اهتمام الأصمعي بدراسة علم الحيوان
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
علم الحيوان الأصمعي الفنون والآداب المخطوطات والكتب النادرة
على الرغم من أن دور الأصمعي في اللغة والأدب، وخاصة الشعر، لا يحتاج إلى بيان، فإن إنتاجه في مجال علم الحيوان أيضاً وجد رواجاً عظيما عند علماء الغرب.
لذا نرى أن كتبه في هذا المجال من مثل : كتاب (الوحوش)، وكتاب (الخيل)، وكتاب (الشاء)، وكتاب (الإبل) وغيرها، قد تُرجمت إلى اللغات الأجنبية فعرفها علماء الغرب في أوروبا وأمريكا!
فمثلاً نُشر كتاب (الوحوش) للأصمعي في فيينا عام 1887، كما نُشر كتابه (الخيل) في فيينا أيضا عام 1895، كما نُشر كتابه (الشَّاء) في بيروت عام 1896. ويعده مؤرخو العلوم رائداً من رُوَّاد علم الحيوان.
وكان الأصمعي يحب التمكن من الموضوعات التي يكتب فيها أو يتحدَّث عنها، فلا يكفيه الاستشهاد بل لا بد له من دراسة الحالة على الطبيعة.
استمع إلى القصة التالية التي ننقلها عن علي عبدالله الدفاع في كتابه (إسهام علماء العرب والمسلمين في علم الحيوان) عن أبو العبَّاس بن خلكان في موسوعته (وَفَياتُ الأعيان وأنباء أبناء الزمان): قال الأصمعي: (حضرت أنا وأبو عبيدة معمر بن المثنى عند الفضل بن الربيع، فقال لأبي عبيدة.. قم إلى هذا الفرس وامسك عضواً عضواً منه وسمِّه.
فقال: لست بيطاراً، وإنما هذا شيءٌ أخذته وسمعته عن العرب. فقال لي قم يا أصمعي افعل ذلك: فقمت وأمسكت ناصيته وشرعت أذكره عضواً عضواً، وأضع يدي عليه وأُنشد ما قالت العرب فيه إلى أن فرغت منه. فقال: خذه، فأخذته، وكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عبيدة ركبته إليه!).
وقد عنَّت للأصمعي دراسة علم الحيوان؛ لأنه كان في عصره جزءاً مهماً من اللغة العربية لثرائه بالمصطلحات العلمية والأدبية التي تزيِّن اللغة وتُثريها، والعرب، في بادية وحضر، كانوا يكثرون من وصف الحيوان وإطرائه في مجالسهم العامة والخاصة.
لذا كان يغلب على مؤلَّفات الأصمعي في علم الحيوان الطابع اللغوي أكثر من الطابع العلمي الدقيق، فهي أقرب أن تكون معجمات لغوية لأسماء الحيوان وأطوار نموه من غير دخولٍ في تركيبه وتشريحه وبيئته وسلوكه، إلخ.
انظر مثلاً نصاً من كتابه (الإبل) : (ومما يذكر من ألوان الإبل يقال بعيرٌ أحمر وناقةٌ حمراء، وإذا بولغ في نعت حُمرته قيل: كأنه عرأرطاة. ويقال: أجلد الإبل أصبرها، وإذا خلط الحمرة قنوء فهو كُميت. فإذا خلط الحمرة صفرة قيل أحمر مُدميِّ).
وانظر إليه وهو يتحدَّث عن دورة حياة الجراد، تجده يصفه في كل طورٍ من أطواره باسمٍ يخصه به:
1- دُبا: وهو أول أطوار الجراد الذي يخرج من سرئه، وسُرؤه بيضه، والواحدة دُباة.
2- بُرقان: هو الطور الثاني عندما يصفر وتظهر فيه خطوط. والواحدة بُرقانة.
3- مسيح: هو الطور الثالث عندما تصير فيه خطوطٌ سودٌ وصفرٌ وبيضٌ، والواحدة مسيحة.
4- كتفان: هو الطور الرابع التي تبدأ فيه الأجنحة في الظهور. وسُمّي كذلك لأنه يكتف المشي فإذا مشى حرَّك كتفيه. والذكر كاتفٌ والأنثى كاتفة.
5- غوغاء: هو الطور الخامس، وفيه يكتمل ظهور الأجنحة ويستقل، وسُمِّي كذلك حيث يموج بعضه في بعضٍ ولا يتجه إلى جهة. والواحدة غوغاءة.
6- خيفان: هو الطور السادس الذي يمارس فيه الجراد الطيران وفيه تبدو في ألوانه الحمرة والصفرة. والواحد خيفانة، وهي الأسرع طيراناً
7- جراد: هو الطور السابع والأخير في دورة الحياة. فإذا اصفرَّت الذكور واسودَّت الإناث وتمكنوا جميعاً، ذكراناً وإناثاً، من الطيران سقطت عنها الأسماء الأولى إلا الجراد.
حقاً لقد أجاد الأصمعي وأفاد في وصفه أطوار الجراد جامعاً بين الحسنيين: الناحية اللغوية والناحية العلمية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]