البيئة

دور الإسلام في التنمية المستدامة للأراضي

2010 تدهور الأراضي في دولة الكويت

د. علي محمد الدوسري ود. جاسم محمد العوضي

KFAS

التنمية المستدامة للأراضي دور الإسلام في التنمية البيئة الزراعة

إن التفاعل ما بين الظروف الاقتصادية والبيئية بشكل غير متوازن قد يؤدي إلى كوارث وعواقب شديدة، وإن استخدام الأرض بشكل جائر غير مسؤول سيكون له أرباح معينة لفترة قصيرة جدا للجيل الحاضر، في حين أن جيل المستقبل قد يرث الخسائر. 

وقد هدانا ديننا الإسلامي إلى أهمية التوازن البيئي لاستمرار حياتنا، فجميع مواردها الحياة قد خلقها الله لنا والانتفاع بها في الإسلام حق للجميع، لذا يجب أن يراعى في التصرف بها مصلحة الناس الذين لهم شراكة وعلاقة بها، كما يجب أن ينظر إلى هذه الملكية وهذا الانتفاع على أنهما غير منحصرين في جيل معين دون غيره من الأجيال.

بل هي ملكية مشتركة ينتفع بها كل جيل بحسب حاجته دون الإخلال بمصالح الأجيال القادمة، فكل جيل لا يملك سوى حق الانتفاع دون الامتلاك المطلق. 

 

وموقف الإسلام من موارد البيئة هو موقف إيجابي وبناء، قال الله تعالى (كلوا واشربوا ولا تعثوا في الأرض مفسدين ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها). 

والرسول عليه السلام يقول : "إذا قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها"، وتوجيهاته عليه السلام للجنود أن لا يقطعوا شجرة ذات ظل، وقال عليه السلام أيضا: "إماطة الأذى عن الطريق صدقة". 

وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: "لعن الله جماعة اتخذوا طائرا هدفا لهم يصوبونه إليه ضرباتهم".

 

لقد سخر الله موارد البيئة ومخلوقاته لخدمة بعضهم، والإسلام يحرص على حماية العناصر الأساسية للبيئة لخير الإنسان الحاضر والأجيال القادمة. 

والقاعدة الفقهية تقول "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" فحسن إدارة الموارد الطبيعية – والمراعي جزء منها – واجب ديني، فملكية الموارد الطبيعية حق مشترك بين أفراد المجتمع، إذ من حق كل فرد أن ينتفع بها بقدر حاجته دون أن يعطل أو يبطل حق انتفاع الآخرين ودون إسراف ولا تبذير. 

فالمصلحة العامة مقدمة على مصلحة الأفراد وللدولة الحق في تحديد نطاق التصرف بالموارد الطبيعية من ناحية المكان والزمان واتخاذ جميع التدابير والإجراءات المتعلقة بإزالة الضرر وحصر آثاره ومعالجته.

 

عرف العرب منذ القديم حماية المراعي أو "الحمى" ومارسوه لأجيال عديدة.  ونذكر أن حرب البسوس هي أطول الحروب في شبه الجزيرة العربية كان أحد أسبابها رعي الإبل في منطقة حمى، وأدى قتل ناقة إلى 40 سنة من الحرب. 

وقد عرف العرب أيضاً "السكة" وهي آلة الحرث، فقد ورد في لبخاري قوله عليه الصلاة والسلام وقد رأى سكة وشيئاً من آلة الحرث: "لا يدخل هذا بيت قوم إلا دخله الذل".  إن قوله عليه الصلاة والسلام وأبعد مدى من ظاهره، فهدف الحديث هو إيقاف تخريب أرضى المرعى وليس تبخيس الزراعة كما يظن البعض. 

فعليه الصلاة والسلام يقول كما ورد عن جابر عن عبدالله رضي الله عنه: "من كان له أرض فليزرعها أو يفلحها فإن أبى فلتمسك أرضه"، ويقول عليه الصلاة والسلام: "قاطع السدر يصوب الله راسه في النار".

 

إن الاتجاه إلى الحد من حرث الأرض الرعوية والجافة بصفة عامة من الحقائق التي يدعمها علم إدارة المراعي وإدارة الموارد الطبيعية لمنع تدهور الأرض. 

فنظام الحمى العربي خير نموذج، ليس في إيقاف ظاهرة تدهور الأراضي فحسب، بل أيضاً في استعادة الغطاء النباتي الرعوي عافيته واستمراره بالعطاء.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى