اختراع المصباح الكهربائي بواسطة إديسون
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
اختراع المصباح الكهربائي بواسطة إديسون التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
رجلٌ … يُضيء العالم!!
إن قصة أبحاث إديسون وأعوانه التي أفضت إلى اكتشاف النور الكهربائي وصنع المصباح الكهربائي الأول تكاد تحسبها من بنات الخيال أو حديث خرافة!.
كانوا لا يعبؤون بمرور الزمن ولا بأوقات طعام أو نوم، لأن حماسهم للعمل والوصول إلى الهدف كان قد أيقظ كل قوة من قواهم العقلية والعصبية.
فأنفقوا نحو ثمانية آلاف دولارٍ قبلما تمكنوا من صنع مصباح يُنير متى اتصل بدائرةٍ كهربائية.
ولما أناروه ظل كذلك أربعين ساعة متوالية. ولكن برزت مشكلة. فالسلك السريع الانكسار الذي استعملوه في البداية لم يف بمطالب التجارة. إذ ما الفائدة من مصباحٍ يُنير إذا كانت أقل هزة تصيبه تُفتِّت سلكه وتذروه.
لا بد من حل. وفي سبيل الحل راح إديسون يُجرِّب كل ما تقع عليه عيناه: كل أنواع الورق، وكل أنواع الخيوط، وكل أنواع الأسلاك حتى التي يستعملها صيادو السمك، وكل أنواع الألياف النباتية حتى ألياف الخيزران التي بث لها العيون والأرصاد في اليابان وجنوبي أمريكا وغيرهما من البلدان التي يُزرع فيها هذا النبات، فبعثوا إليه بكل أصنافه وكانت نحو ستة آلاف صنف فأجرى تجاربه عليها حتى وصل إلى أفضلها. ويقال إنه أنفق في هذا السبيل وحده أكثر من عشرين ألف دولار!.
ثم ظهرت مشكلة أكبر… فبعدما صنع المصباح الكهربائي المتوهج كان عليه أن يبتكر نظاماً كهربائياً جديدا يمكنه من توليد الكهرباء وتوزيعها وتقسيم التيار لتنير به المصابيح في كل مكان.
وقد أقدم على هذا العمل غير هيَّاب، مع أن علماء من مقام الأستاذ تندال كانوا به يهزؤون! ونجح فيما أقدم عليه. وبعد ذلك أخذ النور الكهربائي يرتقي ويتطوَّر وخصوصاً في صنع السلك الذي يتوهَّج حتى أصبح يُصنع من معدن التنجستن.
إن في تاريخ العلوم مخترعاتٍ أشد أثراً في أحوال الشعوب الاقتصادية من النور الكهربائي كالسكك الحديدية والبواخر والطائرات والتلغراف والتليفون وغيرها.
ولكن اختراع المصباح الكهربائي الرخيص الثمن أحدث ثورة في عادات الناس وأسلوب معيشتهم.
وقد اشترك هذا الاختراع، مع اختراع الطباعة، في إطلاق العقل البشري من القيود التي كُبِّل بها.
إن إديسون أخذ النور من الآلهة، كما أخذ بروميتيوس النار، فأضاء به العالم!.
لقد كانت مسألة النور الكهربائي من أعقد المسائل التي اشتغل إديسون بحلها. وهو من الذين يرون أن تصور الاختراع قد يكون سهلاً بدرجة ما كما أن إخراجه من التصور إلى الفعل إخراجاً عملياً قد يكون سهلاً كذلك، إلَّا أن الصعوبة الحقيقية إنما هي في إخراجه من التصور إلى الفعل إخراجا تجارياً حتى يشيع استعماله ويربح منه صانعه فيغرى بموالاة إتقانه.
ونحن – هنا – لا نقول إن إديسون قد علَّم البشر كيف يستضيؤون، ذلك أن المصابيع التي كانت تضيء باحتراق الزيت أو الدهن يرجع تاريخها إلى العصر الحجري. كذلك لا ندعي أن إديسون كان أول من صنع نوراً كهربائياً بإطلاق المعنى، إذ قد سبقه إلى ذلك- وكما جاء في مدوَّنات المعهد الملكي البريطاني- السير همفري ديفي في مطلع القرن التاسع عشر بتوصله إلى نور القوس الكهربائي.
ولكن عبقرية إديسون تكمن في هذا الخصوص في توصله إلى الإنارة الكهربائية بطريقةٍ عملية وفعَّالة هي طريقة اللمعان أو التوهج، وذلك بإمرار تيار كهربي في سلك مادة معينة فيحمر السلك لمقاومته للتيار فيحمو ثم يبيض بالحرارة، ومتى ابيض سطع منه نور باهر يخطف الأبصار.
وأكثر من هذا الإفادة من ذلك في إنارة أي مكان يُراد إنارته وعلى مستوى عام كإنارة البيوت والمعامل والمدارس… إلخ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]