العوامل المناخية التي تعتمد عليها الطيور في تواجدها ضمن الإقليم الشمالي القديم
2016 طيور العالم
KFAS
الطيور في الأقليم الشمالي القديم علوم الأرض والجيولوجيا
يتطلّب الحجم والتنوّع الهائلان للإقليم منهجاً ما من التوزيع الفرعي بحيث يتسنّى وصف المناطق الرئيسيّة المناخيّة والنباتيّة.
وهناك مخطط مقبول يتّبع مفهومَ نوع حيوانات المنطقة، مع تخصيص خمس مناطق إلى سبع. وقد تمّ تمييز مناطق خمسة من بينها، وتمتدّ من الشمال إلى الجنوب، وهي تحديداً القطبيّة الشمالية (Arctic)، والشمالية (boreal)، والمُعتدلة (temperate)، والبحر المتوسّط (Mediterranean)، والصحراويّة (desert).
تتميّز دوائر العرض الشماليّة التي تؤلّف المنطقة القطبية الشمالية بصيف قصير جداً تتكاثر في أثنائه أعدادٌ كبيرة من أنواع قليلة نسبيّاً، وبشتاءٍ طويل جداً تتخلله في الأغلب درجات حرارة باردة للغاية، ممّا يجعل المنطقة بالكاد تناسب أيّ نوع من الحياة للطيور. ولذلك نجد جميع الطيور المتكاثرة في الإقليم هي طيور مهاجرة فعليّاً.
ويشهد نطاق كبير من المنطقة القطبيّة الشمالية مقداراً منخفضاً من هطول الأمطار على وجه المقارنة.
ويُصنّف الغطاء النباتي على أنه من عُشب التُندرة (السهول القطبية الجرداء) حيث القليل من النباتات يبلغ طولها 50 سم (20 بوصة) إن وُجدت. والأشجار والشجيرات محدودة بالأنواع الزاحفة.
ويُعيق الجمَد الدائم تحتها تصريفَ المياه إلى حدٍّ كبير، وهو ما يؤدّي إلى تكوّن السبخات الواسعة، وتعوّض من جهةٍ عن انخفاض هطول المطر. وتوفّر مثل هذه السبخات أماكن تعشيش وقوت لكثير من الطيور.
ومن بينها وزّة البَرنتيّة (Brant Branta bernicla) والوزّة الغرّاء الكبرى (Greater White-fronted Goose Anser albifrons)، ومَلك العَيدر (King Eider Somateria spectabilis)، والمَدرَوان (Sanderling Calidris alba)، والدّرّيجة الحمراء (Red Knot Calidris canutus)، وقدَم الغُرّة الأحمر (Red Red Red Red Red Phalarope Phalaropus fulicarius)، والنورَس الأبيض المُزرق (Glaucous Gull Larus hyperboreus).
وطيور اليابسة نادرةٌ ولكنها تشمل التُفّاحي الأحمر القطبيّ الشمالي (Hoary Redpoll Carduelis hornemanni) والبومة البيضاء (Snowy Owl Bubo scandiacus).
ويشمل الجزء الأبعد جنوباً من الإقليم القطبي الشمالي منطقةً تشهد هطول أمطار أكثر ودرجات حرارة أقلّ برودة. وفي هذه المنطقة غالباً ما توجد مساحات أو امتدادات كبيرة من الأشجار الخفيضة تنمو إلى ارتفاعٍ كبير إلى حدٍّ ما لتوفّر بالتالي ملاذاً للأعشاش وطعاماً لمجموعة من الطيور أكثر تنوّعاً.
وتكثر كذلك المساحات السبخيّة. وتشمل الطيور المميّزة هنا تُرمجان الصّفصاف (Willow Ptarmigan Lagopus lagopus)، وطويل مهماز لابلاند (Lapland Longspur Calcarius lapponicus)، والطِّيطَوى الأحمر السّاق المُرقّط (Spotted Redshank Tringa erythropus).
والبِحار في المنطقة القطبيّة الشماليّة ضحلةٌ عموماً وخصبة، وتُوفّر بيئة مناسبة صيفاً لأعدادٍ هائلة من طيور البحر التي تعشّش على الأجراف الساحليّة، بما فيها طيور الأوْك (auks)، والنورَس الصغير (القِطواق) الأسوَد الرّجلَين (Black-legged Kittiwake Rissa tridactyla)، والنّورس المُنتِن (الفُلمار) الشّماليّ (Northern Fulmar Fulmarus glacialis).
وتحمل أحوال الطقس والغطاء النباتي الموجود في المناطق العليا من الجبال الشاهقة عند دوائر العرض الجنوبيّة أكثر أوجُـة تشابه مميّزة مع ما يماثلها في القطب الشمالي، ولهذا السبب عادةً ما تُدرَج ضمن تلك المنطقة.
وتتخذ بعض الطيور المُتكاثرة طريقة هجرة رأسيّة صِرفة بين الصيف والشتاء، وتتكاثر فوق القمم الشاهقة وتقضي الصّيف على ارتفاعات أدنى؛ ومن الأمثلة عليها تُرمجان الصخور (Rock Ptarmigan Lagopus muta)، ودُرّسة الثلج (Snow Bunting Plectrophenax nivalis).
إلى الجنوب من المنطقة القطبيّة الشماليّة يقع حزامٌ عريض متّصل من الغابات الصنوبريّة مؤلِّفاً المنطقةَ الشماليّة. ويندمج حدّ الأشجار الشماليّ مع الأشجار الخفيضة في الجزء القطبي الشمالي الأدنى، ويمتدّ أقصى امتداد للأشجار باتجاه الشمال على امتداد وديان نهريّة تغطّيها الأشجار.
وكثيراً ما تكون المساحات الخالية ووديان الأنهار ضمن منطقة الغابة رطبةً وسبخيّةً، أو تملؤها البحيرات بما يوفّر موائل محميّة لطيور الأراضي الرطبة بالإضافة إلى طيور الغابة التي توجد هناك. وقد تكون طيور هذه المنطقة طيور مقيمة أو مهاجرة.
وتشمل البلَقشة البيضاء (Smew Mergellus albellus)، والطِّيطَوى الأحمر السّاق المُرقّط (Spotted Redshank Tringa erythropus)، وطِيطوى الأحراج (Wood Sandpiper Tringa glareola) حول البرك السبخيّة، والباز الشماليّ (Northern Goshawk Accipiter gentilis)، والسُّمنة الحَمراء الجناح (Redwing Turdus iliacus)، والشُرشور الجبلي (Brambling Fringilla montifringilla)، والسّيسكين الأوراسي (Eurasian Siskin Spinus spinus) في الغابات.
وهناك مساحاتٌ صغيرةٌ شبيهة بالمنطقة الشمالية حول المنحدرات الأدنى من النِّجاد الجبليّة الكبيرة إلى الجنوب أكثر. ويُعدّ طيهوج الغابة الأوراسيّ (Eurasian Capercaillie Tetrao urogallus) نموذجاً نمطيّاً.
وأمّا المنطقة المعتدلة فقد كانت فيما سبق منطقةً من الغابات النّفضيّة، وكانت ذات مرّة متصلة تقريباً ولكنها تضاءلت الآن وتجزّأت بفعل الإنسان، مع مجموعة المساحات المجتثّة والمُحوّلة إلى أرضٍ زراعيّة، غير أنها تحتوي على قدرٍ من التعمير كذلك.
وينحصرُ هذا النوع من المَوائل تقريباً بالإقليم الشمالي القديم الغربي (Western Palaearctic)، مع جيوب معزولة أبعد شرقاً وكذلك أبعد جنوباً عند أراضٍ مرتفعة. وتظهر مُجدّداً في الإقليم الشمالي القديم الشرقي (Eastern Palaearctic)، ومثلاً، في الصين. وتنوّع الأنواع أكبر كثيراً مما هو عليه في الغابات الصنوبريّة من المنطقة الشماليّة.
ومِن الجَماعات المُميّزة التي توجد في الأحراج الصنوبريّة النقّار الأخضر الأوراسي (Eurasian Green Woodpecker Picus viridis)، وقَراقف (tits) متنوّعة، وأبو الحنّاء الأوروبي (European Robin Erithacus rubecula)، والشُحرور الأوراسيّ (Eurasian Blackbird Turdus merula)، وشراشير (finches) كثيرة مختلفة؛ بينما تتكاثر طيور معشّشة على الأرض في المساحات المُجتثّة مثل أبو طِيط الشمالي (Northern Lapwing Vanellus vanellus)، وقبّرة الحُقول المألوفة (Sky Lark Alauda arvensis).
توفّر الأراضي الرطبة في المنطقة المعتدلة بيئةً مناسبةً لعددٍ كبيرٍ من الأنواع المتكاثرة المختلفة، وتشمل كثيراً من البطّ، مثل بطّة البُركة (Mallard Anas platyrhynchos) والحذَف الأخضر الجناح (Green-winged Teal Anas crecca)؛ وكذلك الغُرّة الشائعة (Eurasian Coot Fulica atra)، ودَجاجة المَاء
الشائعة (Common Moorhen Gallinula chloropus)، والطِّيطَوى الأحمر السّاق المُرقّط (Spotted Redshank Tringa erythropus)، ونَوارس (gulls) متنوّعة.
توجد الطيور البحريّة بكثرة على الأجراف السّاحليّة، وخصوصاً الأطيَش الشّماليّ (Northern Gannet Morus bassanus)، والبفَن الأطلسيّ (Atlantic Puffin Fratercula arctica)، والمُور الشائع (Common Murre Uria aalge).
وتشكّل مصبّات الأنهار الكثيرة أهميّةً حيويّةً كذلك عند الطيور حيث توفّر مواقع للطعام وقضاء الشتاء لأعداد هائلة من الطيور المخوّضة المتكاثرة القطبيّة الشمالية أساساً، مثل الدُرّيجة الحَمراء (Red Knot Calidris canutus)، والطّيطوى الأدكَن (Dunlin Calidris alpina)، ورسول الغيث المطوّق الشائع (Common Ringed Plover Charadrius hiaticula)، ورسول الغيث الرّمادي (Grey Plover Pluvialis squatarola).
تتميّز دوائر العرض الواقعة إلى الجنوب من الإقليم الشمالي القديم بمناخ أجفّ وأدفأ، وتُعرف باسم منطقة البحر المتوسّط. وفي هذه المنطقة تزدهر الأشجار والجَنبات الدّائمة الخُضرة في بعض الأماكن، فيما يتكوّن الغطاء النباتي من أراضٍ معشوشبة مكشوفة مثل السهوب الروسيّة.
وتُعد أنواع كثيرة من الهوازج طيوراً نمطيّة مثل دُخّلة السفوح (Subalpine Warbler Sylvia cantillans)، ودُخّلة دارتفورد (Dartford Warber Sylvia undata)، مثلما هي طيور حرجيّة أكبر حجماً مثل الصُّفّاريّة الذهبيّة الأفريقيّة (African Golden Oriole)، والهُدهُد الأوراسي (Eurasian Hoopoe Upupa epops).
ويُوجد في الأراضي الرطبة البلَشون الأرجواني (Purple Heron Ardea purpurea)، والبلَشون الأبيَض الصّغير الشرقيّ (Little Egret Egretta garzetta)، والواق الصّغير (Little Bittern Ixobrychus minutus)، وتجتذب الأماكن الجافّة الحُبارى (bustards) والقبّرات (larks).
تحتوي المنطقة الصحراوية على صحارى تمتدّ على نحو غير متّصل تماماً عبر الجزء الجنوبي من المنطقة القطبيّة الشماليّة مباشرةً، من النصف الشمالي للصحراء الكبرى مروراً بصحارى شبه الجزيرة العربيّة ومنها باتجاه الشرق حتى منغوليا وصحراء غوبي.
وتشمل طيور الإقليم الشمالي القديم بما يقدّر بأقلّ قليلاً من 950 نوعاً، ومنها نحو 450 نوعاً من غير الجواثم و500 من الجواثم. وبسبب تأثير الأطوار الجليديّة التي ذكرناها سابقاً يزيد تنوّع الأنواع على نحو ملحوظ جدّاً من الغرب إلى الشرق.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]