علوم الأرض والجيولوجيا

نشأة وتطور المحيط الحيوي

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

المحيط الحيوي نشأة المحيط الحيوي تطور المحيط الحيوي علوم الأرض والجيولوجيا

يقصد بالمحيط الحيوي، ذلك الجزء من الغلاف الأرضي بما فيه من يابس وماء وما يحيط به من هواء، حيث تعيش الكائنات الحيّة بأشكالها المختلفة.

ويتناول موضوع الكيمياء الحيوية الأرضية Biogeochemistry تفاصيل نشأة المحيط الحيوي والتغيرات التي حدثت لكيمياء المحيط الحيوي منذ نشوء الكائنات الحيّة وخلال الأزمنة الجيولوجية المتعاقبة.

وتتفاعل مكوّنات كل من الغلاف الجوي والمحيط المائي واليابسة والمحيط الحيوي كيميائياً بعضها مع بعض.

 

ويرتبط المحيط الحيوي بشكل خاص بالمواد العضوية غير الحيّة التي توجد في القشـرة الأرضية والتي يمكن أن يطلق عليها المحيط الكربوني.

ومما يجدر ذكره أن معظم التفاعلات التي تتم في المحيط الحيوي هي من نوع التفاعلات المعكوسة، فالعناصر الكيميائية تنتقل إلى داخل الكائنات الحية ثم تطرح ثانية بفعل عملية الأيض الغذائي، أو عند موت هذه الكائنات حيث تعود لتندمج في كائنات حيّة أخرى ، وهكذا، ويطلق على هذه العمليات بالدورات البيوجيوكيميائية.

على أن هناك بعض المواد العضوية التي تبقى مدفونة على أعماق بعيدة داخل القشـرة الأرضية، ومثل هذه المواد يتعذر استخدامها في الدورات الحيوية.

 

وأول من أدرك أهمية دور الكائنات الحيّة في العمليات الجيوكيميائية لامارك (J. B. Lamarck) وسويس (E. Suess) وليبيج (J. Liebig) وغيرهم من الباحثين في القرن التاسع عشـر.

ولم تتوفر بيانات مصنفة ومترابطة خاصة بموضوع الجيوكيمياء إلا في بداية القرن العشـرين.

ويعتبر العالم الروسي فردانسكي ((V. I. Verdansky (1863-1945) هو مؤسس هذا العلم. وهناك عدد آخر من روّاد هذا العلم مثل فينجرادوف (A. P. Vinogradov) روسيا ود. برتراند (D. Bertrand) و. ج. برتراند (G. Bertrand) (فرنسا) وكلارك (F. W. Clarke) وهتشينسون (G. E. Hutchinson) (الولايات المتحدة الأمريكية).

 

نشأة المحيط الحيوي:

 تشير البيانات الطيفية الخاصة بالنجوم وبالفضاء الواقع بين النجوم والأجزاء السماوية الصغيرة إلى أن الغازات البسيطة مثل: الميثان وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون والأمونيا وبخار الماء تتوافر بكميات وفيرة في الكون.

ولقد أثبتت التجارب العديدة التي أجريت أن الغازات المبيّنة أعلاه يمكنها أن تتكاثف وتتحول إلى جزئيات عضوية مركبة التعقيد بفعل الأشعة المتأيّنة أو عند تعرضها لشحنات الكهربائية. ومما يجدر ذكره أن التولّد الذاتي تتصف به المركبات الكربونية يعتمد جزيئاً على الأمور التالية:

1- غياب خاصية الدوران البصـري، والتي هي من خصائص النواتج العضوية التي تحتوي على جزيئات غير متماثلة الترتيب.

2- البرافينات وغيرها من الفحول الهيدروجينية لا تظهر ميلاً واضحاً نحو تكون سلاسل كربونية ذات أرقام مفردة، كما هو الحال في المنتجات ذات التطور الوراثي الحيوي.

3- تصل نسبة الكلور العضوي في المركبات الكربونية إلى حوالي 5%، في حين أن المركبات الكلورية نادراً ما توجد في الكائنات الحيّة.

 

هذا ويوجد عدد من المركبات العضوية التي لا تزال محفوظة في القشـرة الأرضية منذ عهود يعود تاريخها إلى ما قبل نشأة الحياة على هذا الكوكب.

فقد وجد على سبيل المثال كميات صغيرة من الأحماض الأمينية التي أمكن التعرّف عليها في شجرة تين متحجرة في جنوب أفريقيا والتي يرجع تاريخها إلى حوالي 3,200,000,000 سنة. ومن المحتمل أن تكون هذه الترسبات قد استقرّت قبل نشأة الحياة.

 

تطور المحيط الحيوي: 

لعلنا لا نعلم إلا الشـيء اليسير عن التغيرات الكيميائية التي حدثت أنثاء تطور المحيط الحيوي منذ نشأة الكائنات الحيّة وحتى يومنا هذا.

ومن المحتمل أن يكون تطور الكائنات الحية ذات البناء الضوئي في البحار في أواخر عصـر ما قبل الكمبرى (Precambrian) قد أدّى إلى تغير الدورات الجيوكيميائية لبعض العناصر الأمر الذي نتج عنه إطلاق كميات كبيرة من الأكسجين نحو الغلاف الجوي.

 

المواد الحيّة: تحدث المواد الحيّة في البيئة يتوفر فيها الماء في الحالة السائلة مع وجود مصدر للطاقة من أجل عملية الأيض الغذائي.

ويمكن التمييز بين نوعين من الكائنات الحيّة بالنسبة للأنشطة الجيوكيميائية:

1- الكائنات الحيّة التي تحتوي على صبغة الكلوروفيل والتي تعمل على استخدام الطاقة الضوئية كالطحالب ذات الصبغة الخضـراء، والبكتيريا التي تقوم بعملية البناء الضوئي، والنباتات الراقية.

2- الكائنات الحيّة التي تفتقر لعملية النباء الضوئي كالفطريات والفيروسات والحيوانات وغيرها. وهناك الكائنات التي لا تحتوي على الكلوروفيل ومثل هذه الكائنات تعمل على تحرير الطاقة المختزنة عن طريق أكسدة هذه المواد من خلال عملية التنفس.

 

وفي المحيط الحيوي ككل فإن النباتات الخضـراء من الناحية الجيوكيميائية تزيد أهميتها عن الكائنات الحيّة المُستهلِكة، وذلك فيما يتعلق بالكتلة الحيوية (Biomass) وعملية الأيض الغذائي.

وعلى أية حال فإن النباتات التي تتمتع بخاصية البناء الضوئي غير قادرة على البقاء بصفة دائمة على أعماق تزيد عن 100 متر في الغلاف المائي؛ أو على أعماق تزيد عن عدة أمتار تحت سطح التربة، وذلك بسبب نقص الضوء.

إذ أنه في مثل هذه البيئات فإن جميع الأنشطة الكيميائية الحيوية تنشأ عن الحيوانات والكائنات الحيّة الدقيقة التي لا تتمتع بخاصية البناء الضوئي.

 

ومع أن الكتلة الإجمالية للمواد الحيّة في المحيط الحيوي لم يتم تقديرها بدقة، إلا أن وزنها يبلغ حوالي س ×10 17 غرام (حيث س تشير إلى عدد صحيح صغير) أي ما يعادل 20 س ملليغرام لكل سنتمتر مربع من سطح الأرض.

وتقدّر كمية ثاني أكسيد الكربون (CO2) التي يتم تثبيتها سنوياً في المحيط الحيوي بواسطة عملية البناء بحوالي 7×10 16 غرام من الكربون. على أن القيمة الحقيقية لا تقل عن نصف الكمية المبيّنة آنفاً ولا تزيد عن ضعفها.

هذا وتشكل عملية البناء الضوئي التي تتم بواسطة النباتات البحرية ثلثي مجموع عمليات البناء الضوئي على الأقل التي تحدث في المحيط الحيوي. وتحدث معظم عمليات البناء الضوئي على اليابسة في الغابات، تليها الأراضي المزروعة ثم أقاليم الاستبس ثم الصحارى.

 

التركيب الكيميائي للكائنات الحية:

إن أفضل وصف يمكن أن يطلق على الكائن الحيّ هو أنه نظام غروي معقد. ويمكن التمييز بين المادة الحيّة أو التي كانت حية، وبين المادة غير الحيّة، هو أن المادة الحيّة تتكون من جزيئات غير متماثلة الترتيب.

هذا ويبلغ عدد العناصر الكيميائية التي من المحتمل أن تدخل في تركيب المادة الحيّة 88 عنصـراً، وقد أمكن التعرّف على وجود 71 عنصـراً من هذه العناصر في المادة الحيّة، وإن كان ثلاثة من هذه العناصر وهي (نيوبيوم، زيركونيوم، تنتالوم) لا زالت موضع شك وبحاجة للتأكد من وجودها في المادة الحيّة.

ومن أهم العناصر التي تدخل في تركيب المادة الحيّة: الهيدروجين (H) والكربون (C) والنيتروجين (N) والأكسجين (O).

 

وتكوّن هذه العناصر حوالي 96% إلى 99% من وزن المادة الحيّة – باستثناء الهيكل العظمي – وهذه العناصر تدخل في تركيب المجموعات الرئيسية الأربع المكوّنة للبروتوبلازما، (أي المادة الرئيسية الحيّة في الخلايا الحيوانية والنباتية)، وهي: الماء (89.4% أكسجين و 10.6% هيدورجين بالوزن)، والبروتينات (51.3% كربون و 22.4% أكسجين و 8/17% نيتروجين و 6.9% هيدروجين بالوزن)، والكربوهيدرات – (49.4% أكسجين، 44.4% كربون 6.2% هيدروجين بالوزن)، والدهون (69.0% كربون و 17.9% أكسجين و 10.0% هيدروجين بالوزن).

 

أما بالنسبة لعدد ذرات هذه العناصر الأربعة في المواد الحيّة فإنها تتناقص حسب الترتيب التالي: الهيدروجين> الأكسجين > الكربون > النيتروجين. أما بالنسبة للهياكل العظمية فإنها تتكون من مركبات عضوية كالسيلولوز والخشبين والكيتين، أو من مركبات عضوية مثل كربونات الكالسيوم وثاني أكسيد السيليكون وفوسفات الكالسيوم.

وهذا يوضح الجدول التالي درجة تركيز العناصر الكيميائية في النباتات الأرضية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى