قصة لقاء الفارابي لأمير حلب
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
الفارابي أمير حلب التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
مكث الفارابي في بغداد عشرين سنة تغيَّرت خلالها احوال وتبدلت أحوال، لذا كان لا بد من الترحال…
دخل الفارابي مدينة حلب (في سوريا الآن)، وكان يعرف أن أميرها سيف الدولة الحمداني يحب العلم والعلماء ويحيط نفسه بالشعراء والفنانين والكتاب، إذن ما تزال بالعالم بقية من رؤساء المدن الفاضلة.
وآثر الفارابي، وهو علمٌ بين العلماء، ألَّا يقيم في حلب دون أن يلتقي بأميرها حتى لا يظن ببعده عنه الظنون وحتى يغلق دونه أبواب السعايات الفاسدة والوشايات.
وكان لقاؤه بسيف الدولة لقاءً فريداً، إذ إنه لم يسع من قبلُ للقاء أحد من أهل السلطان.
دخل الفارابي قصر سيف الدولة في زيِّه التركي المعتاد، ولمح الأمير جالساً في الصدارة على أريكة عالية في الإيوان يحيط به العلماء على الجانبين.
ومشى الفارابي نحوه ثابت الخطى، فدُهش الأمير ودعاه للجلوس وهو يسير على البساط نحوه، فقال له الفارابي، وهو ما يزال يواصل سيره: حيث أنا أم حيث أنت؟ فصاح به سيف الدولة: بل حيث أنت.
ولم يُبال الفارابي بما سمع وواصل خطوه حتى بلغ الأمير في جلسته. وهَمَّ به الحراس الرابضون وراء الأستار، إلَّا أن الأمير أشار لهم فتوقفوا.
وعندئذ ابتسم سيف الدولة قائلاً: ما أحسب هذا الشيخ إلَّا عالماً، ولقد أساء معنا الأدب، فلكم أن تختبروا علمه فإذا رسب في الامتحان فلأدفعن به إلى الحُرَّاس ليقتلوه!.
وتوالت أسئلة العلماء للفارابي كالسِّهام من كل اتجاه: في الفقه والحديث والتفسير وعلم الكلام وعلوم اللغة والمنطق والفلسفة والرياضيات!.
ولم يتوقف الفارابي عن جواب ما عنه يسألون، كان يجيب ببساطة وعمق مُدلِّلاً بالشواهد والأمثال.
وراح العلماء يسجلون إجاباته ويجمعونها، فيما بعد، في كتابٍ قيم بعنوان (رسالة في جواب مسائل سئل عنها الفارابي) .
ونجح عالمنا بامتيازٍ في الامتحان، وصار صديقاً للأمير.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]