أسباب اندلاع “حروب طروادة”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
حروب طروادة أسباب اندلاع حروب طروادة أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة
لعلَّ من أهمِّ المصادرِ التي تناولت حوادثِ حروبِ طروادة، هي الأساطيرُ الإغريقيةُ التي يأتي في مُقدمتها مَلحمتان تُنسبان إلى الشاعر هومر أو هومروس، هما: الإلياذةُ والأوديسا. وتَسرُدُ الإلياذة قصةَ معارك حربيةٍ على سهولِ طروادة، وجَسارةِ القائِدِ أخيليس وذبحِهِ هكتور، رجُل طروادةَ.
بينما تقُصَّ الأوديسا تجوالَ اوديسيوس الذي استغرق عشرة أعوام في البحرِ والبرِ بعدَ أن سَقطتْ طروادةُ، ورجوعِهِ إلى أتيكا.
ويُعتبرُ هومروس الذي عاشَ قبلَ ميلاد المسيحِ بألفِ عامٍ أولَ مُدوِّن للأسطورة الإغريقية التي لا يُعرَفُ متى رُويَتْ لأول مرةٍ شِفاهاً.
إن ظروفَ بلادِ الإغريق «اليونان» الاقتصادية حتمتْ عليها الدخول في منافسةٍ مع الدولِ التِجاريةِ الأخرى، من أجلِ السيطرةِ على البحار، والانفراد بالأسواق التجاريةِ الخارجيةِ. ولمْ تكن مدينةُ طروادةَ الواقعةَ على الجانبِ الأخرَ من حوض بحر إيجة اقلّ سطوةً في البحرِ.
فقد خَصَّتها الطبيعةُ بموقعٍ استراتيجي جَعَلها تتحكمُ في بحر مرْمَرة، وليس من المستبعد أن تكون هذه المدينة قد فرضت إتاوة على السفن الرائحة والغادية في هذه المنطقة.
ومن الطبيعي أن يؤدي التنافس التجاري إلى وجود حالة من التوتر العدواني، يحفز كلا من الطرفين المتنازعين، متحينا الفرصة التي ينقضّ فيها على خصمه.
وليسَ من المُسْتَبعدِ أن تكون شرارةُ الحربِ قد اندلَعَت نتيجةً لحادِثِ قَرصنةٍ بحريةٍ، أو حادثةِ اغتصابٍ، وهو السببُ الذي تضمنتهُ الإلياذةُ لقيامِ الحربِ.
ولكنْ يبقى السببُ الفعلي للحربِ، وهو الاشتباكُ الذي لا مفر منه نتيجة صراع المصالح .. وفي الحقيقةِ لم تعمتدْ مدينةُ طروادة على التجارةِ وحدَها اعتماداً أسياسياً في اقتصادِها، لأنها تقعُ في وَسط سَهلْ خصبٍ غنيٍّ، هو سهلُ طروادة.
فقد جعلت طبيعةُ الأرضِ البُركانيةِ هذا السهلَ غنياً بإنتاجِهِ الزراعي الوفير، الذي يزيدُ عن حاجةِ السكانِ المحليين، فَمِنَ الطبيعي أن يُصدَّرَ الفائضُ الزراعي إلى خارج البلاد.
كما تذكرُ الأشعارُ الهومريةُ في أكثر من موضع أن طِروادةَ اشتهرت بتربية الجيادِ الأصيلةِ، كما أن الحفائرَ الأثريةَ التي أُجريت في مكان طروادةَ كَشفتْ عن كَمياتٍ ضخمةٍ من أدوات الغزلِ والنسيج، وذلك يُثبتُ بصورةٍ لا تقبلُ الشك أن المدينة القديمة «طِروادةُ» كانت مركزاً مُهماً لصناعة النسيج،وربما نافست البلاد الموكينية في تصديرِ المنسوجات.
(الشعوب الموكينية جاءتْ من الشرقِ عبرَ هضبةِ الأناضول، واستقرَّ بعضُهُم في كريت، وبعضُهُم في قبرص، ثم انتقلوا إلى اليونان؛ وهُم أجداد الإغريقِ الأولين).
لِهذا كله، ولما تميّزت به «طروادةُ» من موقعٍ جُغرافيٍ، وأهميةٍ اقتصاديةٍ؛ عزم الموكينيونَ «الإغريقُ» على مهاجمتها، وقد اختارً الموكينيون لِحَملَتهم توقيتاً مناسباً، إذْ تُظهرُ الدلائلُ الأثريةُ أن طِروادةَ قد تعرَّضت حوالي عام 1300 قبل الميلاد لسلسلةٍ من الزلازل ألحقتْ بها أضراراً جَسيمةً، وتَرَكتْها أقلَّ بأساً وأضغفَ قوةً.
عندئذٍ حَشَدتْ بلادُ اليونانِ كل طاقَتِها العَسكريةِ في حَملةٍ كبيرةٍ، كما تروي «الإلياذةُ » قادها (أجا ممنون) العظيمُ «ملكُ الرجالِ»، حيثُ تصفُ «الإلياذةُ» قُوةَ الحملةِ وأسلحتِها في الجُزءِ المُسمّى «سفرَ السُّفنِ».
وقد روت الملحمةُ أن الحربَ قد اندلعتْ لسببٍ أخلاقي دفاعا عن شرف الملك(مينا لاءوس) شقيق أجا ممنون، بعد أن خطف أميرٌ طِروادي اسمُهُ (باريس) زَوجتَهُ الجميلة (هيلينا)، وفرَّ بِها عائدا إلى طِروادة؛ مُتعدياً بِفِعلتِهِ هذه حُدودَ الضِيافةِ المُقَدَّسة.
ويرى ألآثاريونَ أن الفترة ما بين 1260 و1250 قبل الميلاد، هي التاريخُ التقريبي لسقوط طِروادةَ بعد حروبٍ ضروسٍ، انتصر فيها الموكينيونَ على الطرواديين.
وقد استخدم الموكينيون الجيادَ في مُهاجمةِ طروادةَ، ولم تكن بلادُ اليونان تعرفُ الجوادَ قبلَ قُدوم الموكينيين، ولهذا السبب يعتقدُ عُلماءُ الآثارِ أنَّ الشعوب الموكينية قَدِمتْ من الشرق عبرَ بلادِ القوقاز، وشمالِ البحر الأسودِ إلى شمالِ بلادِ اليونان، ثم جنودها ..
وكما تؤكدُ آثارُ مدينةِ طِروادةَ استخدام الجِيادِ في تلكَ الحُروبِ، كذلك تُثبتُ الآثارُ الفُخّاريةُ دخول الموكينيين إلى المنطقةِ بعدَ انتصارهم الساحقِ على طروادة، بِفَضلِ استخدامِهِم الجِيادَ والمركباتِ الحربيةِ. وكان المعبود «يوسيدون» عند الموكينيين يظهرُ في صُورةِ جَوادٍ، والجوادُ رَمزٌ للإخصابِ في مجتمعات القبائلِ المتنقلةِ الإغريقيةِ .
هذِهِ هي الحقائقُ التي يُؤكَّدها علماءُ التاريخِ والآثارِ فيما يختصُّ بحروبِ طِروادةَ، بناءً على الذي تم العُثورُ عليه من آثارٍ مُختلفَةٍ في طبقاتِ ارضِ سَهلِ طروادةَ.
أما عن الأحداثِ الروائية عن حَربِ طروادةَ التي كان يعرِفُها الشاعرُ هومروس، ولمُ يُعالجها في الإلياذةِ، فتُرَكِّزُ الحوادثُ فيها على أن ربَّةِ الجمالِ (أفروديتي) وعدَتْ الأميرَ باريس بتمكينِهِ من أجملِ امرأةٍ في العالمِ.
وغضبتْ الآلهتان الأخريان لأنه استجاب لوعودِ رَبَّةِ الجمالِ أفروديتي ورفَضَ وعودَهُما، واقسمتا على تدميرِ طِروادةَ، بينما نَفَّذت أفروديتي وَعْدَها بأن أوحتْ إليهِ بالسفرِ إلى أسْبَرْطةَ، والنُزولِ في ضِيافةِ مَلكِها مينالاءوس.
وهناك التقى بِزَوْجَتِه الجميلةِ هيلينا خِلسةً، ووقعتْ الملكةُ هيلينا في غرامِ الزائرِ الطروادي الأمير باريس بِفِعلِ تأثير إيروسَ ابنِ ربَّةِ الجمالِ افروديتي، وهربَتْ معهُ بعدَ أن نَهَبتْ القصر، وذهبَت معهُ إلى طروادةَ..
هُنا عَزَم الإغريقُ على قيادة حملةٍ حربيةٍ كبيرةٍ لمعاقبةِ الخائنِ الأمير باريس، ووصل الأسطول الإغريقي بقيادةِ أجاممنون إلى طروادة، وحاصَرها عشْرَ سنوات، وكانتْ الحربُ أشبَه بالنِّزال والمبارزة بين الأبطال المتناظرين، ولم يتمكّن ايُّ من الفريقين من إحرازِ النصرِ على الآخر بسبب انقسام الآلهة بين الإغريق والطرواديين.
وأخيراً قدّم (أوديسيوس) فكرةً، وهي صناعةُ حِصانٍ من الخشبِ المُجوَف يختبئ فيه الجنودُ ويُترك عند بَوابةِ طِروادة، بينما يتظاهرُ الجيشُ الإغريقي بالانسحاب، وبالفعل وقع الطِرواديون في الشرك، ولما حاول أحدُ حكمائهم أن يُحذّرهم لم يستمعوا له.
وفي الليل خَرج الجنودُ من الحِصان الخشبي. وفتحوا أبواب طِروادة، فدخلها الإغريقُ وعاثوا فيها حرقاً، وقتلاً، وسبيا، وبعد ذلك عاد أبطال الإغريقُ إلى بِلادِهم ليعيشوا حياةً هادئةً.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]