الموافقة الواعية ودورها في استخدام العلاج الجديد أو تجريبه على المرضى الميئوس من شفائهم
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
أدى انتشار وسائل العلاج الجديدة غير المحققة الأثر إلى ظهور نوع جديد من الاهتمامات في مجال حقوق الإنسان.
تضمنت هذه الاهتمامات الصراع بين الحاجة إلى معلومات اكلينيكية موثوقة، تحتاج إلى علاج عينات عشوائية يعقبها إجراءات الموافقة الرسمية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى آمال المرضى الذين يصلون إلى حافة الموت وأهليهم، وشعورهم بأن لهم حقا في الاستفادة من الأساليب الجديدة التي قد تعطي املا في البقاء على قيد الحياة.
ومن الحلول المطروحة ما يطلق عليه "الخط المتوازي" الذي يسمح باستمرار العلاج الطبي في الوقت الذي لم يعلن فيه الأطباء المشاركون من اعتماد صلاحيته العلاجية من عدمه حتى يستخدموا العلاج مع بعض المرضى من يحتاجونه بشدة، وممن لا أمل لهم في النجاة من الموت سوى هذا الأمل البعيد المنال.
وعلى ذلك فإن المواقف التي تبرر فيها هذه القضية غالبا ما تكون ظاهرة للمجتمع وصعبة على وجدان المشاركين.
ففي الماضي كانت مجموعة المرضى التي تقبل العلاج غير المعتمد صلاحيته هم غالبا من الذين يعانون من السرطان.
وحديثا يأتي مرضى الإيدز، الذين أصبحوا جماعة ضغط سياسي، وأمكنهم التوصل إلى استخدام علاج الإيدز الذي لم يعتمد بعد وما زالت نتائج العلاج به غير واضحة (سكيرييت Skerrett، 1990).
ولقد أخذ تعريف العلاج بأنه "تجريبي" معنى ماليا جديدا، نظرا لأن مصاريف العلاج التجريبية تستبعد من أي وثيقة تأمين. وكما أوضحنا في الفصل الثامن أدى ذلك إلى ظهور خلافات بين المرضى الذين يشعرون بان حقوقهم في الرعاية الصحية مرفوضة وبين الأطباء وشركات التأمين.
فالأطباء الذين يدركون تمام أن توقع الشفاء أمر مستحيل، يدركون كذلك أن هناك احتمال حدوث متغيرات عديدة وأن بإمكان العلاج الجديد أن يؤدي إلى تخفيف حدة المرض.
وكقاعدة عامة نجد أن لدى الأطباء حساسية خاصة تجاه التكاليف النفسية الاجتماعية وكذلك تجاه الفوائد الممكن تحقيقها من الادوية غير المعتمدة.
ولا يريدون تقديم أساليب علاجية جديدة قد تؤدي إلى مخاطرات واضحة تفوق العلاج المعتاد الذي يغطيه دافع التأمين.
ومن جهة أخرى فعلى قدر حاجة الدور الطبي إلى التمسك بالأمل، أو في الحقيقة رفاهة المريض، ولا يجوز استبعاد أي نوع من العلاج من سداد النفقات بسبب وضعه التجريبي.
وبهذا الإدراك يمكن القول بأن للمريض الحق في الحصول على أي موارد متوافرة بصرف النظر عن التكاليف.
ولقد استخدمت أيضا طريقة معالجة العينات العشوائية في بحوث الخدمات الصحية، مثل الدراسات التي تمت على الخارجين من المستشفيات قبل إتمام الشفاء من مختلف أنواع المرضى، أو تنوع المواقف بالنسبة لمختلف أنواع الطرق أو تمويل نظم الرعاية الصحية.
ويصعب في مثل هذه الحالات الحصول على موافقة واعية مسبقة للحفاظ على أي حق خاص للفرد لأخذ القرار بنفسه، فالمنافع الاجتماعية المستغلة، مثل تفضيل تقديم الرعاية لمرضى العيادات الخارجية عن العلاج الداخلي.
قد يخدم البرامج السياسية والتأمينية التي لا تفيد المريض في الوقت الذي نجد فيه مبدا العدالة غير مطبق نظرا لان السكان المقهورين مثل الفقراء يميلون لأن يخضعوا أنفسهم للبحوث.
وتحتاج بحوث الخدمات الصحية إلى توجيه عناية خاصة للاعتبارات المتعلقة بحقوق الرعاية وحقوق مجموعات السكان (بريت Brett، وجوردين Grodin، 1991).
وفي الديمقراطيات الصناعية نجد اهتمام الشعب بالموافقة الواعية، كما سبق ان أوضحناها وكما سيتضح في الفصل الثاني، وكذلك تطور قيام المؤسسات الاجتماعية بحماية المرضى، لم يزيلا الصراعات القائمة بين دور الأطباء في المجالات البحثية الاستقصائية ودورهم العلاجي.
ويستمر الحوار بين النظريات النفعية والنظريات الأخلاقية المبنية على الحقوق حول الكثير من التقنيات التي سنتناولها في الفصول التالية، فضلا عن انتشار المحاولات العيادية العلاجية ذات الصفة العشوائية.
وبينما يمكن الدفاع عن ذلك في ضوء الحاجة إلى معارف جديدة ومؤكدة، فلا شك في أن معالجة العينات العشوائية تتطلب بعض التضحيات بمصالح بعض المرضى المعينين، ممن تهمل حقوقهم الفردية من العلاج، لصالح اكتساب المعارف الجديدة.
ويستمر الجدال بتوصية للعمل على إيجاد أساليب بديلة للحصول على المعارف الإكلينيكية الجديدة (هيلمان وهيلمان Hellman & Hellman 1991، ص 1589) وذلك مع التأكد من "أنها تتم بطريقة صحيحة بناء على موافقة واعية" مع وجود توازن اكلينيكي وتصميم مناسب لإجابة الاسئلة التي قد تطرح، وبذلك تحمي معالجة العينات العشوائية كلا من الاطباء ومرضاهم من طرق العلاج غير الفعالة أو السامة (باساماني Passamani، 1991، ص 1591).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]