علوم الأرض والجيولوجيا

دور”غاز ثاني أكسيد الكربون” في وجود ظاهرة الاحتباس الحراري

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

غاز ثاني أكسيد الكربون ظاهرة الاحتباس الحراري علوم الأرض والجيولوجيا

تلعب مكونات الغلاف الجوي دوراً أساسياً في الحفاظ على الحياة على سطح الأرض ، وقد راينا كيف أن الأوزون يشكل مصفاة للاشعة القادمة من الشمس ، وأنه يقوم باصطياد الاشعة فوق البنفسجية الضارة بالإنسان . 

ومن المكونات الأساسية للغلاف الجوي أيضاً كل من بخار الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون .  ويلعب هذان المكونات دوراً بالغ الأهمية في الحفاظ على درجة الحرارة في كوكبنا .

ويلاحظ أن كوكب الأرض يوجد في توازن حراري مع المحيط الذي يغلفه ويحيط به .  وهكذا فإن كمية الحرارة التي تمتصها الكرة الأرضية تكون في الأصل مساوية لكمية الحرارة لتي تشعها إلى الغلاف الجوي ، وبذلك تبقى درجات الحرارة على هذا الكوكب ثابتة على مر السنين . 

 

ويقوم كل من بخار الماء وثنائي أكسيد الكربون في الجو بامتصاص جزء كبير من الإشعاعات المنطلقة من سطح الأرض والاحتفاظ بها مما يساعد على الحفاظ على درجات حرارة الأرض على حالها .

ومثل هذا الأثر الناجم عن وجود بخار الماء وثنائي أكسيد الكربون وبعض المكونات الأخرى هو المسؤول عما يطلق عليه حالياً أثر الدفيئة (أثر البيت الزجاجي) ويلاحظ أن نسبة بخار الماء في الجو تختلف من مكان لآخر ومن وقت لآخر ايضاً .  لكنها بشكل عام تزداد كلما اقتربنا من سطح الأرض وتقل كلما ابتعدنا عنه إلى طبقات الجو العليا . 

ولما كان لبخار الماء القدرة على امتصاص الاشعة تحت الحمراء التي تنطلق من سطح الارض فإنه يلعب بذلك دوراً أساسياً في حفظ درجة حرارة الأرض في أثناء الليل ، وهو الوقت الذي تشع الأرض حرارتها إلى الجو دون أن تكتسب شيئاً نظراً لغياب الشمس في هذا الوقت .  و

 

للاستدلال على ذلك نلاحظ أن درجة حرارة المناطق الصحراوية والتي تحتوي أجواؤها على نسبة قليلة من بخار الماء ، تكون شديدة البرودة ليلاً وشديدة الحرارة نهاراً .  في حين تكون المناطق المجاورة للبحار والمحيطات ، أكثر دفناً في الليل ، نظراً لارتفاع نسبة بخار الماء في أجوائها.

وإضافة إلى بخار الماء يلعب ثنائي أكسيد الكربون دوراً أساسياً في الحفاظ على درجة حرارة كوكب الأرض .  وقد لوحظ أن نسبة هذا الغاز في الجو المحيط بالأرض في ازدياد مستمر . 

ويعزي ذلك إلى الكميات الهائلة من الوقود الأحفوري ، من فحم ونفط وغاز طبيعي، تلك التي يحرقها الإنسان لإنتاج الطاقة .  ومن المعروف أن حرق هذه المواد يؤدي إلى تكون غاز ثنائي أكسيد الكربون ، ذلك أن حرق غرام واحد من غاز البوتان في المطبخ يؤدي إلى تكون ما يزيد عن ثلاثة غرامات من هذا الغاز . 

 

اما حرق غالون واحد (حوالي اربعة لترات) من الغازولين المستخدم كوقود للسيارات ، ينتج ثمانية كيلوغرامات من غاز ثنائي أكسيد الكربون . 

وتقدر كمية هذا الغاز الناجمة من إحراق هذه اانواع من الوقود بحوالي عشرين بليون طن سنوياً ، تذهب جميعها إلى الأجواء المحيطة بالكرة الأرضية .

وعلى الرغم من أن الكثير من ثنائي أكسيد الكربون يتم امتصاصه في مياه البحار والمحيطات أو يستهلك من قبل النباتات في عمليات الاصطناع الضوئي أو التمثيل الكلوروفيلي ، إلا أننا في الوقت الحالي ننتج من هذا الغاز كميات تفوق كثيراً ما يستهلك منه، وهذا بدوره يزيد من تركيزه في الأجواء المحيطة بنا .  ومثل هذه الزيادة تؤدي إلى تكون طبقة كثيفة من هذا الغاز تغلف الكرة الأرضية . 

 

وهذه بدورها تمنع تسرب الاشعة المنبعثة من اليابسة من التسرب إلى طبقات الجو العليا لتبقى محبوسة في طبقات الجو القريبة من اليابسة مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في محيط الكرة الأرضية .

ولقد أثبتت التحاليل التي أجراها العلماء على عينات من الثلج أخذت من أنتارتيكا وغرينلاند أن نسبة هذا الغاز بقيت ثابتة منذ 10.000 عام وحتى بدء الثورة الصناعية منذ 300 عام .  لكن هذه النسبة تزايدت منذ الثورة الصناعية وحتى الآن بما يقرب من %30

ويقدر هؤلاء العلماء أن هذه الزيادة أدت إلى زيادة درجة حرارة الارض بما يعادل 0.3 إلى 0.6 درجة سيليزية خلال القرن الماضي .

 

وعلى أساس من المعدل الحالي لإحراق الوقود الأحفوري، يقدر العلماء أن نسبة غاز ثنائي أكسيد الكربون سوف تتضاعف عما عليها الآن وذلك حتى نهاية القرن الحادي والعشرين . 

وتشير النماذج الحاسوبية إلى أن هذه الزيادة في نسبة الغاز يمكن أن تؤدي إلى زيادة في حرارة الأرض بما يتراوح بين درجة إلى ثلاث درجات سيليزية ، الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيرات أساسية في الطقس . 

وقد تكون العواصف والأعاصير والفياضانات التي تشهدها العديد من المناطق في العالم في أيامنا هذه والتي يطلق عليها ظاهرة "النينو" مقدمة لهذه التغيرات .

 

ويتضح مما تقدم أن أخطاراً كبيرة تحيط بكوكبنا إذا استمرت الزيادة في نسبة غاز ثنائي أكسيد الكربون في الجو والتي بدورها تؤدي إلى ما يسمى "بالاحتباس الحراري". 

من هنا بدأت الدول الصناعية في اتخاذ العديد من الإجراءات التي تقلل من كميات هذا الغاز التي تطلق إلى الجو .  ومن ناحية أخرى بدأ العلماء في إجراء العديد من التجارب التي تهدف إلى امتصاص اكبر جزء ممكن من هذا الغاز في مياه المحيطات . 

وفي هذا الاتجاه قام العلماء بتطعيم مياه البحار والمحيطات بكميات من الحديد ، مما أحدث انتعاشاً كبيراً في تكاثر كائنات البلانكتون في هذه المياه ، وهذه الكائنات هي عوالق بحرية يقتات عليها السمك الصغير في المرحلة الاولى من الدورة الغذائية البحرية . 

 

ومن المعروف أن هذه الكائنات الدقيقة تستهلك كميات كبيرة من ثنائي أكسيد الكربون .  وقد أشار العلماء إلى أنه لو عولجت المحيطات الجنوبية من الكرة الأرضية وحدها بالحديد ، فإن معدلات غاز ثنائي اكسيد الكربون في تلك المناطق ستنخفض بنسبة %21

وهذا بدوره سوف يقلل من حدوث الاحتباس الحراري وما ينجم عنه من أخطاء وكوارث قد تهدد الحياة على كوكب الارض .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى