نبذة عن نشوء رياض الأطفال في الكويت والتطوير الشامل الذي شهدته
1995 مستويات النمو العقلي
الدكتور محمد مصيلحي الأنصاري
KFAS
نشوء رياض الأطفال في الكويت والتطوير الشامل الذي شهدته العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
حظيت رياض الأطفال في دولة الكويت برعاية الدولة واهتمامها ، للدرجة التي يمكن أن نعتبر فيها دولة الكويت ، من الدول القليلة على مستوى العالم العربي التي بذلك الكثير في سبيل الارتقاء بمستوى تربية طفل ما قبل المدرسة.
وقد تمثل هذا الاهتمام في توفير كافة الإمكانات اللازمة لتحقيق أهداف رياض الأطفال ، والعمل على تطويرها بما يتفق والاتجاهات التربوية المعاصرة، وتكفي الأطفال ، والعمل على تطويرها بما يتفق والاتجاهات التربوية المعاصرة.
وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أن عدد الأطفال الكويتيين المسجلين في رياض الأطفال في العام الدراسي 84/1985 قد بلغ 33% تقريباً من بين الأطفال الكويتيين في العمر من 3-6 (الفقي، 86:22)
في حين أن المسجلين من هؤلاء الأطفال في رياض الأطفال بعد خمس سنوات فقط أي في العام الدراسي 89/1990، قد بلغ 92,3% (العبد الغفور، 1990/89)، ولعل هذا التزايد الريع في عدد الأطفال المسجلين في رياض الأطفال لا يؤكد فقط الاهتمام المضاعف من طرف الأجهزة المعنية في النظام التعليمي بدولة الكويت ، بل إنه يكشف أيضاً عن تزايد قناعة أولياء أمور الأطفال بأن هذه المؤسسات التعليمية وما يتوافر لها من إمكانات مادية وبشرية يعد مكاناً مناسب لإعداد أبنائهم وتوفير أقصى فرص النمو لهم .
وترجع نشأة رياض الاطفال في دولة الكويت إلى العام الدراسي 54/1955 اثر مجىء الخبيرين التربويين إسماعيل القباني ومتى عقراوي عام 1954 واطلاعهما على أوضاع التعليم ومراحله المختلفة والتوصية بضرورة تأسيس رياض للاطفال في الكويت ، يدخله الأطفال في عمر الرابعة ويبقون فيها عامين لكي يتعلموا العادات الصحية والنظافة وآداب السلوك ومعايشة الأطفال الآخرين والألعاب والحركات الإيقاعية وشيئاً من الرسم وأعمال الطين.
وغير ذلك ودون أن يتعلموا القراءة والكتاب بشكل منظم (القباني ، وعقراوى ، 1954: 23) . ولقد حظيت رياض الأطفال بالإقبال المتزايد من قبل أولياء الأمور ، الامر الذي شجع إدارة المعارف على إنشاء المزيد منها سنوياً حتى بلغ عددها بعد عشر سنوات ثلاثون روضة منتشرة في جميع مناطق الكويت السكنية ، وبعد أن كانت البداية بروضتين الثنتين فقط هما روضة طارق وروضة الملهب – (وزارة التربية، 1964: 35) .
والحقيقة أن اهتمام الباحث لم يكن منصباً على تتبع نشأة رياض الاطفال بدولة الكويت لبيان متى أنشئت تلك الروضة أو كم كان عدد الاطفال في عام دراسي معين ، أو ما شابه ذلك من تساؤلات ، إن تتبع الباحث لنشأة رياض الأطفال هدف في المقام الأول إلى الكشف عما تبنته هذه الرياض من أهداف وبرامج وانعكاس هذه الأهداف والبرامج على ما يقدم للطفل من خبرات وإلى اي مدى اثرت هذه الخبرات أو كان من الممكن أن تؤثر في تطور قدراته العقلية المعرفية بصفة خاصة.
إن المتتبع لتطور نشأة رياض الأطفال في الكويت يجد أن هذه المرحلة ظلت فترة تعمل في حدود أهداف ضمنية غير واضحة ، مثل توفير الرعاية الصحية ، أو السعي لاكساب الطفل عادات سليمة ، أو في أحسن الأحوال العمل على تهيئة الطفل للمرحلة التعليمية التالية.
وحيث كان الشعور السائد عند أغلب المسئولين عن هذه المرحلة هو أن الامر لا يتطلب أكثر من وجود معلمة ترعى الاطفال دون أن تضغط عليهم أو تقيد حرياتهم ، لذا فإن دائرة المعارف لم تضع منهاجاً محدداً للرياض ، حيث تركت للمعلمات حرية اختيار ما يرونه مناسباً لعمر الأطفال في هذه المرحلة (Nashif, 1985, P. 15).
غير أن التزايد المستمر في أعداد الروضات ونمو عدد الأطفال الملتحقين بها ، أظهر الحاجة الماسة إلى الاتفاق على مناهج محددة تسير عليها معلمات الرياض ، فظهرت لأول مرة توجيهات وخطوط عامة لأنشط الرياض ولخططها الدراسية في العام الدراسي 56/1975، على أن تترك التفاصيل لطبيعة كل روضة وظروفها.
ولعل أهم ما ورد في هذه التوجيهات والخطوط العامة بصرف النظر عما يتعلق بالإدارة بالمدرسية وشروط القبول وغيرها هو النص على أن تكتسب عما يتعلق بالإدارة المدرسية وشروط القبول وغيرها هو النص على أن تكتسب الخبرات التي يمر بها الطفل من خلال مواد التربية الدينية واللغة العربية ، الحساب ، العلوم والصحة ، التربية الفنية ، التربية البدنية والتربية الموسيقية.
هذا بالإضافة إلى اللعب والأنشطة المختلفة (وزارة التربية ، 1968: 12) ، وأن اليوم المدرسي يبدأ من الثامنة ويستمر حتى الرابعة ، حيث يقضي الأطفال يومهم بأكمله في الروضة ، في محاولة للتعلم عن طريق اللعب والأنشطة مع تثبيت مواعيد الحصص والدروس كأي مدرسة ابتدائية.
كما كان مسموحاً للمعلمة أن تختار من مناهج الصفين الاول والثاني في المرحلة الابتدائية ما تراه مناسباً لتقديمه للأطفال في الروضة ، مستخدمة في ذلك ما تستطيع من وسائل الإيضاح والطرق التي تجذب إنتباه الأطفال.
كما تضمنت هذه التوجيهات خطة دراسية تفصيلية تحدد كم حصة لكل مادة دراسية في كل من المستويين الأول والثاني ، الأمر الذي بدا وكأنه منهج مواد دراسية منفصلة دون مراعاة للاصول الفلسفية والأسس النفسية لمرحلة الرياض (العبد الغفور، 1990: 100) .
ومع ذلك فلقد استمرت وزارة التربية (الاسم الذي أطلق على إدارة المعارف عقب استقلال الكويت في 1961) في جهودها المتواصلة من أجل تطوير رياض الأطفال ، تطويراً شمل الأهداف والنظم واساليب العمل ، استجابة للأحداث في مجال تربية الطفل وتعليمه (وزارة التربية ، 1962 : 23-35)
وحيث تركزت الأهداف على نمو الطفل وتدريب الحواس والاهتمام باللعب كأسلوب تربوي يساعد على اكتساب الخبرات وتنمية القدرات ، وقد اسفرت الجهود والاهتمامات المتزايدة برياض الأطفال عن إنشاء إدارة خاصة برياض الأطفال في العام الدراسي 66/67 تكون مهمتها الإشراف على جميع الروضات ومتابعة أهداف وتطوير نظم العمل فيها.
واستناداً إلى ما جاء في اختصاصات هذه الإدارة واقسامها ، قام قسم التوجيه الفني بمهمة وضع أساليب وطرق جديدة للتدريس ، كما تم صياغة أهداف الرياض بحيث اشتملت على تنمية شخصية الطفل ، تعويد الطفل على السلوك والتقاليد التي تؤهله لحياة مستقبلية سليمة ، وتعويد الطفل السيطرة على عضلاته ، وتنمية القدراست الحسية والذهنية عند الطفل مع تعويده الاعتماد على النفس ، وإعداد بيئة تربوية مناسبة يكتسب الطفل خلالها الخبرات التي تساعده على النمو السليم (وزارة الرتبية ، 1962: 34) . وعلى الرغم من أن إعادة صياغة أهداف الرياض.
اعتبر بمثابة خطوة على الطريقن إلا أن ذلك لم يواكبه تصميم برنامج يحقق تلك الأهدفا ، بل استمرت الرياض تسير على نظام الحصص ومنهج المواد واستمر هذا الوضع إلى أن تولت إدارة رياض الأطفال بالتعاون مع إدارة المناهج والكتب الدراسية مهمة إعداد مشروع لمنهج تسير عليه الرياض جميعها يشتمل على كل ما يقدم للطفل من خبرات ومهمات خلال تواجده في الروضة.
مع مراعاة عمره الزمني والعقلي ، وكان ذلك في العام الدراسي 67/1968 (وزارة التربية، 1968) ولم يتقصر الأمر على إعداد منهج تلتزم به جميع الروضات ، بل لقد صاحب ذلك إعداد بعض الدورات التدريبية للناظرات والمعلمات ، وتوفير الألعاب التربوية والوسائل والأجهزة المناسبة ، إعداد دليل لتنمية الحواس وأخر للنشاط الحركي والفني مع تطوير البرنامج اليومي للطفل في الروضة .
ولم تكن هذه التغيرات على أهميتها إلا مقدمة للتطوير الشامل الذي شهدته الرياض في دولة الكويت اعتباراً من مطلع السبعينيات ، وذلك إثر مجموعة من الدراسات الميدانية (المشعان والناشف ، 1972) أسفرت عن إعادة النظر في منهج المواد الدراسية ووضعت أهدافاً ومحتويات جديدة تساعد على تحقيق النمو الشامل والمتكامل لطفل الروضة.
استمر هذا المنهج الجديد معرضاً لإدخال التعديلات الممكنة وطبقاً لتقارير لجان تقويم المناهج في رياض الأطفال اعتباراً من العام الدراسي 74/1975 فصاعداً ، إلى أن توصل المسئولون والخبراء في إدارة رياض الأطفال وكل الأجهزة المعنية في وزارة التربية وخارجها إلى أن تنظيم المنهج في رياض الأطفال بطريقة تخصصية وعلى أساس مواد دراسية او خبرات منفصلة بالإضافة إلى تقسيم اليوم المدرسي للطفل إلى حصص مختلفة لم يعد ملائماً ولا متفقاً مع الاتجاهات التربوية المعاصرة في تربية الطفل ولا يتناسب مع تكوينه ونظرته الكلية للأمور (وزارة التربية ، 1980)
وعلى هذا الأساس فقد تم اختيار منهج الوحدات القائمة على الخبرة ، باعتباره اكثر أنواع المناهج ملاءمة لرياض الأطفال ، حيث لا توجد مواد دراسية منفصلة ، إنما يوجد بعض الخبرات اللغوية والعلمية والعددية تقدم جميعها بصورة متكاملة.
وأصبح المنهج لا يرتبط بمادة دراسية بل ينبع من حاجات الأطفال وميولهم ويعتمد على خصائصهم النفسية بهدف تحقيق النمو المتكامل والمتوازن للطفل الذي اصبح هو محور العملية التربوية .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]