وجود تناقضات عديدة في الجدول الدوري لـ”مندلييف”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
مندلييف الجدول الدوري الكيمياء
…والنظرة الثاقبة
نظر مندلييف في عناصر هذه الطوائف نظرة ثاقبة، فرأى وما أعجب ما رأى!
إن عناصر الطائفة الأولى تتحد ذرة منها بذرتين من الأكسجين. وعناصر الطائفة الثانية تتحد ذرة واحدة منها بذرة واحدة من الأكسجين. وعناصر الطائفة الثالثة تتحد ذرتان منها بثلاث ذرات من الأكسجين. وقس على ذلك التشابه في عناصر الطوائف المختلفة.
هل في الطبيعة ما هو أبسط من ذلك؟ فإذا شئت أن تعرف خواص عنصر معين أمكنك ذلك من خلال معرفة الخواص العامة التي تتصف بها طائفته!.
إعادة نظر
هل يمكن أن يكون ذلك التشابه بين خواص العناصر في هذا الجدول مجرد اتفاقٍ أو مصادفة؟ هكذا سأل مندلييف نفسه.
إذن فلا بد من إعادة النظر في صفات العناصر التي أشدها ندرة، ولينقِّب في جميع البحوث والرسائل والمؤلَّفات الكيميائية لعلَّه يجد حقائق أغفلها في فورة حماسه للجدول الذي فُتن به لبساطته وشموله.
وها هو ذا يكشف عن جديدٍ يتعارض والبناء الذي أقام!.
كان المعروف أن الوزن الذري لليود 127 والوزن الذري للتلوريوم 128، ومن ثم وضعهما في المكان الذي يجب أن يكونا فيه من حيث تشابه خواصهما مع العناصر السابقة عليهما واللاحقة بهما. ولكن وزن التلوريوم الذري يتنافى والمكان الذي تقتضيه خواصه.
ما العمل إذن؟!
وقف مندلييف وقفة المتنبِّئ الجريء قائلاً أن الوزن الذري المقدَّر لعنصر التلوريوم خطأ، وإنه ينبغي أن يتراوح بين 123 و 126، فاتهموه بأنه يهذي.
ولكن عندما أُتقنت وسائل تعيين الأوزان الذرية، بعد ذلك بسنوات، تبيَّن أن مندلييف كان مصيباً، فعلمه هذا في الكيمياء كان من قبيل التنبؤ في الفلك بكوكبٍ جديد، نبتون ثامن الكواكب في منظومتنا الشمسية.
تناقضٌ..آخر
إن الجدول قد أضحى بذلك سليماً من كل ضعف كاملاً من كل نقص- هكذا ظنَّ مندلييف. ولكنه بحس العالم المرهف أراد أن يتثبَّت. فأعاد النظر فيه، وهنا كانت المفاجأة! تناقضٌ آخر.
ذلك أن الوزن الذري المقدَّر للذهب كان 196.2، وهذا يقتضي وضعه في الجدول في مكان أوجب أن يكون للبلاتين (وزنه الذري المقدر حينئذ 196.7). وشرع الحسَّاد والنقَّاد في تبيان هذا التناقض.
ولكن المتنبَّئ الجريء خطَّأ التقديرات التي يُقرِّرها المحللون لوزنيهما الذريين، الذهب والبلاتين. وحقاً ما تنبَّأ به، فقد أثبت ميزان الكيميائي فيما بعد أن مندلييف كان مصيباً هنا كما كان من قبل مصيبا، فالوزن الذري للذهب (197.2) أكبر من مثيله للبلاتين (195). يا للعجب ! إن في جدول الروسي هذا لعيناً ترى الخفايا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]