الكيمياء

علم المواد وخصائص”المواد الذكية”

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

علم المواد خصائص المواد الذكية الكيمياء

كانت المواد التي يتعامل معها الإنسان في الماضي قليلة وبسيطة بساطة الحياة والحاجات آنذاك . 

ومع تقدم العلم وبروز حاجات جديدة واستخدامات عديدة بدأ العلماء في صنع مواد مختلفة اشكالها وألوانها وخواصها واستخداماتها لنواجه بها حاجات الحياة الحديثة المتنوعة . 

وحدث نتيجة ذلك ولادة علم جديد هو علم المواد يختص بدراسة حاجات الإنسان من المواد الجديدة ومحاولة توفيرها بطرق مبتكرة وفريدة .

 

ومن أهم هذه المواد الألياف الاصطناعية التي برزت الحاجة لها مع ظهور حاجات جديدة وزيادة عدد سكان المعمورة . 

وقد عرف الإنسان في الماضي الألياف الطبيعية مثل ألياف الصوف والقطن والكتاب والحرير واستخدمها لاغراضه المختلفة .  ومع مرور الزمن لم تعد هذه الألياف تفي بحاجات الإنسان كماً وكيفاً.

ومن هنا توجه العلماء إلى اصطناع الياف جديدة وحققوا في هذا المجال نجاحات كبيرة . وكان من أهم أنواع هذه الألياف النايلون والبوليستر بأنواعهما المختلفة .  وقد تركز استخدام هذه الألياف بشكل رئيس في مجال صناعات النسيج .

 

وقد ظهرت فيما بعد الألياف الزجاجية التي تصنع من الزجاج والتي تتميز بتركيبات مختلفة بحسب الاستخدام النهائي لهذه الألياف . 

لكن المكونين الرئيسيين لها هما السيليكا من الرمل وكربونات الكالسيوم من حجر الجير ، يضاف إليهما مكونات أخرى بنسب بسيطة وذلك بحسب المواصفات المطلوبة . 

ومن هذه الإضافات كربونات الصوديوم وكربونات البوتاسيوم وهيدروكسيد الالمونيوم وأكسيد المغنيسيوم وغيرها .  وتصهر هذه المكونات في افران خاصة ثم يتم تحويل هذا المصهور إلى خيوط دقيقة . 

 

وتتميز هذه الخيوط بقوتها وعدم قابليتها لامتصاص الماء إضافة إلى مرونتها وعدم قابليتها للاحتراق ومقاومتها لتأثير معظم المواد الكيميائية ، وإن كانت تتأثر بالقلويات وبعض الأحماض المعدنية وهي لا تتدرك حيوياً ، أي أنها لا تتأثر بأنواع البكتيريا المختلفة .

ومن الألياف الجديدة أيضاً الألياف الفلزية التي يتم اصطناعها من الفلزات المختلفة والتي تستخدم منفردة أو مختلطة بأنواع أخرى من الألياف . 

وفي أواخر الخمسينيات ظهرت الحاجة إلى مواد مرنة تستطيع مقاومة الظروف غير العادية في البيئات المختلفة ، وذلك على أثر تقدم صناعة الطائرات الحديثة .  وقد استخدمت هذه الألياف في مجال صناعة الأنسجة للاستخدامات الخاصة ، فهي تفوق الألياف العضوية أو الزجاجية في قوتها وقدرتها على الإحتفاظ بشكلها . 

 

لكن الألياف المعدنية تعاني من خشونتها وقلة مرونتها مقارنة بالالياف العضوية إضافة إلى زيادة وزنها . 

لكن مقاومتها لتاثير العديد من الكيماويات حتى عند جرجات حرارة عالية جعلها تتفوق على الألياف العضوية في بعض الاستخدامات مثل الاستخدامات العسكرية والصناعية التي تستفيد من قدرتها العالية على إيصال الحرارة والكهرباء .

وقد أمكن خلط هذه الألياف الفلزية مع بعض أنواع البلاستيك ، ومن أمثلة ذلك خليط الالمونيوم مع أنواع متعددة من المواد البلاستيكية مثل البوليسترات التي تنتج أليافاً يمكن تلوينها بألوان مختلفة لاستخدامها في مجال الديكور وكذلك في صناعة نسيج ملابس العوم لأنها لا تتأثر بملوحة مياه البحر او بما تحويه مياه المسابح من الكلور .

 

وتعد ألياف الكربون من الألياف الحديثة التي وجدت لنفسها العديد من الاستخدامات .  وتتميز ذرة الكربون بقدرتها على الارتباط بذرات كربون اخرى في ثلاثة اتجاهات مختلفة كما هو الحال في الألماس أو في اتجاهين لتكون الغرافيت ، كما أنها تتصل بذرات كربون أخرى على شكل سلسلي لتكون بلمرا ذا اتجاه واحد . 

وكما هو معلوم ، فإن معظم الألياف المستخدمة في النسيج ذات أصل عضوي ، لذا فإن هذه الالياف تتكون من سلاسل طويلة من ذرات الكربون متحدة بذرات أو مجموعات أخرى . 

ويمكن إنتاج الألياف الكربونية من هذه الألياف العضوية عن طريق معالجة الاخيرة بطرق معينة وفي ظروف محكومة . 

 

ومثال ذلك الالياف السيليلوزية مثل الياف الريون الفيسكوزي وألياف الأكريليك التي يمكن تحويلها بسهولة ويسر إلى الياف كربونية . 

ويتم ذلك بتعريض الالياف العضوية إلى درجات حرارة محددة .  ويلاحظ هنا ان هذه الالياف تتحول عند درجات الحرارة المنخفضة إلى ألياف الكربون ، أما درجات الحرارة العالية فتحولها إلى الجرافيت.

وتمتاز ألياف الكربون بمتانتها وثباتها الحراري حيث تحتفظ بمتانتها حتى درجة حرارة 2500 درجة سليزية . 

 

وتستخدم التراكيب المحتوية على ألياف الكربون في تصنيع زعنفات المحركات والمحركات النفاثة والطائرات والأقمار الصناعية .  كما تستخدم في صناعة الغواصات التي تصل إلى أعماق كبيرة في المحيطات وصناعة الاواني التي تتعرض لضغط مرتفع .

ونتيجة للتقدم الهائل في علوم المواد فقد أمكن تصنيع أنواع جديدة من الألياف ذات الاستخدامات الخاصة والتي لم تكن معروفة من قبل .  ومثال ذلك الياف البورون ومشتقاته .  وتمتلك هذه الألياف طبيعة مستقيمة وممتدة وتستخدم في التراكيب التي تتطلب قدرة عالية على التحمل . 

وتعتمد صناعة هذه الألياف على ترسيب البورون على الكربون أو التنغستون .  ويتم ذلك بتمرير ثلاثي كلوريد البورون على ألياف الكربون مثلاً ، ثم تسخن كهربائياً مما يتسبب في تكسر ثلاثي كلوريد البورون وترسب البورون على هذه الالياف .  وتشبه ألياف البورون في خصائصها الياف الجرافيت ولكنها تمتاز عنه لكونها عازلة جيدة للكهرباء .

 

ويبذل العلماء حالياً جهوداً كبيرة لإنتاج المواد "الذكية" وهي المواد التي يمكن لها أن تتجاوب مع الظروف المحيطة .  وهم في هذا السبيل يحاولون محاكاة الكائنات الحية، وهي مواد ذكية ، تمتلك مجسات ومحركات تمنحها القدرة على التفاعل مع البيئة المحيطة لتقوم بردة الفعل المطلوبة والمناسبة.

يمكن أن يتم ذلك من خلال ربط الخواص الميكانيكية والكهربائية والمغناطيسية لهذه المواد .  ومثال ذلك أن المواد التي تمتلك الخواص الكهربائية الإجهادية تقوم بتوليد تيار كهربائي حينما تتعرض للإنثناء ، وعلى العكس من ذلك ، فإنها تزداد صلابة وقسوة إذا ما سرى فيها تيار كهربائي . 

 

ويمكن الاستفادة من هذه الخاصية في إيقاف اهتزاز المادة ، إذ أن التيار الكهربائي المتولد في اثناء الانثناء والاهتزاز يمكن تكبيره وتضخيمه وإرجاعه إلى المادة ليمر عبرها فتصبح اكثر قساوة وتتوقف عن الاهتزاز .

ولا جدال في أن علم المواد سوف يأتي لنا دائماً بالجديد ، وسوف يقدم لنا مواد ذات صفات لم نعرفها من قبل تجعل حياتنا أكثر أمناً وسهولة ومتعة .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى