شخصيّات

نبذة عن حياة مُفجِّر الثورة الفلكية “نيكولس نيكوس”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

مُفجِّر الثورة الفلكية نيكولس نيكوس شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

إذا ذكرنا كوبرنيكوس (شكل رقم 29) اليوم فإننا لا نذكره أسقفاً ورعاً ولا طبيباً مؤاسياً ولا مُصلحاً اقتصادياً، بل نذكره فلكياً ألمعياً.

فقد أوقف الأستاذ والطبيب وقت فراغه علي دراسة السموات.

ومع أن الأدوات الفلكية التي كان يعتمد عليها كانت بدائية وقليلة لأنه اشتغل بالفلك قبل اختراع المراقب، إلَّا أن هذا لم يضعف من عزمه المشبوب لسبر أغوار الكون ومعرفة مكنوناته وأسراره، بل شحذه.

وقد أشارت نتائجه إلى أنه كان راصداً مُدقِّقاً ومستخدماً بارعاً لأدواته القاصرة على أوفى وجهٍ وأتمه.

 

نفوذٌ.. وكفاءة

ولد نيكولس في بلدة ثورن على نهر الفستولا عند حدود بروسيا في 19 فبراير عام 1473.

وكان أبوه تاجراً وقاضياً وعيناً من أعيان البلدة وأمه شقيقة احد الأساقفة. وقد كان لهذه القرابة شأن كبير في حياة عالمنا.

وما يُعرف عن طفولة نيكولس وحداثته نزر لا يروي غليلاً. ولكن يبدو أنه تلقى مبادئ اللغتين اليونانية واللاتينية في منزله فلما نال منهما نصيباً بُعث به إلى جامعة كراكو ليتعلم صناعة الطب فيها.

وما لبث حتى شعر بميلٍ خاصٍ لدراسة العلوم الرياضية والفلسفية والطبيعية، فأقبل عليها ولم يُنحِّ الطب جانباً.

وكانت لدراسة الفلك في ذلك الوقت أهمية عظمى، إذ كانت التجارة البحرية تنمو مسرعة ومجال رحلاتها يبتعد شيئاً فشيئاً عن المعمورة.

فعندما كان نيكولس في التاسعة عشرة كان كولومبوس قد عبر المحيط واكتشف أمريكا.

وكان فن الملاحة يعتمد على جداول فلكية مضبوطة. كذلك كانت هناك ضرورة لوضع تقويمٍ مضبوطٍ حتى يمكن الاحتفال بالأيام الكنسية المقدسة في موعدها تماماً.

 

وقد تبدو الظروف التعليمية لنيكولس غريبة لنا. فقد انتقل من جامعة كراكو إلى مدرسة القانون بمدينة بولونيا بإيطاليا، وهناك تابع دراسته في جامعة بادوا، وأخيراً حصل على إجازة الدكتوراه في القانون من جامعة فرار عام 1503.

وتلقى نيكولس أثناء دراسته نبأ تعيينه بالكنيسة بفراونبرج. ويرجع هذا التعيين إلى نفوذ خاله الأسقف، كما يرجع كذلك إلى كفايته الخاصة.

فقد تمرَّس باللاهوت والفلسفة وحصل على الدكتوراه في القانون الكنسي ودرس الطب وألمَّ باللغتين اللاتينية واليونانية وقرأ كثيراً من مأثورات اليونان والرومان في الفلسفة والرياضيات والعلوم.

أتم كوبرنيكوس دراسته وهو في الثالثة والثلاثين، وعاد إلى بولندا ليرعى خاله، وكان قد أدركه عجز الشيخوخة .

وبعد وفاة خاله عاد إلى وظيفته في فراونبرج ليعمل قانوناً للكاتدرائية، واستقر هناك في أحد أبراج السور الدفاعي المحيط بها حيث كان مرصده ولا يزال هذا البرج قائماً ومعروفاً باسمه: برج كوبرنيكوس.

 

من وراء … الجدران!

اشتغل كوبر نيكوس بالفلك، كما أسلفنا، قبل اختراع المراقب، لذا كان يستخدم أشياء بدائية.

عمد إلى بعض الجدران في داره فأحدث فيها شقوقاً، وجعل يُراقب من خلالها عبور النجوم لخطٍ معين. وقاس ارتفاعها فوق الأفق عند عبورها، بواسطة (رُبع) اخترعه، من خلال تلك الشقوق.

ولم يلبث كوبرنيكوس حتى مال إلى دراسة حركة الكواكب، ودوَّن مشاهداته في جداول كانت من أفضل ما عُرف في عصره، بل ظلَّت مُعتمد الفلكيين قروناً بعده. وكانت هذه الجداول باعثاً لعالمنا على إخراج النظام الكوبرنيكي الذي ثلَّ به عرش النظام البطليموسي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى