القوّة التنظيمية لـ “آلية السعر” لبناء مجتمع السوق

2014 مجتمع السوق

سبايز بوتشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

لا تحدد الاسواق الأسعار فحسب. إذ يرى الاقتصاديون أن الأسواق تلعب دوراً أساسياً في تنظيم قرارات الإنتاج من خلال مقدرة "آلية السعر" (Price Mechanism) على تواصل المعلومات وتنسيق النشاط الاقتصادي. ويضمن ذلك أن المنتجين ينتجون ما يريده المستهلكون (والمنتجون الآخرون). وفي قلب هذه العملية، يكمن مبدأ المنافسة.

دور المنافسة

إن المنافسة هي قوة السوق التي تضبط المنتجين وتنظّم سلوكهم لضمان تلبية طلبات المستهلكين. فهي تلائم بين توقعات المنتجين والمستهلكين من خلال الضغوط التي تمارسها لإزالة التخمة أو الشحّ. ويشرح ذلك ببساطة لماذا لا يزيد المنتجون الذين يرغبون بزيادة مربحهم   الأسعار. وتعني المنافسة أنه في حال رفعت شركة ما السعر فوق تكلفة الإنتاج، قد تخفض شركات أخرى السعر لتكسب المزيد من الزبائن.

مثلاً، إن كانت شركة ما قادرة على إنتاج ذرة بتكلفة 5 دولارات للكيلوغرام الواحد، فيما سعر السوق هو 7 دولارات، فسيغري الربح المزيد من المنتجين لدخول هذا السوق، وهذا سيزيد العرض مما يؤدي إلى انخفاض السعر إلى أن يصل إلى 5 دولارات للكيلوغرام (سعر التوازن الجديد) (New Equilibrium Price). ويسمّي الاقتصاديون هذا التأثر طبيعة الأسواق في "تصحيح نفسها" (Self-Correcting) أو "تنظيم نفسها"(Self-Regulating) .

ويأخذ الاقتصادي النمسوي فريدريتش فون هايك (Friedrich von Hayek) (1991) هذه الفكرة أبعد، قائلاً إن ضغوط التنافس في السوق قد تشرح النظام الاجتماعي في مجتمع السوق. ويرى أن النظام المستقرّ يظهر تلقائياً من خلال التفاعلات بين الأفراد بدون الحاجة لأي تحكّم مركزي. ويبدو أن الحجج المماثلة تعطي تبريراً أخلاقياً قوياً للأسواق. غير أن منطق سيادة المستهلك يخضع لافتراضات كثيرة قد لا تصمد عند الممارسة. فهنا نفترض نوعاً من المنافسة "المثالية" تعرف بـ"المنافسة المثالية" (Perfect Competition) وهي تفترض وجود العديد من الشركات الصغيرة، التي لا تمارس أيّ منها قوّة مهيمنة في السوق. وسنناقش مفاهيم أخرى للمنافسة وبعض الانتقادات للنموذج الكلاسيكي الجديد في الفصل السابع.