العلوم الإنسانية والإجتماعية

المسؤولية الطبية الواجب توافرها لحماية وضمان أفضل المصالح للمرأة

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب

ربما تعرضت المصلحة العليا للمريض للمعاناة حينما يتصرف الطبيب تصرفا أعمى على أنه هو ممثل الثقافة والمجتمع، أو حينما يركز على مصالح سمعته ومكانته. 

وربما تكون القرارات التي تتخذ على أساس طبي ظاهريا أو كما يبدو، تكون مبنية في حقيقتها على أسس اجتماعية وأخلاقية دون إدراك لهذه الحقيقة.

ويعتنق الطبيب وينفذ روح ومبادئ الطب البيولوجي التي تحيا جنبا إلى جنب مع النظم الطبية الشعبية في المناطق النامية، التي تسوى بطريقة روتينية عادية ولا تفرق بين التغيرات في الوظيفة والمرض. 

ويعكس فهم عدم الخصوبة أو العقم على انه مرض مزمن (بيكر Becker وناختيجال Nachtigall، 1986) اندماج الطبيب وإيمانه باجتماعية القيم والعقائدية المتعلقة بالطب، والميل إلى اعتبار التغيرات والخروج عن المألوف والطبيعي حالات طبية. 

 

والطبيب الذي يتجاهل أو يجهل عن عمد أو عن غير قصد إمكانية إسهام الذكور في العقم أو عدم الخصوبة إنما يساعد على فقدان ضار لعنصر قد يكون له دوره الاجتماعي الداعم للمراة، التي قد تشعر بطريقة متزايدة بأنها موصومة بالنقص وعدم مناسبتها للحياة. 

ويرتبط بذلك ايضا رغبة الطبيب في أن يقدم للمرضى كل الخدمات التقنية الدائمة، مما يكشف لنا عما للتكنولوجيا من قيمة تدرك غالبا على أنها علامة لحقيقة موضوعية. 

وربما يتم الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والممارسة العلاجية عن عمد أو غير عمد من أجل إدخال الإثارة والحيوية على حياة مهنية أصحبت ممارستها أمرا متكررا ومملا، أو لكي يظهر الطبيب أنه متابع لآخر تطورات البحوث الطبية. 

 

هذا، ولا يمكن حماية افضل لصالح المرأة المريضة على سبيل المثال – بالتعزيز الطبي لرغبتها المتأصلة فيها اجتماعيا.  وربما كانت رغبة غير عقلانية في أن تصبح أما لطفل باي ثمن. 

وينطبق هذا حتى حينما يكون الطبيب متحمسا بوعي وبدافع من رغبته في ان يخفف من لهفتها اليائسة للحصول على طفل وقد يعتبر الطبيب الذي يقبل مثل هذا الإلحاح اليائس على أنه شيء عادي، ويبرز اتخاذ اقصى الوسائل المرضية، لإشباعه، كمن يعمل مدافعا غير عالم عن مجموعة من القيم التي تحتاج إلى مراجعة. 

وإعادة تقدير، وحينما يفعل الطبيب أو الطبيبة ذلك ربما تفوته أو تفوتها فرصة مساعدة المريضة لاكتشاف مصلحتها الفعلية (برودي Brody، 1987/ب).

 

هذا ويشترك في هوس التحمس للتقنيات الجديدة التي لم تثبت صلاحيتها كل من ممارسي الطب والمرضى على حد سواء.  فبعضها مثل فعالية عقار داي ايثيل ستيلبو سترول (DES) الذي عرف منذ جيلين، وظهر فيما بعد أن له تأثيره المدمر ثم سقط (فشر Fisher وابفل Apfel 1985). 

وفي مرحلة القمة تؤدي مثل هذه العقاقير إلى خلافات حول الحكم النقدي عليها، من جانب الاطباء والمرضى على حد سواء، وتسهم التطلعات العلاجية غير المعروفة أو المميزة في الاعتقاد بوجوب استخدام كل التقنيات المتوافرة ليس فقط للتخفيف في العوارض المرضية، أو تأجيل الموت، بل لإشباع أو تحقيق رغبة أو اعتقاد غالبا ما يكون معقولا على اسس أخلاقية. 

ويؤدي هذا إلى هبوط في المعنويات وخطأ في التشخيص، ثم رفض المفاهيم الإمراضية الطبية على أنها غير صالحة.  أو قد ينسب السبب إلى خطأ المريض نفسه.

 

وتصور قصة عقار الداي إيثيل ستيلبو سترول (DES) ايضا مشاكل علمية وتقنية متعددة ذات دلالة وأهمية تتعلق بحقوق الإنسان وإحدى هذه المشاكل ما يتعلق بالآثار غير المتوقعة الطويلة الأمد أو الآثار الجانبية المتأخرة للعلاج بالعقار أو بالهرمون. 

فإذا ما اعتبر المجتمع العلمي أن هذه الآثار غير ممكنة الوقوع، فإن فشل الطبيب المعالج في مناقشتها مع المريض سوف تؤخذ على أنها في إطار الممارسة المعتادة.  ولكن إذا ما عُمل حساب هذه الآثار. 

فلا بد من الحصول من المريض على موافقة واعية عن علم بإمكانية وقوع آثار ضارة ولو في المستقبل البعيد.  ولبعض العقاقير الطبية آثارها الجانبية على المدى القصير وهذه الآثار لم يكن ممكنا التحقق منها وقت وصف الدواء. 

 

وبعضها تبدو بلا آثار جانبية ولكنها قد تؤدي إلى حدوث مثل هذه الآثار إذا نشط عامل ثالث، ولقد استخدم عقار داي إيثيل استيلبو سترول (DES) بكثرة وعلى مدى سنين طويلة لمنع الإجهاض أثناء الحمل، كما استخدم في حدود ضيقة كعلاج للاكتئاب النفسي في العوامل الأولى لسن اليأس. 

ولم يعرف إلا بعد جيل كامل أنه يسبب سرطان الرحم وعنق الرحم عند البنات البالغات للنساء اللاتي استعملته (فيشر وابفل، 1985) وربما كان الحماس والتفاؤل غير الحاسم بالنسبة لعلاج معين ببساطة تحقيق رغبة تكتسي بذريعة علمية. 

ولقد فتحت محاكم الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1989 الطريق أمام مقاضاة أصحاب المصانع والمنتجين عن الأضرار التي حدثت نتيجة استخدام منتجاتهم ولو أنه من المفترض أنهم لم يكن لديهم أي شكوك في وقت تصنيعها حول سميتها، وأنهم لم يتورطوا بطريقة مباشرة في وصفها للمرضي.

 

وتعطي لنا حالات الإخصاب في الأنابيب صورة أخرى للكيفية التي قد يؤدي بها الحماس الطبي إلى الطغيان على مصالح المرضى.  فهي عملية وافق عليها المجتمع ونشرت عنها دعايات كثيرة وإذا أخذنا في الاعتبار رغبات الأطباء غير المعترف بها وايهما له الأسبقية: المهنية أم المالية. 

وفي هذه الحالة قد يكون هناك تعارض بين حق المرأة في الانتفاع بالتساوي بمصدر نادر مع حقها في الانتفاع بالعلاج المفيد الموجود في يد طبيبها. 

ولقد أثير في الأوساط الطبية ذاتها موضوع الآثار المدمرة التي قد تتعرض لها المريضة أو المريض نتيجة المزاعم الحقيقية عن فعالية الإخصاب في الأنابيب. 

وهناك تساؤل محوري عما إذا كانت أساليب الإنجاب الذي يتم بدون نكاح أو جماع مستقبلا جزءا مشروعا من حق الدعم العام للرعاية الصحية أم لا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى