العوامل الخاصة والمؤثرة على موازنة الماء والملح
1995 ري وصرف ومعالجة التملح
د.علي عبدالله حسن
KFAS
العوامل الخاصة والمؤثرة على موازنة الماء والملح علوم الأرض والجيولوجيا
لقد عالجنا في الفصول السابقة موازنة الماء والملح بشكل عام سواء للمناطق المرتفعة أو للمناطق المنخفضة ، وذلك بالانتقال خطوة فخطوة إلى الحالات الأكثر تعقيداً .
لكن توجد في الواقع الحقلي التطبيقي عوامل خاصة في الحل . ومن هذه الحالات الخاصة برنامج الغسل “leaching programm” والتسرب المائي من قناة الري وموازنة الماء والملح للمساحات المحدودة .
برنامج الغسل “leaching program”
لقد وضحنا خلال استعراضنا لموازنة الماء والملح المشكلة التي تعترض المصمم عند اختيار سعة المنظومة الصرفية المناسبة لاحتياجات الغسل خلال فصل النمو .
ولقد حاولنا من خلال الحل الممكن والمعقول إيجاد برنامج غسل على أساس كمية ماء غسل وسطية ثابتة لكل شهر للتوصل إلى حل توازني لمشكلة الملوحة .
ولكن المشكلة الفعلية التي قد تعترض المصمم والباحث أيضاً في مجال موازنة الماء والملح وبالتالي في مجال تحديد برنامج الغسل هي التذبذبات التي قد تحصل في ملوحة التربة خلال فصل النمو .
فعلى سبيل المثال إذا انطلقنا من اعتماد الحد الأعلى المسموح به لتركيز الأملاح في خلاصة إشباع التربة في منطقة الجذور أي “EC = 4” فهل من الممكن خلال كل أيام أو أسابيع أو حتى شهور فصل النمو المحافظة عليها طالما أن برنامج الغسل عبارة عن معدل وسطي؟
والآن لننظر إلى المشكلة برؤية أعم أي من منظور المناطق المناخية . ففي المنطقة العربية على وجه التحديد وخاصة في حوض البحر الأبيض المتوسط فإن الحالة المناخية السائدة هي : فصل الهطول المطري في الشتاء حيث لا توجد حاجة للري في الحالات الاعتيادية وفصل الجفاف في الصيف والذي يمثل بشكل طبيعي فصل النمو الأساسي لمعظم النباتات الزراعية .
وفي هذا الفصل لا بدّ من الري للمحافظة على النمو النباتي وبالتالي للتوصل إلى إنتاجية جيدة . وتكون كميات المياه المتوفرة في هذا الفصل قليلة بصورة عامة فهي بالكاد تكفي للري فكيف للري والغسل بآن معاً. والآن يبقى السؤال الملح مطروحاً وهو ما الحل؟
وسنحاول الإجابة على هذا السؤال من رؤية المشكلة عبر المكان :
في المناطق التي يكون الهطول المطري فيها فصلياً وعلى وجه التحديد في حوض البحر الأبيض المتوسط (حيث يقتصر الهطول المطري على شهور الشتاء الباردة تقريباً) فإن الحل بالنسبة لمشكلة الموازنة الملحية وبالتالي برنامج الغسل يكون بالسماح لتركيز الأملاح في خلاصة إشباع التربة بالتذبذب خلال فصل النمو (أي فصل الصيف) وذلك بين قيمتين وسطهما الحسابي يساوي القيمة الحدية المسموح بها لتركيز الأملاح .
فإذا افترضنا أن تركيز الأملاح المسموح به لخلاصة إشباع التربة هو (EC = 6) في نهاية فصل النمو أي الحصاد أو جني المحاصيل . وبعد جني المحاصيل تتم عملية الغسل ليعود تركيز الأملاح في خلاصة إشباع التربة إلى [88] (EC=20 .
أما الحل الثاني للتغلب على معضلات تذبذبات ملوحة التربة فيكون بترك الملح يتزايد في التربة لعدة سنوات وبعد ذلك تجري عملية تعويم التربة بقصد غسل الأملاح . وتتم عملية التعويم عادة بعد جني المحاصيل .
وترى بعض المراجع حلاً من هذا النوع مجدياً [88] في حالات كثيرة وبأشكال متعددة . فعندما تكون كميات المياه المتوفرة للتعويم محدودة عندئذ تجري عمليات الغسل على دفعات ، وذلك على أساس كل حقل على حدة لمجمل المساحة المراد غسلها ، لكن حلاً كهذا يتطلب مراقبة مستمرة [88].
أما إذا كانت نفوذية التربة للماء متدنية فإن عملية الغسل لا يمكن أن تجري إلا بعد جني المحصول ، ذلك لأن تعويم التربة بالماء خلال فصل النمو قد يؤدي إلى الغرق وبالتالي تناقص في هواء التربة وتراجع في الإنتاج [88].
وتبعاً لمعطيات منشورة ]في [166 , 88 من الممكن اعتماد حلول للموازنة الملحية من خلال الدورة الزراعية نفسها وذلك بإدخال فصل تبوير خلال الدورة الزراعية الواحدة . وتكون حلول من هذا النوع بجدية في الأتربة ذات النفوذية المائية المتدنية [88] .
تسرب الماء من قناة الري “seepage”
من الأمور المعروفة جيداً في مشاريع الري بأن المياه المنقولة عبر قنوات مكشوفة (أقنية الري) إلى الحقول يمكن أن يفقد قسم منها بالتسرب من الأقنية إلى المساحات المجاورة وذلك بسبب الرشح الحاصل من الأقنية إلى آفاق التربة السفلى .
ويمكن أن يؤدي هذا التسرب إلى ارتفاع لسوية ماء الجوف عبر فصول الري المتعاقبة وبالتالي إلى إشكالات في موازنة الملح والماء .
كما يمكن أن تتغير مقادير هذا التسرب وحتى في الأتربة المتجانسة من نقطة إلى نقطة وذلك لأسباب هي في دوهرها من داخل المنظومة الترابية .
ومن الأمور المهمة في مشاريع الري حساب مقادير الماء التي يمكن أن تتسرب من الأقنية قبل التصميم لأخذها في الحسبنان عن التصميم للتمكن من السيطرة على موازنة الماء والملح. ولقد وضحنا طرق حساب الماء المتسرب من أقنية الري في مكان سابق (انظر القسم 3 – 4) .
كما لا بدّ من أخذ مشكلة تسرب الماء من أقنية الري بعين الاعتبار وخاصة في تصميمات الشبكات الصرفية ، بحيث يجب إضافة المياه المتسربة من أقنية الري إلى الكمية الواجب صرفها للمحافظة على حالة الاستقرار لسوية ماء الجوف .
ولا بدّ هنا من الإشارة إلى الوضع الذي يمكن أن يحصل في المجال التطبيقي ، من حيث أن الشروط المكانية في حالات كثيرة لا يعبر عنها بعد واحد ، بل إن شروطاً مكانية قد تفرض نفسها بالنسبة للماء المتسرب من أقنية الري . لهذا يكن أن يوجد حلول صرفية خاصة للماء المتسرب في بعض الحالات .
من ذلك إنشاء المصارف الموزية لقناة الري والتي تعمل لفترات زمنية قصيرة نسبياً [88]. كما يمكن أن يكون الحل بيولوجيا في حالات أخرى وذلك بزرع أشجار على امتداد القناة، يحث تستطيع هذه الأشجار احتواء المتاء المتسرب كله أو معظمه بواسطة النتح .
وسنحاول فيما يلي استعراض تسرب الماء من قناة الري للمنطقة ذات الموقع المنخفض .
– إذا انطلقنا من اعتبار أن نوعية ماء الري أجود من نوعية ماء الجوف وذلك من منظور التركيز الملحي (وهذه هي الحالة الأكثر شيوعاً في الطبيعة) فإن الماء المتسرب من قناة الري والمتدفق بشكل مستمر نحو ماء الجوف سيؤدي أولاً إلى ارتفاع سوية ماء الجوف وثانياً إلى تشكل طبقتين من ماء الجوف العليا أقل ملوحة من السفلى وذلك بسبب كون تركيز الأملاح في ماء الري أخفض منه في ماء الجوف [88]. وهذا يعني تحسناً ملحوظاً في نوعية الطبقة العليا لماء الجوف .
وفي نهاية المطاف سنصل إلى الحال التي يحصل فيها مزجاً للماء داخل ماء الجوف . وهذا ما قد يؤدي أحياناً إلى تركيز ملحي لماء الجوف أخفض من تركيز الأملاح في خلاصة إشباع التربة لمنطقة الجذور [88].
إضافة إلى ما تقدم فإن ارتفاع سوية ماء الجوف سيؤدي بدوره إلى تزايد في الصعود الشعري والذي قد ينتج عنه الاستغناء عن جزء من ماء الري المحتاج.
وقد يصل الأمر أحياناً إلى حالة من الري السطحي والري الباطني للمنطقة وذلك عندما تبلغ سوية ماء الجوف ارتفاعاً معيناً [88]، لكن حالة من هذا النوع ستحمل معها أيضاً مشكلات منها :
– إن سوية ماء الجوف المرتفعة وخاصة باتجاه قناة الري قد تؤدي إلى تزايد في التملح .
– كما أن حالة من الغرق ‘water loging” قد تحصل عندما تكون التربة جيدة الناقلية للماء . وهكذا يصبح صرف الماء الزائد أمراً لا بد منه . وفي بعض الحالات يمكن اعتماد قناة صرف خاصة لهذا الغرض [88] .
– أما إذا كان الغرض عاماً لمجمل المساحة وذلك نتيجة للناقلية المائية العالية للتربة ، عندئذ يتطلب الأمر إنشاء منظومة صرفية كاملة للسيطرة على هكذا حالة ، كما يمكن أن يكون الحل وفي حالات معينة إنشاءات إضافية داخل قناة الري، بحيث يؤدي ذلك إلى تخفيض تسرب المياه من أقنية الري أو ربما الحد منه إلى درجة كبيرة .
وفي حال كانت ناقلية الأتربة المحيطة بالقناة للماء متدنية فإن كمية الماء المتسربة ستكون صغيرة ويمكن في كثير من الحالات عندئذ تقبلها على أنها تدفق إضافي باتجاه ماء الجوف .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن تصميم منظومات الصرف في حالات من هذا النوع سيرتكز على الحاجة الغسلية “leaching requirement”.
موازنة الماء والملح في مساحة محدودة
ونعني بالمساحات المحدودة المحددة أجزاء مساحية من مجمل مشروع أو حقول زراعية محدودة المساحة .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]