تواضع العالم فرانكلين والفروقات بينه وبين نيوتن
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
العالم فرانكلين فرانكلين ونيوتن الفيزياء
ونِعْمَ … التواضع
جاء في نهاية إحدى رسائل فرانكلين لأحد أصدقائه العبارة التالية المليئة بالتواضع الذي يجدر بالباحثين أن يتحلوا به : " إن كثيراً من هذه الأفكار يا صديقي فجَّة ومتسرعة .
ولو كنت طموحاً لاكتساب الشهرة في الفلسفة الطبيعية لكنت قد احتفظت بها لنفسي أصحِّحُها بمرور الزمن، وأمحصها بإجراء المزيد من التجارب.
ولكن لما كانت الإشارات العابرة وحتى التجارب الناقصة في أي فرع جديد من فروع العلم تؤدي عند تناقلها إلى نتائج طيبة تترتب عليها وذلك بإثارة شغف النابهين إليها، فيمكنك إطلاع من تحب على هذه الرسالة . إنني أفضل أن تثري المعرفة على أن يصبح صديقك فيلسوفاً مشهورا " .
بين فرانكلين .. ونيوتن
في الوقت الذي قام فيه عالمنا بأبحاثه ، كان العلم واقعاً تحت تأثير نيوتن ، الذي أوضحت تعاليمه ونظرياته أن حركة العالم يمكن تفسيرها على أسسٍ رياضية .
وقد أقنع نيوتن كل الناس تقريباً بأن الرياضيات هي الحل الوحيد والمفتاح السحري لفهم الطبيعة .
غير أن كثيراً من الناس كانون ينسون أن تطبيق التحليل الرياضي على حركة الأجسام السماوية وفوق الأرض ميسورٌ؛ لأن الحقائق قد جمعت وصنفت وأصبحت في حالة يمكن لعبقرية نيوتن الفذة أن تصنع منها أعظم تخليقات العصر العلمي الحديث.
أما بالنسبة للضوء، فإن نيوتن لم يصنع به ما صنعه بالميكانيكا، كما لم يستطع أن يصوغ كشوفه الكمية أو النوعية في صورة قوانين رياضية عامة .
حقاً كان نيوتن أحد الجهابذة في علم الضوء والذين وقف على أكتافهم من أتوا بعدهم، ولكنه على العكس من كتاب "المبادئ" الذي كان شعاره "أنا لا أفترض"، فإن كتابه " البصريات " يعج بـ " التساؤلات " التي تشبه تخمينات فرانكلين عن الظواهر الكهربائية .
ففي عصر فرانكلين لم تكن حالة علم الكهرباء تسمح بوضع تفسير رياضي شامل ، تماما كما لو كانت حالة علم الضوء في عصر نيوتن، إذ كان العلم في حاجةٍ إلى جهابذة يقومون بالكشف عن حقائق الشحنة والتوصيل والعزل وغيرها ، جهابذة يصنعون نظرية قابلة لتفسير كل هذه الظواهر.
وقد مهَّد نجاح فرانكلين الطريق بالفعل أمام نظريات القرن التاسع عشر الرياضية. ولكن الأهم، أن تمكنه من فن إجراء التجارب وتفسيراته الناجحة المتماسكة التي عبَّر عنها في عبارات فيزيقية سليمة، والحقائق الكثيرة الجديدة التي كشف عنها، قد أعطت علم التجربة شرفاً جديداً في أعين معاصريه في القرن الثامن عشر.
كذلك وضع كلٌ من نيوتن وفرانكلين كما تقدم، مؤلَّفا خالدا هو "المبادئ" للأول و"الكهرباء" للثاني. وأيضا كان لكل منهما فلسفته التي تعبر في ذاتها عن نظام معيَّن.
لكل ما تقدم آمن معاصرو فرانكلين به باعتباره "نيوتن" الجديد أو "نيوتين عصره " . وكان هذا أول "عمل" عظيم تقدمه أمريكا للعلم : أول علمائها .. بنيامين فرانكلين .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]