ومضات علمية 29 : كيف تعمل ساعة الكوارتز؟
اختُرِعت ساعاتُ الكُوارتْزْ في نهايةِ ستينياتِ القرنِ العشرينْ، مُعلنةً بدايةَ ما أَطلَق عليهِ البعضُ اسمَ «ثورةُ الساعاتِ»، وسُرعانَ ما غمرتِ ساعاتُ الكوارتْزِ الأسواقَ العالمية. وباعتبارِها أجهزةً دقيقةً لضبطِ الوقت، استَخدَمت هذه الساعاتُ ظاهرةً طبيعيةً تُسمَّى «الكَهروضغطية» Piezoelectricity .
في هذه الحلْقةِ من «ومضاتْ علميةْ» سنتعرفُ على الآليةِ التي تعملُ بها ساعاتُ الكوارتْزْ. اكتشفَ الكهروضغطيةَ في العامِ ألفٍ وثمانِمئةٍ وثمانينْ عالما الفيزياء الأخوان بيير وبول جاك كوري Pierre and Paul-Jacques Curie ، وهي تدفُّقٌ كهربائيٌ ناتجٌ من المعالجةِ الميكانيكيةِ أو الكهربائيةِ لبعضِ البلوراتِ ذاتِ البِنيةِ الذريةِ غيرِ المتماثلةْ. يتكوَّنُ الكوارتْزْ على المستوى الذَرِّيِّ من أيوناتِ (الأكسجينِ السالبةِ الشُّحنةْ) وأيونٍ واحدٍ من السيليكونْ (مُوجبِ الشُّحنةْ)، مرتبطةً في بنيةٍ هَرَميةْ. وعندما تنضغطُ هذه البِنيةُ ميكانيكيًّا، يُشحَنُ كلٌّ من جانبَي البلورةِ، فيكونُ أحدُهُما سالبَ الشُّحنةِ والآخرُ مُوجبَ الشُّحنةْ . وينطبقُ الشيءُ نفسُهُ على الاتجاهِ العَكسيّْ؛ يمرُّ التيارُ عَبْرَ الكوارتْزْ فتتغيرُ البنيةُ البلوريةْ؛ مما يجعلُها تتذبذبْ. وتُعرَفُ هذه الظاهرةُ بالتأثيرِ الكهروضغطيّْ. لكن كيفَ يُستخدَمُ هذا التأثيرُ في تشغيلِ الساعاتْ؟ عندما يمرُّ تيارٌ عَبْرَ الكوارتْزْ، يصبح تذبذُبُهُ دقيقًا وثابتًا نسبيًّا.
يستفيدُ صانعو الساعاتِ من هذِهِ الظاهرةِ ويُحوِّلونَها إلى دقاتٍ لعقربِ الثواني على وجهِ الساعة. وعندَ مُرورِ التيارِ من بطاريةِ الساعةِ عبْرَ مُوَلِّدِ ذبذباتِ الكوارتْزْ، تتذبذبُ البلورةُ بمعدَّلِ اثنين وثلاثين ألفًا وسبْعمِئةٍ وثمانٍ وستين 32,768 مرة في الثانية. وتستقبلُ رُقاقةٌ مجاورةٌ التيارَ من البلوراتِ المتذبذبةْ، وبمجردِ أن تصلَ إلى الذبذبةِ الرقمِ اثنين وثلاثين ألفًا وسبْعمِئةٍ وثمانٍ وستين (32,768 )، تُرسِلُ الرقاقةُ نبضةً كهربائيةً واحدةً إلى محرِّكِ الساعةِ، فتديرُ التروسَ الداخليةَ بمقدارِ دقةٍ واحدةْ.