نبذة تعريفية عن جماعة “إخوانُ الصَّفَا”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
جماعة إخوان الصفا إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
دعا الـقرآنُ الكريم المؤمنين إلى التَفَكُّر والنظرِ في آياتِ الله، وجَعَلَ الحديثُ الشـريف طَلَبَ العلم فريضةً على كل مسلم ومسلمة
واستجاب المسلمون لهذه الدعوة الكريمة فراحُوا يطلبون عِلْم الأُمَمِ السابقة. وأخذوا يترجمون كُتُبَهم إلى اللُّغة العربية، ودرسوها وناقشوها وزادوا عليها.
وكان القرنُ الرابعُ الهجريّ هو أزهى عصورِ الحضارةِ الإسلامية العظيمة.
وفي هذا القرن ظهرتْ جماعةٌ من العلماءِ والفلاسفةِ والحكماءِ، أصبحوا في العِلْم إخواناً، وتَصافَتْ نفوسهم، وتعاهدوا على البِرِّ والوفاء، وذلك أطلقوا على أنفسِهم اسم "إخوان الصفاء وخلان الوفاء".
وكان مقرُّ هذه الجماعة مدينةَ البصـرة بالعراق، ولهمْ فرعٌ في بغداد، وإخوانٌ في كثير من البلاد، ورتَّبوا أنفسهم مراتبَ أربعاً وفقاً لأعمارهم
وكانوا يلتقُون لتدارسِ العلوم ومناقشة قضاياها وتبادلِ الآراء فيها، فهم على هذه جمعيةٌ علمية، كالجمعيات العلمية التي تُنشَأُ في عصرنا الحديث.
ولكن لمَّا كان هناك بعض الاضطرابات السياسية في عصـرهم، فضَّلوا أن تكونَ اجتماعاتُهم في الخَفاء خَشيَةً على أنفسِهم، وذلك فنحن لا نعلمُ شيئاً مؤكداً عن أشخاصِهْم.
ومع ذلك حَرَص إخوانُ الصَّفا على أن يذيعَ علمُهم بين كلِّ من يقدرونه من الناس، حتى يجتمع لهم نصيبٌ من علومِ الدُّنيا مع علوم الدين.
ولذلك ألَّفوا رسائَل في أبواب كلِّ العلوم والفنون والفلسفة المعروفة في عصـرهم.
وقد أحسنوا تأليفَ هذه الرسائل في أسلوب أدبيٍّ جميل، وبَسَّطٌوا مادتَها وحَلَّوْها بالأمثال والتشبيهات والقَصَص، تشويقاً للقارئ إليها وإغراءً له على متابعتِها.
وكذلك قد أحسن الإخوانُ تقسيمَ رسائلهم وتبويبَها، فهم قد جعلوها اثنتين وخمسين رسالة، أضافوا إليها "رسالةً جامعة" فيها تلخيصٌ وعرض عامٌ للرسائل كلِّها
وهم قد قَسَّمُوها أربعةَ أقسام: قسم "الرسائل الرياضية التعليمية والفلسفية"، وهي أربعَ عشـرة رسالة، تضم الرياضيات والهندسةَ والنجوم والموسيقى والجغرافيا والصناعات والمنطق والفلسفة
ويليه القسمُ الثاني عن "الرسائل الجسمانية الطبيعية". وهي سبعَ عشـرة رسالة، تضم الفلكَ والطبيعة الجوية والمعادنَ وطبقاتِ الأرض والنباتَ والحيوانَ وجسمَ الإنسان وعلمَ النفس وارتقاءَ الإنسان والحياةَ والموت واختلافَ اللغات.
أمَّا القسمُ الثالث فهو عن "الرسائل النفسانية العقلية"، وهي عَشـرُ رسائل
ثم القسمُ الرابع عن "الرسائل الإلهية والشـرعية الدينية"، وهي إحدى عشـرة رسالة. وتقع إحدى الطبعات الحديثة للرسائل في أربعةِ مجلدات جُمْلَةُ صفحاتها نحو من أَلفَيْ صفحة.
فرسائل الإخوان إذن موسوعةٌ أو دائرةُ معارفَ كاملةٌ، عرضٌ طيب لخلاصة الثقافة في عصـرهم، وهي تُعَدُّ لهذا مصدراً تاريخياً مهماً.
وكانوا يعتبرون قارئ الرسالة أخاً لهم، فيخاطبونه قائلين: "وأعلمْ يا أخي، أيَّدك اللّه وإيَّانا بروح منه…"، أو مثل ذلك. وهم ينصحونه بأن يَتَفهَّمَ الرسالةَ وينشـرَها عند من يثقُ فيهم وفي قدرتهم على فهمها.
وقد أعلن الإخوان أنهم لا يتعصبون لرأي أو مذهب، فقالوا: "واعلم أيها الأخ أنَّا لا نُعادِي علماً من العلوم، ولا نَتَعَصَّبُ على مذهب من المذاهب، ولا نهجر كتاباً من كتب الحكماء والفلاسفة …".
وقد شَبَّه إخوان الصفا أنفسهَم بصاحب بستانٍ دَعَا الناس لدخولِ بستانه والتنعُّم بما فيه، فما استجابَ له أحدٌ "فرأى الحكيمُ من الرأي أن وقفَ على باب البستان، وأخرج مِمَّا فيه تُحَفاً، وطُرَفاً ولُطَفاً، من كل ثمرة طيبةٍ، وفاكهةٍ لذيذية، ورَيْحان زَكِيِّ، وَوردٍ جَنِيِّ، ونَوْرٍ أنيق، وجَوْهر بَهِيِّ، وطَيْرٍ غرد، وشراب عَذْبٍ.
فكلُّ من مرَّ به عرضها عليه، وشهَّاها إليه، وذوَّقه منها وحيّاه بها، وأشمّه من فوائِح الرياحين، وأسمَعَه من بدائِعِ التلحين، حتى إذا ذاقَ وشَمَّ وفَرِحَ به، وطَرِبَ منه، وارتاح إليه واهتَزَّ، وعَلِمَ أنه قَد وَقَف على جميع ما في البستان.
ومَالَتْ إليه نفسه، واشتاق إلى دخول البستان وتَمَنّاه، وقَلِقَ إليه ولم يَصْبِر عنه، فقال له عند ذلك: ادخل البستان، وكلْ ما شئت، وشُمَّ ما شئت …"، والبستانُ الذي يشيرون إليه هو بستانُ العلم والمعرفة، أما التُحفُ التي عرضها صاحبُ البستان فهي رسائلُ إخوان الصفا وخلان الوفاء.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]