نسيج العلاقات بين الأشخاص في الحقوق والالتزامات الصحية
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
أدت براجماتية توزيع الأهليات النادرة والسماح بإمكانية تدمير الحريات، إلى وصف الحقوق بأنها "حلول لمشاكل من تصميم المؤسسات" (جيبارد 1984، ص94).
بيد أن مثل هذا التصميم يجب أن يراعي حقيقة أن هذه الحقوق موجودة في نسيج العلاقات بين الأشخاص. فإن حقوق شخص ما أو جماعة معينة تعتبر التزامات بالنسبة للآخرين: لتوفير أحقية الأهليات أو لتجنب انتهاك أحقية الحرية.
وتقتضي دعاوى كل من حقوق الرفاهة أو الأهليات والحقوق والاختيارية أوالحريات أن يكون هناك حق غير محدد لممارسة التحكم في سلوك الآخرين.
ويتضمن ذلك كلا من الأفراد والمؤسسات التي لها صلة بأنشطة الحياة اليويمة للمجتمع: "فكل المعاني المدركة، بصرف النظر عن اختلاف محتواها أو مضمونها، تعني بالكيفية التي يجب أن يمارس بها الأشخاص افعالهم تجاه بعضهم البعض" (جيويرث Gewirth، 1984، ص 12).
ويتفق هذا الرأي مع الرأي الذي يعتبر الحق جزءا من البنيان الاجتماعي وعنصرا ماديا من الثقافة بما تتضمنه من قيم أساسية.
وفي إطار أي حقوق اجتماعية ثقافية خاصة فإن التقيد بها يجسد القيم الخاصة بلحظة معينة من لحظات التايخ.
وكما هو مذكور في الفصل الثاني فإن ميثاق الولايات المتحدة للحقوق قابل للتفسير بمعرفة المحكمة العليا، كما يمكن للتكنولوجيا المتقدمة أن تعبر عن معاني بعض المفاهيم مثل مفهوم الخصوصية.
أما بالنسبة للأطباء الذين درسوا الطب الغربي فقد كانت القيمة الأولية المقبولة هي حق المريض في الاستفادة من العلاج "الأمر الذي يكمن في المسئولية الطبية عن المصلحة الفضلى للمريض أو المريضة".
وكان هناك اعتراف بذلك منصوص عليه في قواعد الأخلاق الطبية لدى الأوائل من الأبوقراطيين والصينيين والهنود.
وكان له أهمية محورية في أعقاب الحرب العالمية الثانية ظهرت في الإعلانات التي أصدرتها الجماعات غير الحكومية، بدءا من ميثاق نورمبرج (1947)، وهو الميثاق الذي انبثق عن أشكال الاستغلال الطبي للاسرى الجرحى والضعفاء بواسطة النازيين.
ومن المواثيق الخاصة بالأخلاقيات الطبية إعلان جنيف (1948) الذي أصدرته الجمعيات الطبية العالمية، وميثاق الأطباء الهنود (1956)، وقسم الأطباء السوفييت (1971)، والمبادئ الاخلاقية للجمعية الطبية الأمريكية (1981)، ومبادئ الأخلاق الطبية لمجلس المنظمات العالمية للعلوم الطبية التابع للأمم المتحدة (1982).
فجميع هذه المواثيق تتعلق بحقوق ورفاهية الفرد المريض، وهي تتمشى تماما مع التقاليد الكانتية (نسبة لإيمانويل كانت) التي تحتم احترام الرد بذاته باعتبار أنه عضو في مجتمع أخلاقي.
بيد أن كل هذه المواثيق الطبية تجسد نوع من السلطة الأبوية الضمنية التي قد تكون متعارضة مع فكرة الاستقلال الذاتي للمريض.
الرفاهة والمخولات الصحية كحقوق للإنسان
يعتبر الاقتناع بأن حق الصحة من حقوق الإنسان، التي تحظى باعتراف قانوني، نتيجة طبيعية لفرضية أن من واجب الحكومات أن "تهيئ الاستمتاع" بالحريات والمخولات الأخرى التي تعتبر حقا لكل كائن بشري (بويرجنتال Buergenthal، 1989، ص3).
بيد أنه طبقا لما يذكر رويمر Roemer (1989) رغم أن "الظاهر انه لا يمكن ضمان الصحة الجيدة لشخص ما"، نظرا لأن حق الصحة ذاته لا يمكن أن يجبر عليه أحد، فالأجدر بنا أن نتحدث عن "حق الرعاية الصحية" (ص 17).
فمسئولية الدولة عن صحة الفرد وصحة الرعايا، أو بمعنى آخر الحق القانوني في الصحة قد حدده أرسطو منذ القرن الرابع قبل الميلاد حيث كتب عن "حق مطلق في قدر جيد من الصحة، نظرا لأن المجتمع، والمجتمع وحده هو الاقدر على منح هذا الحق" (رويمر 1989ص 17).
ولقد تضمنت مسودة الإعلان الأوروبي لحقوق المرضى سنة 1989 حماية الدولة التمتع بالرعاية في النص على المساواة الصحية كهدف من أهداف الدول الأعضاء إلى جانب الالتزام بضمان المستوى الجيد من الرعاية (منظمة الصحة العالمية، 1989).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]