كما يُهدى الريحانُ – فهو يجدُ فيهْما العِطرُ والراحةُ.

 

نشأ الحسنُ، رضي الله عنه، في بيت النبوة، ترعاهُ أمُهُ بِحنانِها وأدبِها الرفيع، ويراعاهُ أبوه بِعِلمِهِ وفروسيته، وأعلى رعايةً، رعايةُ الجدِّ: سيدنا رسول الله، الذي كان لا يطيقُ أن يرى الحسنَ يَتِعثرُ في مشيتِهِ.

فقد رآهُ مرةً كذلك وهو يخطب، فَنزَل من فوق المنبرِ وحَمَلهُ، وصعدَ المنبرَ، وأجلَسَهُ بِجانِبِه، وراح يُتمُّ خطبتَهُ، يُقبِلُ على الحسن مرة، وعلى الناسِ أخرى، وكان عليه الصلاة والسلام يلاعبُهُ ويداعِبُهُ ويغني له أغنياتٍ مرقصةٍ، كهذه الأغنية القديمة:

(حُزُقَّةُ … حزقة تَرقُ عيْنَ بقَّة).

والمعنى:أيها الصغيرُ الضعيفُ، صاحب الخطوةِ القصيرةِ، والعينِ الصغيرةِ، اصعدْ عليَّ. فكان الحسنُ يَرْقى (يصعد) حتى يضع قدميه على صدر النبي، صلى الله عليه وسلم .

 

ورُبما رأه الحسنُ ساجداً، فَركبَهُ، فلا يُعْجِلُه، صلى الله عليه وسلم، ولا يُنْزِلْهُ، حتى ينزل الحسنُ من تلقاء نفسه.

بل كان الأصدقاءُ والأقرِباءُ والجيرانُ يُلاعبون  الفتى الصغير في لُطفٍ ومحبةٍ.. فهذا الصدّيق أبو بكر، يخرجُ هو وعلي من المسجد بعد الصلاة، والحسن يلعب مع الغِلْمان، فيحمله أبو بكر على عنقِهِ ويُغني له:

(بأبي، شبيهُ بالنبيَّ ليسَ شبيهاً بعلي)، وعليّ يضحك.

ومنَ المعروف أن الحسن كان شديدَ الشبه برسول الله، صلى الله عليه وسلم، خاصة نصفه الأعلى.. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُعلَّم الطفلَ الصغيرَ مكارمِ الأخلاقِ، ومبادئ العِلْم.

 

ولقنَّهُ النبي، صلى الله عليه وسلم، دعاء صلاة الوتر حتى حفظه، وعَلّمَهُ للناسِ فيما بعد.

وهكذا نشأ الحسنُ رضي الله عنه نشأةً شريفةً، يحوطُه الحبُ والرحمةُ، ويؤدبُهُ الدينُ الخالصُ والعلمُ النافعُ، ولذلك غُرِسَتْ فيه – فضلاً عن كرم النسب والأسرة – أخلاقُ السيادةِ، حتى أعلنَ رسول الله على مسمعٍ من الصحابة، والحسنُ الطفلُ بجانِبِهِ على المنبر: «إن ابني هذا سيدٌ، ثم قال: «ولعلّ الله أن يُصلحَ بِهِ بين فِئتين من المسلمين».

والسيادةُ ليستْ هي الرياسةُ فقط، ففيها معنى «السُؤْدُد» وهو المجدُ، ويستحقُّها من ينتفعُ به الناس. ومن أخلاقِ السيادةِ التي تمتع بها الحسنُ «الكرمُ الواسعُ».

 

فقد تصدَّق بكل ما يملك مرتين، ووزَّعَ نِصفَ مالِهِ مرتين، وصلى رجلٌ بجانبِهِ فقال في دعائِه: «اللهم إني اسألُكَ عشرةَ آلافِ درهمٍ»  فانصرفَ الحسنُ وبعث بها إليه.

ومِن أخلاق السيادةٍ، الحِلمُ والرزانةُ، وكان الحسنُ رضي الله عنه يُعلَّمُ الناسَ قائلاً: «إن الحِلمَ زينةٌ،والوقارَ مُروءةٌ، والعَجَلةُ سَفَهُ، والسِفهُ ضعفٌ..» ومن أعلى أخلاق السيادة تقوى الله، وإيثارِ الآخرةِ على الدُنيا.

حجَّ الحسنُ خمسَ عشرةَ مرةً، حجَّ حثيرا منها ماشيا من المدينة إلى مكة، ومعهُ النوق النجائِبُ (الأصيلةُ السريعةُ). كما تنازلَ عن الخلافةِ، لا لِذِلّة، ولا لِقِلةٍ، ولا لعلةٍ، بل حقْناً لدماء المسلمين.

 

ومن قولِهِ في ذلك:«ما أحببتُ منذ علمتُ ما ينفعني وما يضرني أن ألي أمرَ أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم، على أن يُراقَ في ذلك مِحْجمةُ دمٍ» (المِحْجمة: إناء في حجم الفنجان الصغير). ولما تنازَل عن الخلافة قال بعضُ أصحابه: يا عارَ المؤمنين!!

فقال رضي الله عنه: «العارُ خيرٌ من النارِ». ومن كلماتِهِ الغالية في ذلك: «إنَّ أكيَسَ الكَيْسِ التقى، وأحمقَ الحمْقِ الفُجورُ».

وأنت تعلمُ أيها الشابُّ الذكيُّ، أنه بعد مقتلِ أمير المؤمنين عثمانُ بن عفان رضي الله عنه، تولى الخلافةَ عليُّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، وقامت بينه وبين معاويةَ بن أبي سُفيان حروبٌ طويلةٌ، فلما قُتِلَ عليُّ غدرا، تَولى الخلافةَ بعدَهُ ابنُه الحسنُ.

 

فمنذ تولاها ظلّ يذكر قولَ الرسول، صلى الله عليه وسلم، على المنبر «إن ابني هذا سيدٌ، ولعل اللهَ يُصلحُ به فئتين من المسلمين».

وبالفعل تصالح مع معاوية سنية 41 ه، وحَفِظَ دماءَ  المسلمين ووحدتَهم ، ولذلك سمي عام 41 ه «عام الجماعة».

رَجَعَ الحسنُ بعد هذا الصلح من الكوفة إلى المدينة، وتفرَّغَ لنشر العلم والعبادة، وبذْل الخير للمسلمين حتى لقيَ ربَّهُ راضياً مرضياً سنة 50ه، وارتجّتْ المدينةُ لموتِهِ صِياحا، فلا تَرى إلا باكياً، ودُفِنَ بالبقيعِ، بجانب والدتِهِ السيدة فاطمةُ الزهراء .

وبُشراهُ رضي الله عنه، قولُ الرسولِ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «الحَسنُ والحُسيْنُ، سيِّدا شبابِ أهلِ الجنةِ»!!

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى