التفسيرات التي قدمها العلماء حول ظاهرة “انقراض الديناصورات”
2002 في رحاب الكيمياء
الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي
KFAS
ظاهرة انقراض الديناصورات علوم الأرض والجيولوجيا
يتبع الباحثون في شتى المجالات أسلوباً منظماً في البحث يعرف "بالطريقة العلمية" ، وأول الخطوات في هذا المجال تحديد المشكلة بعناية تامة .
ويلي ذلك إجراء التجارب وتسجيل الملاحظات وجمع البيانات الكيفية والكمية . وفي ضوء هذه البيانات يمكن وضع ما يعرف "بالفرضية" وهي تفسير مبدئي لمجموعة من الملاحظات .
ومع زيادة كمية البيانات وشموليتها نصل إلى ما يعرف "بالقانون" وهو مقولة كلامية او رياضية لعدد من الظواهر التي تتكرر تحت الظروف نفسها .
وحينما تجتاز الفرضية عدداً كبيراً من الاختبارات بنجاح ترتفع إلى مرتبة "النظرية" التي تسر حشداً من الحقائق والقوانين التي تعتمد عليها .
ويجري إخضاع النظريات للاختبارات المستمرة ، وقد يؤدي ذلك إلى تطورها أو غلغائها واستبدال نظرية جديدة بها .
وتعدّ مسألة انقراض الديناصورات واحدة من المسائل التي طبقت فيها الطريقة العلمية . فمن المعروف أن عالمنا كان يعج بالديناصورات منذ ملايين السنين ولكنها انقرضت وبشكل مفاجئ . ولقد تمكن العلماء من حل لغز اختفائها باتابع الطريقة العلمية .
ففي مرحلة إجراء اتجارب وجمع البيانات درس علماء السلالات الحفريات وبقايا العظام التي وجدوها في الصخور في طبقات القشرة الأرضية المختلفة . ولقد مكنتهم النتائج التي حصلوا عليها من رسم خريطة للأنواع التي عاشت على الأرض خلال عصور جيولوجية معينة .
واظهرت دراستهم أيضاً ان الصخور التي تكونت بعد ما يعرف بالعصر الطباشيري مباشرة ، هذا الذي يرجع تاريخه إلى ما قبل 65 مليون عام، لم تحتو على أي آثار لعظام الديناصروات .
واستنتجوا من ذلك أن الديناصورات قد اختفت على سطح الكرة اأرضية قبل حوالي 65 مليون عام . فما الذي جرى آنذاك ؟
هناك العديد من الفرضيات التي وضعت لتفسير انقراض هذه الديناصورات ، يعلل ذلك بانقطاع السلسلة الغذائية لهذه المخلوقات والتغير الجذري الذي نجم عن ثورات بركانية عاتية . لكن لم يقم دليل مقنع على أي من هذه الفرضيات حتى عام 1977 .
ففي ذلك العام حصلت مجموعة من علماء السلالات تعمل في إيطاليا على بيانات محيرة في موقع بالقرب من مدينة "جوبيو" الإيطالية . وجاء ذلك بعد أن قاموا بتحليل كيميائي لعينات من طبقات الطين الموجودة على الرسوبيات التي تكونت إبان العصر الطباشيري ، وقد اعتبرت هذه الطبقات الطينية سجلاً للأحداث التي تلت العصر الطباشيري .
ودلت هذه التحليلات على أن طبقات الطين هناك تحتوي على نسبة عالية من عنصر الإيريديوم ، وهو عنصر شديد الندرة في القشرة الأرضية ولكنه موجود بشكل نسبي في الكواكب السيارة الصغيرة.
ودفعت هذه النتائج العلماء إلى وضع فرضية حول انقراض الديناصورات تعزو وجود عنصر الأيريديوم في ذلك المكان إلى أن كوكبا سيارا يبلغ قطره عدة أميال كان قد ضرب الأرض في ذلك المكان .
ويمكن الافتراض بأن تأثير هذا الكوكب على سطح الأرض كان كبيراً وهائلاً بحيث أدى إلى تبخير كمية كبيرة من الصخور المجاورة والتربة والأشياء الاخرى . ولقد أدى الحطام والغبار الناجم عن ذلك إلى حجب ضوء الشمس عن سطح الكرة الأرضية لعدة شهور أو عدة سنوات .
ولا يخفي أن غياب ضوء الشمس لهذه الفترة الزمنية يؤدي إلى موت كل اشكال النباتات . وبالفعل فقد دلت سجلات الحفريات على أن أعداداً كبيرة من الأنواع النباتية قد ماتت في تلك الفترة .
ونجم عن ذلك أن الحيوانات التي تعتمد في غذائها على هذه النباتات قد تعرضت للهلاك التدريجي ، مما أدى أيضاً إلى مجاعة عند الحيوانات المفترسة ، ولا يخفى أن نضوب مصادر الغذاء يؤثر أول ما يؤثر على الحيوانات الضخمة التي تحتاج في وجباتها إلى كميات كبيرة من الغذاء .
ويتضح لنا أن هذه الفرضية حول انقراض الديناصورات تجمع بين التشويق والإثارة ، ولا شك أنها تحتاج إلى مزيد من الفحص والتمحيص .
ولو صحت هذه الفرضية فلا بد لنا أن نجد نسبة عالية من الإيريديوم في طبقات شبيهة بتلك التي تمت دراستها وفي أماكن مختلفة من الكرة الأرضية . وبالإضافة إلى ذلك يمكننا أن نتوقع اندثار حيوانات ضخمة اخرى مع الديناصورات .
ولقد دلت الأبحاث الجارية على صحة كلا التوقعين ، وتم جمع بيانات تدعم هذا الامر، وفي الحقيقة فإن الدليل الذي قدمته هذه الابحاث حول اندثار الديناصورات اصبح مقنعاً بدرجة كبيرة إلى الحد الذي جعل بعض العلماء يطلقون على هذا التفسير "نظرية اندثار الديناصورات" .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]