وصايا ابن المقفع التي يتضمنها كتابيه “الأدَبُ الكبير” و”الأدَبُ الصغير”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
ابن المقفع كتاب الأدب الكبير كتاب الأدب الصغير الفنون والآداب المخطوطات والكتب النادرة
"الأدب الصغير" و"الأدب الكبير" عنوانا كتابين لكاتب العربية البليغ "ابن المقفع" (724-759م).
ونحن الآن نستخدم لفظ "الأدب" بمعنيين، فقد نقصد به كل كلام بليغ جميل، سواء أكان مكارم الأخلاق والعادات الحسنة أيضاً والمعاملات الطيبة، وهذا هو المعنى الذي قصده ابن المقفع في كتابيه، وهو المعنى الذي كان معروفاً في عصره.
وكتاب "الأدب الكبير" قسمان: قسم يوجه فيه ابن المقفع النصح للحكام، وقسم يتحدث فيه عن الصداقة والصديق.
ففي القسم الأول يوصي ابن المقفع الحاكم برعاية شعبه، وأن يتحلى بعدد من الأخلاق التي تليق به، فيقول: "ليس للملك أن يغضب، لأن القدرة من وراء حاجته، وليس له أن يكذب، لأنه لا يقدر أحد على استكراهه على غير ما يريد.
وليس له أن يبخل، لأنه أقل الناس عذراً في تخوف الفقر.
وليس له ان يكون حقوداً، لأن خطره قد عظم من مجاراة كل الناس".
وينصحه أيضاً بألا تخدعه كلمات الإطراء والمديح من المنافقين، وأن يسعى لأن ينال رضى ربه ورضى من هو دونه في المكانة والمنصب، وان يختار جماعته الذين يعملون معه من أهل الدين والأخلاق الكريمة، وأن يطلب النصيحة والمشورة من أهل العلم والحكمة، وألا يصدر حكمه بعقاب المسـيء أو ثواب المحسن إلا بعد أن يتبين له الأمر.
أما القسم الثاني من الكتاب فيتحدث فيه ابن المقفع عن الصداقة والصديق، فوضع وصايا عديدة للصديق ومن أهمها قوله: "ابذل للصديق دمك ومالك".
فابن المقفع بهذا القول يطلب من الصديق أن يبذل اغلى ما في حياة الإنسان، وهما الدم والمال، إخلاصاً وتفانياً للصديق، وقد جعل الدم أولاً وهذا يمثل منتهى الإخلاص والتضحية في علاقة الصديق بصديقه.
وقد يتساءل السائل: هل ابن المقفع يتصف بهذه الصفة؟ أم هو قول قاله فقط؟
الحقيقة ان ما قاله ابن المقفع فعله، ويؤكد ذلك خبره عندما أراد أن يفتدي صديقه عبد الحمد الكاتب بنفشسه عندما جاء جند العباسيين للتفتيش عنه، وكان مختبئاً عند ابن المقفع، وسألوا: أيكما عبد الحميد، فأجاب كل منهما: "أنا".
وإجابة ابن المقفع هذه تدل على أنه أراد أن يضحي بحياته في سبيل حماية صديقه.
وفي هذا القسم يتحدث ابن المقفع أيضاً عن أدب الحديث وأدب المجالس، وذلك كأن لا يتسابق المتحدث مع متحدث آخر في المجلس في موضوع هو يعرفه أيضاً، فيقول إن في ذلك سوء أدب وسخفاً، ويوصي أيضاً بحسن الاستماع، وأن يخفض صوته عند الكلام، وأن لا يُسِفَّه أقوالَ جلسائه ويسخر منهم، وأن لا ينتقد اسماً من الأسماء فقد يكون احد الحاضرين ذا صلة به.
أما "الأدب الصغير" فيقدم فيه ابن المقفع الوصايا الأخلاقية والاجتماعية التي تدعو المرء إلى تأديب نفسه، وإلى ترغيبه في العلم وفي طلبه، وتدعوه أيضاً إلى صلاح معاشه في علاقاته بأفراد المجتمع من أهل السلطان والأصدقاء، ويقدم فيه بعض الوصايا إلى الملوك والحكام.
ومن وصاياه في تأديب المرء لنفسه أن الأدب ينمي العقول ويزكيها. ومن وصاياه أيضاً في دعوة المرء إلى محاسبة نفسه لكي يصل بها إلى طريق الهداية والصواب قوله: "وعلى العاقل أن يحصي على نفسه مساويها في الدين والأخلاق والآداب، فيجمع ذلك كله في صدره او في كتاب ثم يكثر عرضه على نفسه، ويكلفها إصلاحها".
أما وصاياه التي تحث على طلب العلم فهي في قوله: "العلم زين لصاحبه في الرخاء، ومنجاة له في الشدة".
وهو يدعو الإنسان إلى تذكر الموت في كل يوم وليلة لأن ذكر الموت عصمة من الأشر. (والأشر هو الكبر).
وكتاب الأدب الصغير عبارة عن جمل موجزة هي أشبه بالخطرات التي تنقل بعض التجارب، وهي صيغت بإيجاز، وبعبارة رشيقة رقيقة هي أشبه بالأمثال.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]