نبذة عن حياة العالم الجغرافي”الإدْريسيّ”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الإدريسي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
الإدريسيُّ عالم جغرافي كبير اسمه الكامل الشـريف أبو عبدالله محمد الإدريسـي. وهو من نسل الإمام إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، مؤسس دولة الأدارسة في بلاد المغرب.
ولد الشـريف الإدريسـي بثغر نبتة في شمال المغرب الأقصـى عام 493هـ:1100م، وتلقى تعليمه بالأندلس في مدينة قرطبة، ولذا عرف أحياناً بالقرطبي، ثم طاف بأنحاء العالم الإسلامي والأوروبي مطلعاً على أحوال البلاد وعادات اهلها.
ويبدو أن الإدريسـي بدأ نشاطه بالبحث في النباتات الطبية وفوائدها الصحية وما يستخرج منها من أدوية، إذ أنه ألف كتاباً بعنوان "الجامع لصفات النبات وضروب أنواع المفردات من الأشجار والأثمار والأزهار".
وقد قام بدراسته المستشرق الألماني ماكس مايرهوف عام 1930م.
كذلك يبدو أن الإدريسـي ذهب إلى جزيرة صقلية لزيارة ذويه من بني حمود الأدراسة. وكان يحكم صقلية في ذلك الوثت الملك روجر الثاني، الذي كان يقتدى في سلوكه بخلفاء المسلمين ويجمع حوله العلماء والشعراء.
وقد اهتم الملك روجر الثاني بمقدم الشـريف الإدريسي إلى صقلية، فاستدعاه إلى بلاطه في مدينة بَلِرمَة بشمال صقلية، ورتب له إقامة لا تكون إلا للملك لكونه من بيت الخلافة.
ثم لم يلبث روجر أن اكتشف موهبة الإدريسي في علم الجغرافيا، فعرض عليه البقاء معه في صقلية وأسند إليه تنفيذ مشـروع علمي ضخم يقوم على تحقيق أخبار بلاد العالم بالدراسة والمعاينة، وليس بما ينقل من الكتب، فوافق الإدريسي على ذلك.
ولتحقيق ذلك قام الإدريسـي برسم صورة، أي خرطية للعالم المعروف في عصـره على دائرة فضية مسطحة طولها ثلاثة أمتار ونصف متر وعرضها متر ونصف متر، نقش فيها صورة مفصلة لأقاليم العالم المعروفة في أيامه.
ثم قام الإدريـسي بعد ذلك بتأليف كتاب علمي ضخم لوصف هذه الخريطة وشرحها وهو كتاب: "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق".
ويتضمن الكتاب وصف ما جاء في هذه الخريطة من معلومات عن أحوال البلاد الطبيعية والاقتصادية وذكر نباتاتها وصناعاتها وتجاراتها وأحوال أهلها وهيئاتهم وخلقهم ومذاهبهم وملابسهم ولغاتهم.
ولقد اشتغرق الإدريسـي في عمله ما يزيد على خمس عشـرة سنة، كان في خلالها يرسل أناساً أذكياء إلى أقاليم الشرق والغرب جنوباً وشمالاً للتقصـي والاستيعاب وجمع المعلومات ورسم الصور أي الخرائط لكل ما يشاهدونه عياناً.
فكان إذا حضر احد منهم بشكل أثبته الإدريسي، حتى تكامل له ما أراد في كتابه "نزهة المشتاق".
ولقد أعجب الملك روجر بهذا الإنجاز العلمي الكبير، وكافأ الإدريسـي على ذلك بمال كثير، كما أهداه مركباً محملاً بالهدايا الفاخرة, وطبع من كتاب "نزهة المشتاق" أجزاء في فترات زمنية مختلفة.
إلى أن قامت في السنوات الأخيرة نخبة من كبار العلماء الإيطاليين، وعكفوا على درساته ونشره كله بعد جمع أصوله الخطية وخرائطه من مختلف المكتبات ودور العلم في العالم، ثم طبعوه في مدينة ليدن بهولندا في سبعة أجزاء، وبهذا العمل الجليل تم إخراج هذا الكتاب القيم العظيم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]