كيفية تحديد المدة المنقضية على الوفاة بواسطة الحشرات
2010 الاستعراف الجنائي في الممارسة الطبية الشرعية
صاحب عيسى عبدالعزيز القطان
KFAS
تحديد المدة المنقضية على الوفاة بواسطة الحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة
يمكننا فحص يرقات الذبابة الزرقاء بحساب الوقت المنقضي على الوفاة ، ويعتمد هذا الحساب أساساً على معرفة عمر هذه اليرقات ، ومن البديهي ألا يقل الزمن المنقضي على الوفاة عن عمر هذه اليرقات بأي حال من الأحوال.
بمعنى أنه إذا وجدت على جثة يرقات عمرها خمسة أيام فلا يعقل أن تكون المدة المنقضية على الوفاة من خمسة أيام ، بل على العكس قد تكون أكثر من ذلك ومن ثم يعطي عمر اليرقات الحد الأدنى للزمن المنقضي على الوفاة ، والذي يعني في مفهوم خبراء الطب الشرعي أن الوفاة قد حدثت منذ فترة ليست أقل من عمر يرقات الحشرات الرمية .
وحيث إن الذبابة الزرقاء تضع بيضها على الجثة خلال ساعة أو ساعتين (على الأكثر) بعد الوفاة إذا كانت في مكان مكشوف لا سيما في الشهور الحارة من السنة ، ومن ثم يكون تقدير وحساب الحد الأدنى للزمن المنقضي على الوفاة صحيحاً لدرجة كبيرة في هذه الحالة.
وبصفة عامة تجدر الإشارة إلى أن دفن الجثة أو وضعها داخل كيس أو صندوق محكم يحول تماماً دون إمكانية وصول الذبابة الزرقاء إليها ، أما مجرد إخفاء الجثة تحت بعض أغطية رقيقة أو تحت أغصان أو أوراق جافة فلن يمنع وصول الذبابة الزرقاء إليها .
ويتأثر نشاط الحشرات الرمية (لا سيما الذبابة الزرقاء) بحالة الطقس ففي درجات الحرارة المنخفضة (تحت عشر درجات مئوية) لا تتمكن الذبابة الزرقاء من وضع بيضها حتى ترتفع درجة الحرارة في الوسط المحيط بها ، ويكون حساب المدة المنقضاة على توقيت الوفاة استناداً إلى عمر اليرقات في هذه الحالة أقل من المدة الحقيقية .
وعلى الرغم من ذلك قد يستمر نشاط بعض أنواع اليرقات الرمية في درجات حرارة أقل من عشر درجات مئوية بل وربما يستمر بعضها حياً لبعض الوقت في درجة حرارة لا تتعدى الصفر المئوي أحياناً وأن كانت لن تستطيع الاستمرار في الحياة طويلاً تحت هذه الظروف وإنما ستموت بعد مدة تتوقف على درجة حرارة الوسط المحيط وزمن تعرضها لتلك الحرارة المنخفضة ، وبالتالي يصبح الإلمام بخصائص حياة الحشرات وطبيعة علاقة نشاطها الحيوي بدرجة حرارة البيئة أمراً هاماً ونافعاً في هذا المجال .
في إحدى الحالات ، عثر على جثة في العراء ، وبالرجوع إلى بيانات الأرصاد الجوية المحلية عن حالة الطقس في الفترة السابقة على اكتشاف الجثة أتضح أن درجة الحرارة خلال هذه الفترة كانت منخفضة بدرجة كبيرة من شأنها أن تمنع أي نشاط حيوي لحشرة الذبابة الزرقاء وأن تحول أيضاً دون بقاء يرقاتها حية لفترة طويلة.
ومن ثم فقد كان للعثور على يرقات حية فوق الجثة دلالته الواضحة على أن البيض كان قد سبق وضعه على الجثة في مكان مغلق (أكثر دفئاً) حيث فقس وخرجت منه اليرقات الرمية ، ثم نقلت الجثة إلى العراء بعد ذلك (قبل العثور عليها بفترة وجيزة) .
وعند محاولة حساب الزمن المنقضي على الوفاة استناداً إلى تقدير عمر اليرقات الرمية فمن المهم معرفة نوع هذه اليرقات ، ذلك حيث إن معدل نمو كل نوع من اليرقات الرمية يختلف باختلاف فصائلها ، وتبعاً لاختلاف درجة حرارة الوسط المحيط .
وفي حالات الجثث التي تترك في العراء لفترات طويلة (شهور أو سنوات) قبل اكتشافها ، فإنه يمكن تقدير الزمن المنقضي على الوفاة من فحص كل أنواع وفصائل الأطوار الحشرية المترممة على الجثة وقت العثور عليها.
ذلك إنه من المعتاد أن تختلف أنواع وفصائل الحشرات التي تترمم على الجثة مع اضطراد التحلل الرمي (بمضي الوقت) ومن ثم فقد يكون مفيداً عند حساب الزمن المنقضي على الوفاة الاهتمام بفحص كل فصائل وأنواع الحشرات الرمية المتواجدة على الجثة (حال العثور عليها) مع مراجعة نظم تتابعها الحشري .
وعلى الرغم من أن هذه الحقيقة صحيحة من الناحية النظرية ، إلا أن التطبيق العملي لها لا يعطي نتائج سليمة تماماً في كل الأحوال إذ ربما يتعذر الجزم بنظام تتابع هذا الترمم الحشري وذلك نظراً لاختلاف نظم تتابع وتسلسل ترمم الحشرات على الجثث باختلاف مكان العثور عليها وبتباين فصول السنة على مدار العام ، ولعل الحالة التالية توضح إلى مدى الاستفادة من دراسة نظام تتابع الترمم الحشري على جثة في تعيين توقيت وفاتها .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]