وسائل قديمة لتفادي الإصابة بوباء الطاعون
1995 أمراض لها تاريخ
حسن فريد أبو غزالة
KFAS
وباء الطاعون أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة
ففي تلك الأيام كان الناس يتحاشى بعضهم بعضاً، وكان الطبيب يلبس زياً غريباً، ويضع على وجهه قناعاً على هيئة منقار حتى يتقي العدوى، ثم يتبعه الخدم ليشعلوا النيران، ويحرقوا البخور، ويرشوا العطور لقتل الداء، وهم في علاجهم لا يتعدون تعطير المرضى وحجامتهم وإعطائهم المسهلات وشراب الترياق.
بل شطحت قناعتهم إلى حد صناعة صابون يحتوي على صديد دمامل من مرضى الطاعون يستغلونه للوقاية منه عملاً بالحكمة "وداوني بالتي كانت هي الداء"!!!
ولقد شكلوا فرقة من الجند أطلقوا عليها اسم شرطة الطاعون، تمارس صلاحيات مطلقة بلاد حدود، فهم يغلقون أبواب البيوت على من فيها إذا كان هناك مريض، فيمنعنون خروج أي إنسان ولو كان زائراً، ثم يرسمون على الباب صليباً أسود أو يضعون حزمة قش عليه، ويكتبون عبارة "فليرحمنا الله" يطلبون بها الوقاية والحماية من الرب… لقد كرههم الناس أيما كره؛ لهذا كانوا يعمدون إلى التحايل للخروج أو الهرب أو ربما كانوا يعتدون على الحارس المكلف بتنفيذ الأوامر الصارمة.
فيما كان الحراس أيضاً يقتلون كل من يحاول الهرب أو الإفلات من قبضة الإقامة الجبرية اللاإنسانية، أما على نطاق المدن فقد كان يمنع من دخولها أي إنسان إلا من يحمل شهادة طبية تثبت أنه قادم من منطقة غير موبوءة، ومن يتحايل على هذا الأمر ينال عقوبة الإعدام.
أما القادمون على السفن التجارية فيلزمون حَجراً صحياً مدته أربعون يوماً، يقيمون خلالها تحت المناظرة والمراقبة في أكواخ أقيمت لهم خصيصاً خارج المدينة غير أن هذا كله لم يمنع النار من أن تستشري، وعندما يثور السؤال عن السبب فعادة ما تُلقى التهمة على اليهود الذيم سممون الآبار، ويلوثونها المياه ويطلقون الأخبرة السامة بغرض التخلص من المسيحيين الصالحينّ وحين اتهموا يوماً طبيباً يهودياً معروفاً بتسميم المياه عذبوه عذاباً شديداً حتى اضطر أن يعترف بجريمته للخلاص من وسائل التعذيب الوحشية بأنه سمم المياه فعلاً بخليط من سم الأفاعي والعقارب والضفادع ومسحوق قلوب المسيحيين !
لهذا فقد أحرقوا بعدها أحياء اليهود عن بكرة أبيها بمن فيها وهم أحياء بعد هذا الاعتراف الملفق بل فرضوا على اليهود في مدينة فرانكفورت ضريبة سميت باسم ضريبة الفئران ومقدارها 5000 ذيل فأر في كل عام.
وهكذا كانت الأمور تسير، غير أن بعضاً آخر ذهب إلى اتهام شرطة الطاعون أنفسهم والمتحالفين معهم من حفاري القبور الذين يتكسبون من عملهم ما دام المرض مستشرياً.
بل ذهب الخيال ببعضهم إلى اتهام بعضهم الآخر بتلويث الحوائط بفضلات المرض، أو وضع الطعام في أفواههم، ثم بيعه للناس حتى يصابوا بالوباء … إنه عمل يستحق عقوبة القتل أو الإغراق في الماء.
لقد كانت الحياة ظلاماً دامساً أعطى الفرصة للمرض كي يستشري؛ لهذا لا غرابة أن كانوا يجمعون الموتى من أمام أبواب المنازل بمثل ما نجمع اليوم أكياس القمامة كل يوم في الصباح ليدفنوهم في مقابر جماعية خارج المدينة وبعدها يحرقون البيت خلاصاً من شبح الموت.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]