الكيمياء

نظرية جابر بن حيّان المستمدة من أرسطو

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

نظرية جابر بن حيّان أرسطو الكيمياء

كان جابر يعتقد بنظرية أرسطو في تكوين المادة من العناصر الأربعة: الهواء والماء والنار والتراب. وكان يفهمها بالصورة التالية:

1- المادة الأولية في الكون "الهيولي" Hule' لا تتخذ صورة مادية إلا إذا اتحدت بهيئة ذاتية.

2- أبسط الهيئات الذاتية هي التي إذا اتحدت بالهيولي نتج عنها أحد العناصر الأربعة: الهواء والماء والنار والتراب.

3- لكل من هذه العناصر صفتان تميزه عن غيره : كالماء رطبٌ بارد، والهواء ساخنٌ رطبٌ، والنار ساخنة جافة، والتراب باردٌ جاف.

4- يمكن تحويل عنصرين أحدهما إلى الآخر إذا اشتركا معاً في إحدى خصائصهما . فالهواء والنار مثلا يشتركان في خاصية السخونة. لذا إذا سُخِّن الماء استحال ناراً، وبالمثل إذا برٌد أصبح تراباً.

5- جميع المواد تتركب من العناصر الأربعة بنسب متباينة.

6- بتغيير الهيئة الذاتية للمادة يمكن تحويلها إلى مادة أخرى ، ويكون هذا التحول على درجتين متواليتين : في الأولى تتقدَّم الهيئة الذاتية الأصلية، وفي الثانية تتخذ الهيولي هيئة أخرى.

 

وقد تجاوز جابر نظرية أرسطو هذه، نظرية العناصر الأربعة، واضعاً نظرية جديدة في تكوين المعادن وإن كانت تقوم على نظرية أرسطو أيضا، وقد شرح نظريته في كتابيه "المائة والاثنا عشر" و "الإيضاح".

وهي تتلخص في أن جميع المعادن تتكون من عنصرين : أحدهما دخانٌ أرضي والثاني بُخارٌ مائي، وبتكاثف هذين العنصرين في جوف الأرض ينتج الكبريت والزئبق.

وباتحاد هاتين المادتين تتكون المعادن ، والفرق بين معدنٍ وأخر يرجع إلى الفرق في النسبة التي يتحد بها الكبريت والزئبق، ففي الذّهب يكون اتزان تام، وفي الفضة يكونان متساويين في الوزن، والنحاس يحتوي من العنصر الأرضي أكثر مما في الفضة، أما الحديد والرصاص والقصدير ففيهما أقل.

ولما كانت المعادن مركبةٌ جميعها من هذين العنصرين، فليس من المتعذر تحويل بعضهما إلى البعض الآخر.

وبهذا يستطيع الكيمايئي أن يُتمّم في وقتٍ قصير ما يتم في الطبيعة في زمنٍ جد طويل، إذ يُقال أن الطبيعة تستغرق عشرة آلاف سنة في تكوين الذهب.

 

وبالطبع لم يقصد جابر بنظريته هذه ظاهر معناها، لأنه كان يعرف جيّدا أن الزئبق المعتاد والكبريت المعتاد إذا اتحد نتج عنهما "الزنجفر" CinnabAr "كبريتيد الزئبق" وهو ليس بمعدن.

فالكبريت والزئبق المشار إليهما في نظريته ليسا كبريت العوام ولا زئبقهم ! ولكنهما مادتان مثاليّتان أقرب شبه لهما الزئبق والكبريت الشائعان.

وقد بقي معمولاً بنظرية جابر هذه حتى القرن الثامن عشر، وكانت نواة للنظرية التي تلتها وهي نظرية الفلوجستون القائلة بأن كل المواد القابلة للاحتراق والفلزات القابلة للتأكسد تتكون من أصول زئبقية وكبريتية وملحية.

هذا، ولجابر في الاتحاد الكيميائي رأي ناضج يدل على عمق تفكير وندرة ذكاء، أوضحه في كتابه "المعرفة بالصنعة الإلهية والحكمة الفلسفية" عند تفسيره لاتحاد الزئبق مع الكبريت، ملخصه : "يظن البعض خطأ أنه عندما يتحد الزئبق والكبريت تتكون مادة جديدة في كليتها .

 

والحقيقة أن هاتين المادتين لم تفقدا ماهيتهما . كل ما حدث أنهما تجزَّأتا إلى دقائق صغار امتزجت مع بعضها البعض بحيث تعجز العين المجردة عن تمييزهما، وظهرت المادة الناتجة من الاتحاد متجانسة التركيب.

ولو كان في قدرتنا الحصول على وسيلة نُفرِّق بها بين دقائق المادتين لأدركنا أن كلا منها يظل محتفظاً دائما بهيئته الطبيعية الدائمة".

وهذه الصورة التي تخيَّلها جابر لا تخرج عن النظرية المعروفة الآن ، وهي أن الاتحاد الكيميائي إنما يكون عن طريق اتصال ذرات العناصر بعضها ببعض، والتي وصفها دالتون بعد جابر بنحو ألف سنةٍ من الزمان! .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى