نبذة عن حياة الكيميائي “دالتون”
1999 تاريخ الكيمياء
صلاح محمد يحياوي
KFAS
الكيميائي دالتون شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
جون دالتون فيزيائي وكيميائي بريطاني، يُعدّ أحد آباء علم الفيزياء الحديث، أعطى نظرية القدماء الذرية أساساً علمياً بإعلانه القوانين الوزنية للاتحادات الكيماوية وخاصة قانون النسب المضاعفة الذي يحمل اسمه "قانون دالتون".
ووضع أول نظرية ذرية علمية وأول جدول للأوزان الذرية، كان أول من وصف عمى الألوان (وكان مصاباً به) ونشر عام 1794م، بحثاً في هذا الموضوع لم يسبقه إلى مثله أحد من قبل، ومن أجل ذلك عُرف خللُ رؤية الألوان أو عمى الألوان باسم "الدالتونية DALTONISM".
انكب الكيميائي الانكليزي جون دالتون على دراسة العمل العلمي المنجز خلال عدة قرون ثم صاغ النظرية الذرية الحديثة للمادة، وبذلك وضعت أفكاره الكيمياء في مصاف العلم الحقيقي، فقد توصل إلى فهم أكثر الإجراءات الكيماوية أساسية، الا وهو الكيفية التي تتحدد بها العناصر لتكوّن المركبات.
وقد شدد دالتون خاصة على وزن الذرات معتبراً الوزن بمنزلة العاملا لرئيس المميز لها، وأتاح له ذلك إعطاء أولى الأوصاف الكمية عن التفاعلات الكيماوية الأساسية.
وُلد دالتون في حجر أسرة ورعة تقية في قرية تدعى "إينسفيلد" في شمال انكلترة: وكان الدين والتربية – طوال طفولته – المميزين الرئيسين لحياته اليومية.
كان دالتون لامعاً متوقد الذهن إلى درجة غدا معها – وهو في الثانية عشرة من عمره، وبتأثير صديق للعائلة يمتهن صنع الأدوات، ويهوى دراسة الظواهر الجوية – مهتماً بعلم الظواهر الجوية بحيوية ونشاط، وشرع في عام 1787م بتسجيل يومي لملاحظاته الجوية.
وتابع ذلك .. ولم ينقطع عنه حتى بلغ أجله، وقد حقق بعد أربعين عاماً من العمل إسهامات عظمى في هذا العلم المستجد، وفي عام 1793م نشر عمله الناجح بعنوان .
"ملاحظات واختبارات في الظواهر الجوية".
METEOROLOGICAL OBSERVATIONS AND ASSAYS
عرض فيه فكرته الأصيلة والمدركة دون أن يتأثر بالمزاعم الباطلة والاعتقادات بالخرافات .
ومع ان دالتون لم يَحُطّ في عمله العلمي قط من قدر ما حققه الآخرون إلا أنه كان دائماً بحاجة إلى أن يقنع نفسه باستنتاجات الآخرين قبل أن يقبلها ويطبقها، وقد جاء في أحد كتبه وصف لطبيعة الفجر الشمالي قال فيه:
"بما أنني كثيراً ما أجد نفسي حائراً فيما أعمل لأقبل عن طيب خاطر نتائج الآخرين فقد قررت ألا أكتب إلا عما أستطيع إثباته بتجربتي الخاصة".
وعلى الرغم من مثابرة دالتون على الملاحظة المباشرة للظواهر إلا أن أعظم ما حققه كان في عالم الذرات غير المرئي وكان صوغه للنظرية الذرية تحفة الحدس والتعليل الاستنتاجي لتركيب فائق من المعارف والأفكار التي تعود إلى أزمنة العلماء اليونانيين القدماء.
نشر دالتون النظرية عام 1808م في كتابه سماه : "نظام جديد للفلسفة الكيماوية" A NEW SYSTEM OF CHEMICAL PHILOSOPHY.
وكانت نظريته تعتمد على ثلاثة مقترحات هامة هي:
– تتركب جميع المادة من دقائق في منتهى الصغر غير قال للانقسام وغير قابل للتخرب تدعى "الذرات".
– تتساوى جميع ذرات العنصر نفسه تساوياً تاماً من جميع الجوانب بما في ذلك الوزن، وهي تختلف عن ذرات جميع العناصر الأخرى.
– عندما تتحد العناصر لتكون المركبات تتحد ذراتها بنسب عددية بسيطة كواحد إلى واحد، أو إثنين إلى واحد، أو أربعة إلى ثلاثة.
وَقُبلت النظرية الذرية عالمياً بعد أن فسرها دالتون بعبارته الواضحة المميزة، قبلها الكيميائيون من دون أي اعتراض، ولم يكن المفهوم مجهولاً كلياً لأن الفيلسوف اليوناني ديمقريطس كان قد اقترح نظرية الذرات منذ قرون كثيرة خلت، إلا أن للصياغة الأولى لنظرية قوية متماسكة معنى ثورياً أدخل تغييراً أساسياً في المنهج العلمي، وكان البند الذي ينص على اختلاف الذرات بعضها عن بعض وزناً أحد أكثر مميزات النظرية أهمية.
وكان الوزن صفة قابلة للقياس لذلك كان نظرية دالتون أول نظرية كمية لم يسبق التصدي لها.
كما قدمت النظرية تفسيرات واضحاً عن سبب اتحاد العناصر في مركبات جديدة وبنسب وزنية محددة.
فمثلاً كان احتواء مادة ككربونات النحاس، على النسب الوزنية ذاتها من النحاس (خمسة أجزاء) والأكسيجين (أربعة أجزاء) والكربون (جزء واحد) مهما كانت طريقة التحضير، مثار حيرة الكيميائيين دائماً، فجاءت نظرية دالتون القائلة بأن العناصر تتحد ذرة لذرة بنسب عددية بسيطة، تفسر ذلك. فإن كان لجميع ذرات العنصر الوزن نفسه فينبغي أن تكون لها أوزان اتحادية محددة.
حاول دالتون حساب الأوزان النسبية لذرات مختلفة انطلاقاً من النسب الوزنية للعناصر في مركبات معينة، وغدا بذلك أول من وضع جدولاً بالأوزان الذرية، وقد أتاح هذا الجدول فميا بعد ظهور أول تصنيف دوري للعناصر.
كما وضع دالتون نظاماً لمجموعة رموز العناصر مهملاً الرموزَ الخفية، رموزَ الخاصة، التي كان يستعملها سيميائيو الأزمنة الغابرة.
وضع دالتون فكرة الرموز الواضحة، الجليلة، رموز العامة، لتمثيل ذرات مختلفة العناصر، واستعملها في مخططات ليبين ما يحدث خلال التفاعلات الكيماوية. وهكذا مَثّل الجزيئات بزمر من الذرات المتحدة.
كان دالتون يتفادى الشهرة التي نجمت عن أعماله، ولأنه كان من الزهاد الأتقياء لأنه كان منتسباً إلى طائفة بروتستانتية متميزة بفرط الزهد، فقد كان يتجنب الاحتفاء الشعبي به، وكان يُعرض أيضاً عن ترشيح نفسه ليكون عضواً في الجمعية الملكية … إلى أن حزم المعجبون به أمرهم عام 1822م فرشحوه دون موافقته.
كما أقنعوه عام 1832م بقبول درجة الدكتوراة في العلوم من جامعة أكسفورد، وهيأ له زملاؤه بعد ذلك بقليل أن يَمْثُلَ بين يدي الملك، وكان دالتون يقاوم دائماً أمراً كهذا، رافضاً أن يلبس البزة الرسمية التي تتطلبها المناسبة.
وقد تعرض لمشكلات عند ارتدائه لباس جامعة أكسفورد ليَمْثُلَ بين يدي الملك، وكان السبب في ذلك اللون القرمزي للباس الرسمي، إذ كان محظوراً على الزهاد لبس اللون الأحمر… لكنه لم يجرؤ على إصابة زملائه بالخيبة.
فأوجد لنفسه مناصاً من ذلك، رامياً التبعة على العمى بالألوان الخلقي الذي كان مصاباً به قائلاً: "إن الرداء الجامعي ذو لون رمادي، وكات تلك هي الخدعة الوحيدة التي سمح لمنطق عواطفه اقترافها .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]