الكيمياء

وسائل مختلفة استخدمها العلماء قديماً لصنع واكتشاف “العناصر الكيميائية”

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

اكتشاف العناصر الكيميائية الكيمياء

عرف الإنسان منذ قديم الزمان بعض العناصر الكيميائية .  فمنذ آلاف السنين عرف الناس الذهب والحديد والنحاس والفضة . 

وفي العصور الوسطى اكتشف الإنسان عدداً آخر من العناصر في الطبيعة مثل الزنك والبلاتين والفسفور والارسين والأنتمون والبزموت .  وما إن انتهى القرن الثامن عشر حتى كان هناك ثلاثون عنصراً معروفاً ، وقد تضاعف هذا العدد ليصبح ثلاثة وستين عنصراً في عام  1865

وبعد عدة أعوام ظهر جدول مندليف الذي ينظم هذه العناصر بشكل نظامي في جدول دوري .  وكان هذا العمل العبقري دافعاً لاكتشاف العديد من العناصر في الطبيعة .  ويلاحظ أن الشيء الذي يميز جميع العناصر المذكورة هو أنها متوافرة في الطبيعة وبكميات متفاوتة .

 

لكن أول عنصر اصطنعه الإنسان هو التكتينيوم ، وهو العنصر (43) في الجدول الدوري ، وكان ذلك عام 1936 على يد العالم الإيطالي سيغري (E.G Sergre) من جامعة باليرمو . 

وقد اعتمد سيغري في اصطناع هذا العنصر على فرضية وضعها العالم الفيزيائي الإيطالي فيرمي (E.Fermi)  من جامعة روما ، والتي تقضي بأنه يمكن اصطناع عناصر جديدة بصدم نواة ذرة عنصر ما بجسيمات غير مشحونة تعرف بالنيوترونات ، حيث يمكن لواحد من هذه النيوترونات أن يخترق النواة ويبقى حبيساً فيها ، ثم يتحول إلى بروتون . 

وهكذا يزداد عدد البروتونات في النواة ويرتفع عددها النووي مع كل بروتون مضاف ويتكون عنصر أعلى مرتبة .

وفي عام 1940 قامت مجموعة من الباحثين في جامعة كاليفورنيا – بيركلي باستخدام هذه النظرية واصطنعوا العنصر (93) وهو أول عنصر بعد اليورانيوم ، الذي كان أثقل العناصر المعروفة في الطبيعة حتى ذلك الوقت ، وأطلقوا على عنصرهم الجديد اسم نبتونيوم تيمناً باسم الكوكب نبتون الذي يلي الكوكب أورانوس . 

 

وخلال الأربعينات والخمسينات توالت عمليات اصطناع عناصر جديدة، وتمكن الباحثون في مختبر لورنس بيركلي من اصطناع سلسلة من العناصر الجديدة وهي بلوتونيوم (العنصر 94) اميريسيوم (95)  كيوريوم (96) بيركيليوم  (97)، كاليفورنيوم (98)، آينشتانيوم (99) وفيرميوم  (100).

وقد تم اصطناع جميع هذه العناصر على أساس من فرضية فيرمي السابق ذكرها .  وبعدها عرف الباحثون أن العنصر فيرميوم هو آخر العناصر التي يمكن اصطناعها بهذه الطريقة ، وأنه لا بد من البحث عن وسيلة اخرى  .

وتوصل العلماء إلى هذه الوسيلة عن طريق دمج نواتي عنصرين والحصول على عنصر ثالث جديد .  وكانت أولى البشائر اصطناع العنصر مندليفيوم (101) وذلك بدمج الهيليوم (2) والآينشتانيوم  (99)

 

واستمرت هذه المحاولات حتى عام 1974 حتى تمخضت عن اصطناع كل من العناصر نوبيليوم (102) ولورنسيو (103) ورذفورديوم (104) ودوبنيوم (105) وسيبورغيوم  (106).  ولم يتمكن الباحثون من استحداث اي عنصر جديد آخر بهذه الطريقة ، وكان لا بد من البحث عن طريق آخر .  وعرف العلماء أن العناصر التالية هي من العناصر فائقة الثقل والتي يصعب تحضيرها .

وكان العلماء الألمان قد بدؤوا الاهتمام في هذه الفترة باصطناع العناصر الجديدة ودخلوا حلبة السباق الدولية .  وقد اتبعوا في هذا طريقاً اطلقوا عليه اسم الاندماج البارد .

وفي بداية الثمانينيات تمكنت مجموعة الباحثين الألمان من اصطناع العناصر الجديدة بدءاً من عنصر البوهريوم (107) مروراً بعنصر الهاسيوم (108) وانتهاء بعنصر المايتنريوم  (109).  وكان لا بد من إدخال تعديلات على التقنية التي استخدموها من أجل الاستمرار في تحضير عناصر جديدة . 

 

وفي التاسع من نوفمبر عام 1994 ، وبعد توقف دام حوالي عشر سنوات ، أنتج هؤلاء الباحثون العنصر (110) والذي كان له عمر لا يتجاوز 170 ميكروثانية . 

وبعدها بشهر واحد فقط ، أي في 17 ديسمبر 1994 ، اكتشفت هذه المجموعة العنصر  (111)، وتلا ذلك اكتشاف العنصر (112) ، وهو آخر العناصر التي استطاع الإنسان ان يصطنعها حتى الآن .

لقد دلت التجارب على أن اصطناع كل عنصر جديد في الجدول الدوري يفوق سابقة صعوبة .  لذا فإن اكتشاف المزيد من العناصر رهن بتطوير التقنيات المستخدمة ، ومحاولة التغلب على بعض الصعوبات الفنية والمشكلات العلمية . 

 

ومثال ذلك أنه يمكن من الناحية النظرية تحضير العنصر (114) باستخدام طريقة الاندماج البارد .  إلا أن هناك صعوبات ينبغي التغلب عليها .  وأهم هذه الصعوبات ، أن تحضير هذا العنصر بطريقة الاندماج البارد تقتضي دمج نواتي ذرتين مع بعضهما . 

لكننا نعلم أن نواة الذرة لها شحنة موجبة ، وبالتالي فإن محاولة دمج نواتين كبيرتين كل منهما تحمل شحنة موجبة عملية بالغة العصوبة بسبب التنافر الذي سيحدث بين الذرتين . 

ومع ذلك فإن الباحثين لن يعدموا الوسيلة للتغلب على هذه الصعاب ، ولكن السؤال الذي يبقى دون جواب .. إلى متى يمكن للعلماء ان يستمروا في اصطناع العناصر الجديدة ؟

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى