أهم الأعمال التي تميّز بها “قاهرو الأمراض ورواد الفيزيقا” من العلماء
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
قاهرو الأمراض ورواد الفيزيقا اعمال العلماء العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
واذكر في قاهري الأمراض جنر، فقد سلكه دوره الرائد في القضاء على مرض الجدري الذي يصيب الإنسان في زُمرة الخالدين. ولِمَ لا ؟ ألم يكن هذا المرض قبل جنر يحصد أرواح الآلاف كل عام بل الملايين؟! .
وإذا كان لباستير أدوار مهمة لعبها إزاء أشياء كثيرة من مثل : ظاهرة التخمر، والبسترة، ومضادات التعفن، والمناعة، ومرض الكلب، إلخ . إلا أنه يشار إليه في تاريخ العلم بأنه "قاهر الجراثيم".
والذي خلَّد روس أنه قهر مرضاً كم قاست البشرية ويلاته ولا تزال في بعض المناطق، مثل الملاريا.
وإذا كان الإنسولين الذي كشفه بانتنج هو السبب في إنقاذ حياة مينو وآخرين كثيرين، فإن مينو خُلِّد ذكره بقهره مرض الأنيميا الخبيثة .
والذي خلَّد يورج قهره لمرضٍ لعين هو شلل المجانين .
ومن رواد الفيزيقا نذكر الكندي، فيلسوف العرب وبخيلهم، كانت له اهتماماته المتعددة وخاصة في الفلسفة التي كانت الطبيعيات على عهده جزءاً منها.
وله مؤلفات في مختلف فروع الطبيعيات: المناظر، والظواهر الطبيعية، والأحجار والمعادن، والحركة والزمن، والعلم الطبيعي بصفة عامة. وقد ربا إنتاجه العلمي في اهتماماته كافة على 240 مصنفاً! .
أما بنوموسى، محمد وأحمد وحسن، فقد خلدتهم أعمالهم القيَّمة في مجالات ثلاثة: الفيزيقا والهندسة الميكانيكية والفلك .
ومن أعمالهم في الفيزيقا طريقة مبتكرة لرسم الشكل الإهليلجي، ومن أعمالهم في الهندسة الميكانيكية كتابٌ عجيبٌ نادرٌ هو "حيل بنو موسى" قد يكون الأول من نوعه في الميكانيكا والتكنولوجيا. ومن أعمالهم في الفلك قياسهم محيط الأرض .
وعن ابن الهيثم حدِّث ولا حرج! وقد خلَّده أمران : الأول جهده الرائع المتميز في البصريات مما يجعل أثره في علم الضوء في القرن الحادي عشر لا يقل بحال عن أثر نيوتن في علم الميكانيكا في القرن السابع عشر، ويعتبر كتابه "المناظر" من خير ما تتيه به الأمة العربية وتفاخر في هذا المجال.
فهو مُصنَّفٌ أصيلٌ مبتكر أدى إلى فصل علم الضوء عن علم الهندسة واستقلاله. وقد انتشر في القرون الوسطى انتشاراً رحباً في نحو ترجماتٍ خمس لاتينية ولغات أُخر مشتقة منها.
وكان العمدة في أوروبا لقرون طوال. والثاني منهجه العلمي الذي يقوم أساساً على الاستقراء والاستنباط والتمثيل ، وهي نفس الركائز التي يقوم عليها المنهج العلمي بمفهومه الحديث .
وعندما ننتقل إلى البيروني، الاستاذ، فلا بد أن يعلو الصوت ويعلو ويُرفع الحرج كل الحرج، فنحن نتحدث عن "موسوعة" علمية محيطة بكل المقاييس.
بلغت تصانيفه اكثر من مائة وتسعين بين كتابٍ ومقالة ورسالة استوعبت فروع المعرفة الإنسانية كلها، منها "التفهيم لأوائل علم التنجيم" و "الآثار الباقية من القرون الخالية" و "ما للهند من مقولة، مقبولة أو مرذولة" و… إلا أن الذي خلَّده هو مؤلفه النفيس "القانون المسعودي في الهيئة والنجوم" وهو مُصنَّف ضخمٌ أشبه بدائرة معارف في علوم الفلك والجغرافيا والرياضيات، يقع في أجزاء ثلاثة في نحو ألف وخمسمائة صفحة، ومقسَّم إلى إحدى عشرة مقالة تضم مائة وثنتين وأربعين بابا!
أتى فيه بابتكارات لم يسبقه إليها من سبقوه. وفضلاً عن "قانونه" فقد خلَّده كذلك منهجه الخاص في الدرس والبحث والذي لا يكاد يختلف في جوهره عن المنهج العلمي المعروف اليوم .
ويعتبر كتاب ابن ملكا "المعتبر في الحكمة" من أزهى ما تزهو به الحضارة العربية في مجال علم الحركة، فضلاً عن جهوده في الطب التي لا تُنكر .
وإذا كان للخازن، أبى علمي الديناميكا والهيدروستاتيكا، كتب قيَّمة من مثل: "الزيج السنجاري"، و "الآلات العجيبة"، و "التفهيم"، و "جامع التواريخ"، فإن مصنّفه الشهير "ميزان الحكمة" يقف بينها شامخاً متألقاً بمجلَّداته الثمانية وقضاياه الفيزيقية والفلكية الكبرى، فهو من أروع ما أنتجت القريحة الإسلامية في العصور الوسطى.
كما كان له أثره الذي لا يُنكر في تاريخ الفيزيقا خاصة وتطور الفكر العلمي عند العرب عامة. وقد تُرجم الكتاب من العربية إلى لغاتٍ أُخر عديدة حيث نهل منه علماء الغرب .
وللإمام فخر الدين الرّازي مصنَّفات ثلاثة في الطبيعيات أهمها كتابه الشهير "المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات" ، فضلاً عن مؤلفاته الأُخر في مجالات متعددة: في تفسير القرآن الكريم، وفي علم الكلام ، وفي الفلسفة والمنطق، وفي الفقه والأصول، وفي الرياضيات والفلك، الخ.
وللطوسي، العلاَّمة، مصنّفات أربعة رئيسة في الطبيعيات ، خلَّده منها اثنان : "حل مشكلات الإشارات والتنبيهات" و "تحرير المناظر" وهو شرحٌ وتعليقٌ حلى كتاب ابن الهيثم الشهير "المناظر".
والشيِّرازي ، كان عَلَماً من أعلام المسلمين في عصره في مجالاتٍ عديدة، إلا أن أهم ما يُخلِّده نظريته العلمية الصحيحة في قوس قزح، وكذلك منهجه العلمي الذي يأخذ في جوهره بخصائص المنهج العلمي المعاصر .
وخلَّدت الفارسي أعماله الكثيرة في علم الضوء والمتمثلة في مصنفات ثلاثة مهمة هي : "تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر"، و "في الهالة وقوس قزح"، و "البصائر في علم المناظر في الحكمة" .
وأرشميدس ، فعلى الرغم من إنجازاته الكبيرة في مجالي الحرب والسلام ، فقد خلَّدته قاعدته الشهيرة، إذ يكفي أن تلفظ كلمة "قاعدة" ليكمل السامع .. "أرشميدس" .
وتوريشلَّي له أعماله الكثيرة في مجالات متعددة : في الصوت والضوء والمغناطيسة والضغط الجوي والنشرة الجوية ، إلا أن أهم ما خلده كشفه الفراغ "فراغ توريشلَّي" .
وخلَّد هيجنز اختراعه الساعات البندولية ووضعه النظرية الموجية للضوء .
ونتوقف عند هوك، عالم قليل الحظ . فعلى الرغم من عبقريته الفذة التي تُطاول في إنجازاتها اكتشافات بويل ولفنهوك ونيوتن وهيجنز ، إلا أنه كلما أقدم على تسجيل أحدها وجد من سبقه، حتى إننا لا نذكره إلا بقانونه الخاص بالشد والاستطالة .
كما أن هناك عملاً آخر فذاً بيد أنه لم يُخلَّده مثلما خلَّده القانون وهو كتاب "الصور المجهرية"، وإن كان وحده كافياً لأن يضع مولَّفه في مصاف رجالات العلم البارزين. نعم لقد كان هوك عالماً قليل الحظ، فقد نُسب الكثير من كشوفه لآخرين عاصروه أو لحقوا به!.
وإذا ما ذكرنا فرانكلين، نجد أنه خلَّدته جملة أسباب في مقدمتها أنه كان أول عالم أمريكي، رئيساً للولايات المتحدة، وعلى رأس الأعمال العلمية التي خلّدته: اختراعه مانعة الصواعق، ووضعه كتابه النفيس "الكهرباء" الذي يحلو للبعض أن ينزله منزلة "المبادئ" لنيوتن، بل ويعتبر فرانكلين نفسه نيوتن عصره.
والحق أن كتاب فرانكلين هذا ليعتبر من أعظم الكتب التي ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر، وظهرت له طبعاتٍ بلغاتٍ كثيرة كالفرنسية والإيطالية والألمانية فضلاً عن الإنجليزية .
وخُلِّد فولتا في تاريخ العلم على أنه واضع نظرية التيار الكهربائي ، ومخترع عمود البسيط "عمود فولتا" .
أما أمبير، فقد خلَّده تأسيسه لعلم الكهرباء الديناميكية، وزاد خلوده إطلاق اسمه على وحدة قياس شدة التيار الكهربائي "الأمبير"، فدخل بذلك كل بيت به عداد لقياس الاستهلاك من الكهرباء ! .
وخلَّد أوم عمل واحد هو قانونه المعروف باسمه "قانون أوم" الذي يُحدد العلاقة التي تربط بين متغيراتٍ ثلاثة: فرق الجهد والمقاومة وشدة التيار.
وأما عن فاراداي فحدِّث كذلك وأسهب. كشوفاته في الفيزيقا والكيمياء ذات شأن ، فهو أبو الفيزيقا التجريبية. فعلى أساس من هذه القوانين تم بناء دعائم ثلاث أحدثت انقلاباً في الثورة الصناعية: المحرك الكهربائي والمحول الكهربائي، والمولد الكهربائي ، وما تفرّع عنها من مستنبطات كثيرة حديثة كالتلغراف والتليفون السلكي واللاسلكي والمصباح الكهربائي وآلاف من الآلات الصغيرة والكبيرة .
كذلك كشف عن قوانين التحليل الكهربائي التي بُنيت عليها الآراء الحديثة في البناء الكهربائي للمادة. ولا نستطيع أن نُغفل في آثاره العلمية التي خلدته دوره المهم في حل مشكلة من أعقد المشكلات العلمية وهي مشكلة التفاعل بين الأجسام عن بُعد وفرض الأثير اللازم لذلك.
وإذا كنا نعيش اليوم عصراً من مُسميَّاته "عصر الكهرباء"، وإذا كان هناك كثيرون قد ساهموا في هذه التسمية من جنسياتٍ مختلفة من مثل: "فولتا الإيطالي ، وأورستد الدانماركي، وأمبير الفرنسي، فإنه يتفوق على الجميع إنجليزيان أحدهما فاراداي .
وأما هنري ، فرغم كشوفاته الكثيرة من مثل : توليده الكهرباء بتأثير المغناطيسيته، واختراعه التلغراف، وكشف الموجات اللاسلكية ، فإنه لم يُخلِّده شيء من هذا حيث نُسِبَ كله لغيره. وإنما خلَّده عملٌ واحدٌ فقط ، ذلكم إطلاق اسمه على وحدة قياس الحث الذاتي "الهنري". قلة بخت .. ألا تذكر هوك؟!
ومن منا يجهل رونتجن، مكتشف الأشعة السينية، وأول حاصل على جائزة نوبل في تاريخها .
ولودج، خلَّده عاملان : بحثه في الموجات اللاسلكية التي قام عليها كثير من المستنطبات اللاسلكية الحديثة مما جعله نِدٌ لهرتز وممهد السبيل لماركوني ، وبحثه في كنه الأثير .
والكشف العظيم الذي خلَّد بيكيريل، كشفه خاصية الإشعاع، وإن لم يكن متفردا به حيث كان الكشف قسمةٌ بينه وبين علماء أُخر .
ومايكلسون، خلدته تجربته التاريخية الخطيرة التي قاسمه فيها مساعده مورلي . إذ رغم النتيجة السلبية للتجربة فقد كانت هذه السلبية ذاتها انطلاقة النسبية ! . وكان لها في تاريخ الفكر الإنساني مقام لا يقل عما لمذهب كوبر نيكوس في الفلك من مقام.
وقد قُدِّر لاسم هرتز أن يخلد بالمصطلح "هرتز" الذي يُستخدم لقياس التردد، كما خلده كشفه الموجات اللاسلكية التي ترتب عليها اختراع كل من الراديو والتلفزيون، كما استقصى سر الرَّادار قبل اختراعه بخسمين عاماً ! .
وكان العمل الكبير في حياة بلانك، نظريته الخالدة "ثابت بلانك" التي تعد الأساس لجميع العلوم الفيزيقية الحديثة المتعلقة بالدقائق الذرية ، وهي تعتبر – عند أصحاب النظر – أكثر خطورة من نظرية النسبية ذاتها ! .
وعلى الرغم من جهود فيتزجرالد الكبيرة في مجال الفيزيقا الرياضية، حيث طوَّر مثلاً نظرية ماكسويل الكهرومغناطيسية، فمن المؤكد أن اسمه سيظل مرتبطاً بعمل واحدٍ فقط، ذلكم كشفه المعروف بـ "انكماش فيتزجرالد" .
وبالمثل كان العمل الكبير الذي خلَّد هايزنبرج ، وضعه نظرية من أخطر النظريات العلمية، تلكم نظرية "ميكانيكا الكمّ" والمبدأ العظيم الذي انبثق عنها "مبدأ عدم اليقين". وكان لكل من النظرية والمبدأ آثارهما العلمية والفلسفية الكبرى .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]