الأعمال الاستصلاحية المقامة للأتربة الملحية
1995 ري وصرف ومعالجة التملح
د.علي عبدالله حسن
KFAS
الأعمال الاستصلاحية المقامة للأتربة الملحية علوم الأرض والجيولوجيا
تشمل الأعمال الاستصلاحية للأتربة الملحية خطوتين أساسيتين :
الأولى : الاستصلاح الوقائي لتجنب التملح والغرق .
والثانية : السيطرة على تغييرات منسوب الأملاح في التربة .
الاستصلاح الوقائي لتجنب التملح والغرق
تسير الأعمال الاستصلاحية الوقائية الهادفة إلى تجنب التملح والغرق في خطين اساسيين ]من [88:
– الاستصلاح الوقائي الصالح لجميع الشروط في المساحات المروية .
– استصلاح وقائي خاص والمعتمد لشروط مكانية معينة .
وسنحاول فيما يلي استعراض الشكل العام للاستصلاح الوقائي نظراً لشموليته . ويهدف هذا النوع من الاستصلاح بشكل عام إلى ]من [88 :
– المحافظة على الموازنة الملحية بشكل تستمر فيه حركة الأملاح داخل العمود الترابي نحو الأسفل .
– تخفيض تذبذبات ماء الجوف وأيضاً تخفيض دخول الأملاح إلى المساحة المروية .
– تخفيض بخار ماء الجوف .
الاستصلاح الوقائي الهادف إلى المحافظة على حالة توازنية تستمر فيه حركة الأملاح في التربة نحو الأسفل .
يتطلب حل من هذا النوع وجود شروط صرفية مناسبة للتخلص من الماء الزائد سواء بوساطة الصرف الطبيعي في حال توفره أو بإحداث منظومة صرفية صناعية عندما لا يتوافر الصرف الطبيعي .
وفي حل من هذا النوع يتطلب الأمر مراعاة ما يلي ]من [88:
– السيطرة على الموازنة المائية داخل العمود الترابي بحيث تبقى حركة الماء في التربة وبصورة مستمرة متجهة نحو الاسفل .
– وهذا يعني تقديم مقادير من الماء أعلى من الاستعمال الاستهلاكي للنبات لتأمين حركة الماء داخل العمود الترابي نحو الاسفل بالرغم من القوى المؤثرة على حركة الماء بالاتجاه العلوي والناتجة عن البخر .
– اعتماد دورة زراعية واسعة وإدخال مزروعات من النوع الذي يحتاج لكميات مائية عالية لتأمين الشرطين السابقين .
تخفيض التذبذب في سوية ماء الجوف وتخفيض دخول الاملاح إلى الساحة المروية
تشمل الأعمال الاستصلاحية الهادفة إلى تخفيض تذبذبات سوية ماء الجوف وأيضاً إلى تخفيض دخول الأملاح إلى المساحة المروية سلسلة من الأعمال الاستصلاحية الهادفة في مجملها إلى السيطرة على استعمال الماء المقدم للمساحة المروية سواء أكان هذا الماء ماء ري أم ماء غسل أو حتى ماء مطر .
من هنا فإن تخطيط الاستعمالات المائية في مشاريع الري أمر لا بدّ منه وأن ينطلق من الشروط المكانية للمشروع سواء من المنظور البيدولوجي أو الهيدرولوجي (وتحديداً سوية ماء الجوف) وأيضاً من منظور النباتات الداخلة في الدورة الزراعية للمكان بالنسبة للاحتياجات المائية وعلى وجه التحديد الاستعمال الاستهلاكي للنباتات من حيث وجود شهور في السنة يقل فيها البخر وبالتالي الاستعمال الاستهلاكي .
وبإمكان المصمم عند مراعاة الشروط المكانية بمجملها ان يخفض الاستعمال الاستهلاكي المائي بشكل ملحوظ . وهذا يؤدي إلى تخفيض كمية الأملاح التي تدخل إلى المساحة . ففي شهور الشتاء حيث يقف النمو النباتي تقريباً (مع وجود استثناءات قليلة) ويقل البخر أيضاً تصبح الحاجة للري معدومة أو قليلة جداً .
وهكذا فيمكن ان تستعمل شهور الشتاء هذه لعمليات الغسل والتي لا تجري عادة كل سنة [88]. من ناحية أخرى فإن منظومة الري وبشكل خاص شبكة الأقنية تلعب دوراً مهماً سواء في تذبذبات سوية ماء الجوف أو تسرب الماء غير المرغوب فيه إلى المساحات المجاورة لاقنية الري .
وهكذا وبالتصميم الجيد والإنشاءات الجيدة لشبكة الأقنية يمكن المحافظة على حدود دنيا للتسرب من الأقنية . كما يمكن للدورة الزراعية أن تلعب دوراً معدلاً في السيطرة على الاستعمال المائي المحتاج.
فتكثيف زراعة الارز في الدورة الزراعية مثلاً قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع سوية ماء الجوف . وعلى سبيل المثال يحتاج الهكتار الواحد من الأرز في الموسم الواحد إلى كميات من الماء تصل إلى عشرات الآلاف من الأمتار المكعبة [88] .
لهذا ينصح بعزل وحدات المساحة المعتمدة لزراعة الأرز عن بقية المساحة في المشروع واختصارها على الأجزاء ذات الشروط الطبيعية الملائمة لهكذا زراعة [88].
كما لا بد من الإشارة إلى الإشكالات التي يواجهها المصمم وخاصة في المناطق المنخفضة وفي الدلتات وأيضاً في الواحات بالنسبة للسيطرة على الاستعمال المائي الإجمالي ومنع التسرب .
تخفيض بخر ماء الجوف
إن الصعود الشعري لماء الجوف ومن ثم البخر المباشر لهذا الماء الصاعد شعرياً عبر سطح التربة المكشوف سيخلف وراءه ترسبات ملحية من نوعيات وكميات مختلفة . وكلما تعاظمت كميات الماء المتبخر بهذا الأسلوب كلما زادت كميات الأملاح المتوضعة كنتيجة لهذا البخر .
من هنا تبدو الأعمال الوقائية الهادفة للحد من بخر سطح التربة المكشوف كنتيجة للصعود الشعري أمراً مهماً في السيطرة على التوازن الملحي في التربة .
والأساليب الوقائية التي يمكن اعتمادها للحد من هذا البخر ترتكز وبشكل أساسي في تظليل سطح التربة بالنباتات الزراعية لأطول مدى ممكن من السنة أو على الأقل كامل شهور الجفاف .
كما يمكن استخدام نباتات زراعية معينة تقوم بعملية التظليل من جهة وتستطيع من جهة أخرى نتيجة لعمق جذورها وتوزعها الواسع في التربة أن تمتص كميات كبيرة من ماء الجوف الصاعد شعرياً . ويعد نبات الفصة أحد المزروعات الصالحة للقيام بهكذا مهمة .
وتبعاً لمعطيات رقمية منشورة ]في [88 يمكن لنبات الفصة أن يخفض ماء الجوف بأكثر من (100 CM) بالقياس بنبات القطن أو الشوندر السكري .
كما يمكن الحد من الصعود الشعري ايضاً بتحسين بناء التربة واستقرار هذا البناء . ويمكن التوصل إلى تحسين واستقرار بناء التربة ليس فقط بزراعة نباتات عشبية أو علفية كالفصة مثلاً، بل أيضاً بإضافة مقادير كافية من المادة العضوية للتربة .
وأيضاً بوساطة الحراثة العميقة احياناً [88]. كما يعد اختيار الوقت المناسب للاعمال الزراعية الميكانيكية امراً هاماً في استقرار بناء التربة .
أيضاً يمكن النظر إلى زراعة الأشجار على أنها عامل هام جداً في السيطرة على الصعود الشعري لماء الجوف وبخر السطح المكشوف . فمن ناحية تقوم الأشجار بتظليل كامل لسطح التربة (تبعاً لكثافتها) . كما أن استهلاكها السنوي من الماء عال جداً.
فعلى سبيل المثال يتجاوز استهلاك الهيكتار الواحد من الغابات (15000) متراً مكعباً من الماء سنوياً . وهذا يؤدي إلى تخفيض لسوية ماء الجوف بحدود [88] (0,7- 1,0 m).
ولا بدّ من التنويه هنا إلى الحلول الشائعة في مشاريع الري وهي زراعة الأشجار على امتداد قناة الري الرئيسة بقصد تخفيض تسرب المياه من الأقنية وبالتالي الحد من صعود سوية ماء الجوف .
وهنالك طرق أخرى للحد من تذبذبات ماء الجوف وذلك باستعمال ماء الجوف لأغراض الري باعتبار أن الماء الحاوي على من الأملاح يمكن استعماله في الري .
وبهذا تصبح مياه جوف كثيرة صالحة للري من هذا المنظور [88]. أما المشكلة الحقيقية فتكمن في الوصول إلى حل لجعل المنظومة غير مغلقة عند استعمال ماء الجوف للري وفي المساحات المحدودة على وجه الخصوص .
وهذا يعني مراقبة الموازنة الملحية بدقة للتخلص من الأملاح الزائدة . والحلول التي يمكن اعتبارها أكثر نجاحاً لدى استعمال ماء الجوف للري هي إنشاء منظومات صرف سطحية وهذا يضمن بقاء المنظومة بكاملها غير مغلقة وفي كل الأحوال فإن استعمال ماء الجوف للري يؤدي بالضرورة إلى تخفيض سوية ماء الجوف وبالتالي إلى تخفيض البخر الحاصل نتيجة للصعود الشعري .
الاستصلاح الهادف للسيطرة على التوازن الملحي في التربة
عندما لا تفي الأساليب الوقائية الهادفة للحد من تراكم الأملاح في العمود الترابي بالغرض ، وذلك نتيجة لشروط المكان المناخية أو غيرها من الشروط ، عندئذ يصبح من الضروري البحث عن أساليب اخرى للسيطرة على منسوب الأملاح في التربة المروية .
إذ إن عدم التدخل الاستصلاحي المباشر في هكذا حالة قد يؤدي إلى تراكمات ملحية في العمود الترابي ليصبح معها أي إنتاج نباتي في التربة غير ممكن .
وسنحاول بادئ ذي بدء توضيح العامل التي تؤدي إلى التوضعات الملحية في التربة لنصل بعد ذلك إلى طرق المعالجة للسيطرة على الموازنة الملحية داخل العمود الترابي .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]