إكتشاف نظرية الكم بواسطة العالم “بلانك” وأهميتها
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
نظرية الكم ماكس بلادك الفيزياء
وما هو بسحر … !
أرأيت إلى بعض الأبواب وهي تُفتح ذاتياً بمجرد أن تحس بك ودون تدخل منك وكأنها ترحب بمقدمك؟ لقد رأيتها أو سمعت عنها ولا شك، وكأن سحراً يحكمها ويتحكم فيها ولكن ما في الأمر سحر، إنه علم.
انظر جيدا وسوف ترى حزمة من أشعة ضوئية تنتشر عبر المدخل، وعندما تنقطع حزمة الأشعة يفتح محرك آلي الباب. إنه أحد الاستعمالات الرائعة للعين الكهربائية.
والعين الكهربائية هذه وآلة التصوير التليفزيونية تقومان على مبدأ هام جداً وهو مبدأ الكهروضوئية. فعندما يصيب ضوء قطعة من معدن، فإن الإلكترونات تنطلق، أي أن الكهرباء تتولد بواسطة الضوء، لذا تسمى الكهروضوئية .
وقد قُدِّر للكهروضوئية هذه أن تقلب دنيا العلم رأساً على عقب، وأن تفتح من جديد باباً للجدل كان يبدو أن كلاً من هرتز وماكسويل قد قفلاه.
فقد أثبت هذان العالمان أن الضوء يتكون من موجات كهرومغناطيسية، وأنه يتبع جميع القوانين التي تحكم الموجات، أي ينبغي أن يكون الضوء موجات. وأعلن هرتز عام 1889 أن النظرية الموجية للضوء إنما هي حقيقة واقعة .
وما هي إلا سنوات معدودات، أحدى عشرة، وبالتحديد في ديسمبر عام 1900، حتى تمكَّن الفيزيقي الألماني بلانك من أن يهز الأوساط العلمية كلها عندما أعلن أن طاقة الموجات الضوئية تقفز بصورة غير متَّصِلة، وأنها مكوَّنة من كمَّات ( مفردها "كَمّ" Quantum ).
وقد صدمت هذه النظرية، نظرية الكَمّ، الاعتقاد العلمي السائد في ذلك الوقت كما أنها وضعت قواعد نظريات الكم التي ادت إلى ثورة في علم الفيزيقا ، جعلتنا نقترب كثيراً من فهم أعمق لطبيعة المادة والإشعاع .
النظرية الخطيرة
أن نظرية الكَمّ لتعد واحدة من أخطر النظريات العلمية في الفكر الإنساني .
وقد وضعها بلانك عام 1901، ولم يستطع هو نفسه في بداية الأمر قبول المفاهيم الجديدة التي تتضمنها نظريته، وجاء آينشتاين عام 1905 ووضعها موضع التنفيذ الفعلي على خريطة علم الفيزيقا الحديث، واشترك في تطويرها بعد ذلك حيث مُنح جائزة نوبل للفيزيقا عام 1921 لهذا السبب بالذات، وليس بسبب نظريته النسبية كما يعتقد الكثيرون .
والحقيقة أن نظرية الكَمّ التي وضعها عالمنا بلانك هي نظرية مُفْزِعة حيث أنها تتضمن مجموعة من الأفكار الغريبة، وتطبَّق على كل ما في الكون من مادة بدء من الذرات وانتهاء بالمجرات، إنها – تغوص من خلال رياضيات عالية جداً – داخل الذرة لتتعامل مع ما بها من جسيماتٍ أساسية أو ثانوية أو حتى افتراضية يصعب تحديدها مباشرة ولكن يمكن قياس أثرها.
إنها تحدد مسلك هذه الجسيمات: كيف تتَّحد، وكيف تنفصل، وكيف تنقسم، بل وكيف نشأت أصلاً عند الانفجار العظيم، وأجيالها التي تعاقبت منذ نشأة الكون وحتى الآن وهي أجيالُ ثلاثة مزدوجة.
إن نظرية الكَمّ تثير العجب حقاً : فهي تقوم بحساب الجسيمات الموجودة في الكون المنظور منذ نشأته وحتى الآنّ!
وتسبر سر المادة المتحولة في النجوم المتقلصة كالأقزام البيض والثقوب السود، وتستقصى جسيمات المادة المضادة، كما تستقصي تحولات المادة من الصورة الجسيمية إلى الصورة الإشعاعية والعكس، بل والأعجب أنها تتعقب جسيمات المادة حال انطلاقها في الزمن السالب أو الافتراضي – أي الماضي – وهو تعبيرٌ يعني في الفيزيقا النووية استخدام الجذر التربيعي لعدد سالب! كما تبحث في القوى الرئيسة في الكون والتي تربط مكونات الذرة من جسيمات مختلفة برباطها الواثق.
وكما هو واضح فإن كل النتائج التي تتوصل إليها النظرية الكمية تضاف بالتالي إلى النظرية الذرية الحديثة ، حيث نجحت نظرية بلانك في التوغل إلى دهاليز قلب الذرة وسراديبه، ومع ذلك فنظرية الكَمّ لا تؤكد شيئاً ، فكل الاحتمالات مفتوحة وليس هناك يقينٌ على الإطلاق.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]