السياسات المتبعة في الدفاع عن المريض العقلي
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
تعرضت المكانة الطبية، من حيث الوضع القانوني الذي اكتسبه الأطباء بحكمتهم وموقفهم في العلاج والشفاء، من وقت لآخر لتحديات من جانب دعاء حقوق الإنسان ومعظمهم من المدافعين عن المرضى.
وينطبق ذلك بصفة خاصة على المعالجين النفسيين الذين يستطيعون إلزام الأشخاص بقيود إجبارية مثل الحجز أو الحبس على اساس النسق التصنيفي المتبع عندهم "وهو نتيجة التشخيص".
وتظهر التحديات لسلطة الطب وتقييد المريض بصفة خاصة خلال فترات الأزمات الاجتماعية مع التركيز الكبير على قيم الحرية الفردية وتقرير المصير.
ففي الجو الذي أحاط بالثورة الفرنسية عام 1793، قام فيليب بينيل Philippe Pinel بمجهوده الضخم المثير لتحرير المصابين بأمراض عقلية من قيودهم في بايسيتر.
وأراد أن يزيل مفهوم الراي العام عن مرضى الذهان أنهم كالحيوانات المتوحشة، يشجع الاعتراف بآدميتهم وبالتالي حقهم في التعامل معهم كآدميين.
وفي فلورنس بإيطاليا، وفي نفس الوقت تقريبا، صدر قانونا جديد ينص على ضرورة إجراء الفحص العقلي للناس بعد إلزامهم بالبقاء في المستفى على أساس أنهم مجانين.
وفي عام 1793 أعدت القواعد الخاصة بأحدث المستشفيات التي أنشئت هناك تحت إشراف فينسنزو شياروجي " Vincenzo Chiarugi 1759-1820" ونصت على أن الواجب الأخلاقي الرفيع والالتزام الطبي يقضي باحترام الشخص المختل العقل ومعاملته كإنسان.
ولقد ظهرت في نفس الفترة التاريخية تقريبا مشكلة الحالة المرضية إزاء عدم القدرة على التعلم أو النقض فيما سمى في ذلك الوقت "العلاج المعنوي الأخلاقي" للخلل العقلي.
وفي عام 1796 أقام الصاحبيون المتزون Quakers في انجلترا تحت قيادة وليم تيوك بيمارستانا سمي "المأوى" لرعاية أعضاء جماعتهم الذين كانوا معتبرين مختلي العقول.
وكان العلاج المعنوي الأدبي فيه يتميز بانعدام الإجبار واتخاذ قرار مدروس بعدم استخدام التخويف بل رغبة المرضى المصابين بالذهان في احترام أنفسهم كحافز لهم على تنمية كفاءاتهم في التحكم في أنفسهم والتعامل المفيد مع الآخرين.
ومع أن تبوك قد التزم بفلسفة السلطة الأبوية العطوفة الخيّرة إلا أنه كان يعتبر المرضى كأطفال يحتاجون إلى معاملة إنسانية خاصة في إطار إعادة تربيتهم وتعليمهم من أجل الحياة.
وما زال القانون الفرنسي الذي صدر عام 1893 بشأن الأحكام الخاصة بالأوضاع الطبية الشرعية للمصابين بأمراض عقلية معمولا به حتى الآن، وقد كان صدور هذا القانون نتيجة لجهود بينيل (Pinel).
ويوجه هذا القانون الاهتمام الأكبر لإبراز الاختلافات الأساسية القائمة بين تقييد الحرية الذي يفرض على المرضى بأمراض عقلية وتقييد الحرية الذي يفرض على المجرمين بأحكام قضائية "بيشوت Pichot، 1967".
ومع ذلك، فرغم الاهتمام بضمام حرية من يوصفون بانهم مرضى، فقد بدأ النقد يتركز فورا على خطورة تحديد الإقامة التحكمي والإجباري.
وخشى الناس ان يوضع الشخص السليم عقليا في أحد هذه المؤسسات لاسباب خفيّة ملفقة. وينبني على هذا النقد حركات حقوق المرضى المعاصرة التي تعكس عدم الثقة المتواجدة جنبا إلى جنب مع الاحترام الذي يولي للأطباء، والخوف من المجهول الذي يأتي على أيديهم.
وتضارب الأضداد هنا معقد أمام المعالجين للأمراض العقلية الذين يعتبرون هم ومرضاهم موسومين أو موصومين، مع صعوبة فهم الجماهير أن النمط الخاص للسلوك لا يحتاج إلى أن تمثله فقط الحساسية الذاتية والكراهة وسوء الصفات وردة فعل الضغوط بل يمكن أيضا أن يعكس العمليات المرضية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]