طريقة اكتشاف النظائر
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
كانت عقول الباحثين تغشاها غيومٌ من شك. فالسير وليم كروكس كان قد أشار إشارة جريئة، في كلمة له في المجتمع البريطاني لتقدم العلوم عام 1886، عندما قال: (… وأتصور أننا متى قلنا أن وزن الكالسيوم الذري هو 40 عنينا أن معظم ذرات عنصر الكالسيوم وزنها 40، لأن هناك طائفتين من الذرات وزنهما 41.39 وأخريان وزنهما 42.38 وهكذا).
تصورٌ جريءٌ حقاً من أحد كبار علماء إنجلترا في عصره ولا بد من العناية به. أيمكن أن يكون دالتون قد أخطأ في قوله إن ذرات كل عنصر كانت من وزن واحد!؟
أيمكن أن تكون ذرات العنصر الواحد مختلفة وزناً ومتشابهة- على الرغم من ذلك – في خواصها؟ أصحيحٌ أن كل وزن من الأوزان الذرية التي بني عليها العلماء، على أنها ثابتة، إنما هو متوسط أوزان ذرات العنصر الواحد المختلفة؟ هل كان لاﭬوازييه مخطئاً عندما قال بأن (العنصر هو مادة لا يستطيع أي تغيير يصيبه أن ينقص من وزنه)؟.
تساؤلاتٌ كثيرةٌ وتساؤلات…
وبينما العلماء في حيرتهم يعمهون وفي تساؤلاتهم يتخبطون وعن الحقيقة يبحثون ويجدون، إذ ببول شوتز نبرجر يخلص إلى نتيجة جد خطيرة من بحثه عناصر الأتربة النادرة، وهي أنه من الممكن أن يكون لعنصرٍ واحد ذراتٍ مختلفة.
وجاء الراديوم فأثار في عقول المفكرين الشبهات. ثم كُشف الأيونيوم وهو كالثوريوم في خواصه وقريبٌ منه في وزنه الذري كل القرب. وفي السنة التالية استُفرد المزوثوريوم فثبت أنه والراديوم شيءٌ واحدٌ من الوجهة الكيميائية إلا أنه يختلف عنه قليلاً في وزنه الذري.
ولما دُرست المنبعثات المختلفة من العناصر المشعة، أخذت تصورات كروكس تتخذ شكلاً علمياً. وما إن حل عام 1910 حتى جدَّد نفر من العلماء المعروفين العناية بآراء كروكس وأخذ يهمس بها.
وها هو سودَّي قسيم رذرفورد في مذهب انحلال الراديوم، يجاهر بتأييده لرأي كروكس بأن الوزن الذري لعنصرٍ ما إنما هو متوسط أوزان ذراته المختلفة.
ولما اجتمع المجمع البريطاني لتقدم العلوم في عام 1912 قُرئت في قسم الكيمياء رسالة في تغير وزن ذرة النيون، فقام سُودّي وأذاع أنه وجد نموذجين من عنصرٍ مشع خواصهما الفيزيقية والكيميائية واحدة وإنما هما يختلفان فحسب في وزنيهما الذريين.
وكان رتشردز- وهو الكيميائي الأمريكي الأول حينئذ- قد قاس الوزن الذري للرصاص العادي فوجده 207.20 بينما هو للرصاص المستخرج من ركاز اليورانيوم 206.05، وما من أحدٍ يستطيع الشك في هذه الأرقام ومكانة رتشردز العلمية قائمة أصلاً على دقته المتناهية في القياس وخصوصا قياس الأوزان الذرية.
وما لبث سُودِّي أن أعلن رأيه في وجود عناصر لكل عنصر فيها أكثر من شكل واحد، تتشابه هذه الأشكال في خواصها الفيزيقية والكيميائية بينما هي تختلف في أوزانها الذرية – دعاها (النظائر)، أي العناصر التي تقع في مكانٍ واحد. أي انقلابٍ هذا في علم الكيمياء؟!…
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]