نبذة تعريفية عن خصائص “الجنّة والنار”
1996 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السابع
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
خصائص الجنة خصائص النار إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
المقصود بالجنة والنار هنا، ما أعدَّه الله في الدار الآخرة من الجزاء لعباده. فلأهل الإيمانِ والصلاح الجنَّةُ، ولأهل الكفر والفساد النارُ.
والجنة والنار من الأمور «السَّمْعِيَّة»، التي نزلت بها الكتب الإلهيّة، وأَخْبَر بها جميعُ الأنبياء والمرسلين.
وفي القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الصحيحة، أخبارٌ كثيرةٌ جدا، تتحدث عن صِفَة الجنة ونعيم أهلها، وعن صفة النار وعذاب أصحابها.
وهي أخبارٌ تُثير في النفوس الطمع في الجنة والشوق إليها، والخوف من النار والابتعاد عنها.
تكرر ذكر جنة الآخرة في القرآن الكريم 122 مرة. وفي صحيح البخاري: «باب ما جاء في صفة الجنة» من كتاب «بَدْء الخَلْق». وفي صحيح مسلم كتاب لاجنة وصفةُ نعيمها وأهلِها.
وتكرر ذكر نار الأخرة 117 مرة، وحديث القرآن عن الجنة حديث عجيب، يتناول سَعَتَها، درجاتِها ويُفَصِّلُ أنواعَ النعيم الذي يتمتّع به أهلها:
– فهي جنة عَرْضُها السمواتُ والأرض.
– جَوُّها لا يعرف حراً ولا بَرْدا.
– ذاتُ ظِلٍّ ظليل، دائم مَمْدُو
– وفي هذا السَّعة البالغةِ، والجوِّ البديع «مساكن طيِّبة»، ذات فُرُش «بَطَائِنُها مِنْ اسْتَبْرَق» (فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (الغاشية: 13-16).
– فيها النبيون والصدِّيقون والشهداء والصالحون، يعيشون في مجموعات متجانسة، نزع الله من صدورهم الغِلّ، («إخواناً على سُرُرٍ متقابلين») يحوط حياتهم «الطُّهر»، «لهم فيها أزواجٌ «مُطَهَّرة» (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ) (الواقعة: 25-26)، (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (يونس:10)، ولو أتيح لنا ونحن في هذه الحياة الدنيا أن نُلْقِي عليهم نظرة لرأينا «نَعيِماً ومُلْكاً كبيرا».
وأنواع النعيم في الجنة، من المأكولات والمشروبات والملبوسات، أمورٌ لا يمكن الإحاطة بحقيقتها، ولذلك قال المفسرون: ليس في الجنّة شيْ مما في الدنيا إلا الأسماء. ونكتفي بذكر ثلاثة ايات من القرآن العظيم تُجْمِل لنا هذا النعيم:
– (يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (الزخرف:71)
– (لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) (ق: 35)
– ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (السجدة: 17).
والجنة «دار الخلد» و «دار المُقامة» «وجنة المأوى». وهي «جنات عَدْن» وليست جنةً واحدة بل هي جنات ، وهي «دار السلام». وهي درجات منها «علِّيُّون» وأعلى درجاتها « الفردوس» ويُقرِّرُ القرآن الكريم، فوق ما سبق، أن الجنة ليست قاصرةً على هذا النعيم، فهناك النعيم الذي لا مزيد عليه:
– (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (القيامة: 22- 23)
– ( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) (آل عمران: 15) أي أكبر من الجنة.
ومن أعظم نعيم الجنة، التمتعُ بالنظر إلى وجهِ الله الكريم، وسماعُ كلامه، وقُرَّةُ العين بالقرب منه وبرضوانه. فلا نسبة لِلَذَّةِ ما فيها من المأكول والمشروب والصُّوَر، إلى هذه اللذة أبدا، فأيسرُ يسيرٍ من رضوانهِ أكبرُ من الجِنانِ وما فيها.
وفي موضوع الجنة والنار نكتفي بذكر مشهد واحد، تعرضه سورة «الأعراف» في الآيات من 40 إلى 53 .
وعناصر هذا المشهد الجنة في جانب وفيها أهلها، والنار في جانب وفيها أهلها. وبين الجنة والنار سُورٌ اسمه «الأعراف» (لعلوِّه وارتفاعه)، وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون أهلَ الجنة، وأهلَ النار بعلاماتهم.
ينادي أصحابُ النار أصحابُ الجنة: قد وجدنا ما وَعَدَنا ربنا من الثواب حقَّا، فهل وجدتم ما وعدكم ربُّكم من العقاب حقّا؟ فأجابوا: نَعَمْ. وهنا يرتفع صوت يسمعه الجميع قائلا: «لعنةُ الله على الظالمين»! (أي: الكافرين).
ثم ينظر أهل الأعراف، فيقولون لأهل الجنة: سلامٌ عليكم. ويَرَوْن فظاعة ما يقاسيه المعذَّبون، فيدعون الله ألاَّ يَجْعَلهم معهم. ثم يقولون زينة الدنيا وكَثرة الأعوان، حتى استكبرتم.. انظروا إلى الذين كنتم تحتقرونهم في الدنيا، إنهم في الجنة يتنعَّمون.
وينبعث من جهنم صُراخٌ ذليل: يا أهلَ الجنة، أفيضوا علينا من الماء نشرب، ومن الطعام نأكل!
ويأتيهم الجواب: إن الله حرّمهما على الكافرين، الذي نَسوُا الله فَنَسِيَهُمْ.
والآن نتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا مَنْ أبى، قالوا: يا رسولَ الله ومَنْ يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى».
إن الله تعالى غفور رحيم، غني كريم، ذو رحمة واسعة، يجب عباده ويدعوهم إلى جنَّته: «والله يَدْعو إلى دار السلام»، «والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه». فالذين لا يجيبون داعيِ الله، وآثروا الكفر والفساد أُعِدَّت لهم النار، وأَعِدَّت الجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات».
وهذا تعبير قرآنيُّ جامع لكل أبواب الخير، من أصغر شيء: كلقاء الآخرين بوجه طَلْق، وإزالة الأذى عن الطريق، إلى أكبر شيء، وهو الجهاد والموت دفاعا عن الحق.
إن الجنة جزاء المتقين، الذي يَخْشَوْنَ ربهم في السِّرِّ والعَلَن(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) (الرحمن:46) ونعيُمها ينادي أصحابه الذي قاوموا نزعات الشر، وعَصَوْا وساوسَ الشيطان (فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ) (النازعات: 37-14).
اللهم أَدخِلْنا الجنة، أجِرْنا من النار، فقد قُلْتَ وقولُك الحق (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]