نبذة تعريفية عن “الحشائش”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الحشائش النباتات والزراعة الزراعة
كانت كلمةُ «حشائشَ» تُطلقُ في الماضي على كل أنواع الأعشاب التي ترعاها الإبلُ والماشيةُ والخيلُ والأغنام، ولكن الاستعمالَ الحديثَ حدَّدَ معنى هذه الكلمة، لتدل على أنواعٍ نباتية معينةٍ تتبعُ الفصيلةَ النجيليةَ؛ ولذلك تُعْرَّفُ الحشائشُ أيضاً بالنجيليات.
وكلمة «نجيليات» مشتقةٌ من اسم نبات «النجيل» الذي يكسو ملاعبَ كُرةِ القدمِ وملاعبَ الجُولف، وهو أيضاً عنصرٌ مهمٌ – مع غيْرِهِ من الحَشائِش – في المسطحات الخضراءِ بِصِفةٍ عامة.
وتضم فصيلةُ النجيليات هذه ما يزيدُ على خمسةِ آلافِ نوعٍ مُتميزٍ، تتشابَهُ جميعُها تشابُهاً مُطلَقاً في نوع الثمرة؛ فثمرةُ النجيلياتِ (الحشائش) تُسمى «برة»، وهو تعبيرٌ علمي يدل على أن غلافَ الثمرةِ يَلْتحمُ تماماً مع غلاف البِذرةِ.
فثمرةُ الحشائش هي ثمرةٌ وبذرةٌ في الوقتِ نفسِهِ؛ ولذلك تُوصف الحشائش بأنها «حبَّة»، وتُعرف ثمراتُ هذه الفصيلة بأنها «حُبوب».
كذلك تتشابهُ الحشائشُ كلها في شَكْلِها الظاهري، فالمجموعُ الجذري لها من النوعالعرضي الليفي، وسوقها هوائية مقسّمةٌ إلى عُقَدٍ وسُلامياتٍ.
وعادةً ما تنمو السوقٌ الهوائيةُ من سوق أخرى أكبر تُوجدُ تحتَ سطحِ الأرض، وتُسمّى «ريزومات».
وأوراق الحشائش مُتَشابهةٌ أيضا، فهي شريطيةُ الشكلِ، ولها أغمادٌ مشقوقة تُحيطُ بأجزاء الساق التي تَخرُج مِنْ غِمْدِها.
ولكن الحشائش تختلفُ في أحجامها، فبعضُها لا يزيد ارتفاعهُ عن سنتيمترين، وبعضُها الآخرُ قد يصلُ إلى ارتفاع قدرُه نحو تِسعةِ أمتار، مثل بعض أصنافِ نباتِ الخَيْرزان.
وتستطيع الحشائش النموَّ في بيئاتٍ مختلفةٍ مثل، الصحاري ونواصي الجبال، وشقوق الصخور، والمناطق القُطبية، وشواطئ الأنهارِ والبِحار والمسطحات المائية.
وقد كانت أراضي الحشائش تُغطيّ خُمْسً سَطحِ الأرضِ اليابسةِ، وهي سريعةُ التكاثُرِ والانتشارِ، وهي أولُ ما يظهرُ من النبات في الأراضي الجرداءِ. والحشائشُ بعضُها حوْلي يعيش سنةً واحدةً أو اقلَّ، وبعضُها يُعمَّرُ لبضع سنينَ.
وللحشائش فوائدُ كثيرةٌ وعظيمة، وقد قال عنها أحدُ العلماء إنها: «غُفران الطبيعةِ وبركتُها الدائمةُ». فهي تبني التربةَ حينما تنتثر بُذورُها (حُبوبُها) إلى مُختلف المناطقِ الجرداءِ الخاليةِ من النبت.
ولما كانت احتياجاتُها الغذائية متواضعةٌ، فإنها تنمو حيث لا يستطيعُ غيرُها النموّ، وبمضي السنين تتحسنُ خصائصُ التُربةِ الجرداءِ الفقيرة، وتصبح صالحةً لنمو أنواع أخرى من النباتات.. كما أن نمو الحشائش على الكثبان الرملية يُثبَّتُ رِمالَ هذهِ الكُثبانِ ويمنَعُها من التحركِ، فلا يتسببُ عنها أيُّ أذيً.
ولِبَعضِ الحشائشِ قيمةٌ رعويةٌ بالنسبةِ للإبِل والماشيةِ والأغنام وغيرها من الحيواناتِ الرعويةِ، ولِبَعضها قيمة طبية لاحتوائها على مصادر العقاقيرِ، وكثيرُ منها يُستغلُّ في صناعةِ العُطورِ لوجود زيوتٍ عطريةٍ زكيةِ الرائحةِ في أنسجتها، ولبعضها قيمةٌ غذائيةٌ للإنسان.
وحُبوبُ الحشائش البرية غذاءٌ رئيسٌ لكثيرٍ من أنواعِ الطيور، والقوارض، والحشرات، وغيرها من أنواعِ الحيواناتِ الآكلةِ للحُبوبِ.
أما الحشائشُ التي يأكل الإنسانُ حبوبَها فتُسمى «الحبوب»؛ وأشهرُ حشائش الحبوبِ هذه ما نطلقُ عليه كلمة «الغلال».
والغلالُ الرئيسةُ التي يعتمدُ عليها سكانُ العالم سِتُّ غِلال، وهي القمحُ والشعيرُ والذرةُ والأرُز والشوفان والشيلم. أما القمحُ والشعيرُ، فَكانا معروفين في الزراعة منذ زمنِ سيدِنا موسى وسيدِنا يوسف عليهما السلام.
ويُستَدلُّ على ذلك من القرآن الكريم، حيثُ وردَ في سورةِ يوسف أن فرعونَ مصرَ رأى في نوْمِهِ رؤيا أفزعته، وقد فسَّرها سيدُنا يوسف عليه السلام بأنه سوف تأتي سبعُ سنوات مَطيرةٌ يجودُ فيها محصول الأرضِ ويتوافر، ثم تأتي بَعدَها سبعُ سنواتٍ لا ينزلُ في أثنائها الغيثُ، ولن يكون هناكَ محصول يتغذى به الناس.
وأشار سيدنا يوسف عليه السلام بأن يقتصد الناس في استهلاك محصول السنوات المطيرة، وأن يتركوا بعضَ حُبوبِهِ لتظلَ في سنابِلها، حتى يمكن الاعتمادُ عليها في السنوات العِجافِ غير المطيرة.
ويُستدلُ من الآية الكريمة التي وردت في هذا الشأن، على أن المحصول المُنزَرعَ وقتَها كان إما قمحاً أو شعيراً، لأنها تقول: قال تعالى(قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ) يوسف 47.
ونورةُ الحشائش تُسمى سُنبُلةً. والقمحُ والشعيرُ هما مما يأكلُه الإنسان. هذا، وقدْ وُجِدت حبوبُ الشعير والقمح في مقابر فراعنةِ مصرَ منذ ثلاثةِ آلاف سنة أو اكثر قبل الميلاد، وقد ثبتَ أيضا أن الشعيرَ كان يُزْرَعُ في بلادِ الصين منذ أكثرَ من خمسةِ آلافِ سنةٍ، ويُقالُ إن النشأَةَ الأولى للقمح والشعير كانت في آسيا ومرتفعاتِ سوريا وفلسطين.
أما نباتُ الذُرة، فقد نشأ في أمريكا، وزَرَعهُ هنودُ امريكا منذُ الأزل، ونقلَهُ المُستكشف الإسباني كولمبس من أمريكا إلى أوروبا سنة 1492م.
وكانتُ نشأة الأرز في الصين منذ خمسةِ آلاف سنةٍ، وكان هناك امبراطورٌ يُسمى «شين نج» يبدأ موسمِ زراعةِ الأرُز باحتفال يشتركُ فيهِ شَخصياً.
وما زال الأرزُ حتى وقتِنا هذا يمثلُ الغِذاء الأساسي للملايين من شعوب الصين وباكستان وإندونيسيا ومعظم الدِول الآسيوية.
ونشأ الشوفانُ في اسكتلندة منذ زمنٍ قديمٍ، وكان الغذاءَ الأساسي للأسكتلنديين عبر القرون، ولمُ يقتصر استعماله على الجنس الأسكتلندي.
ولكن «فريكَ» الشوفان الذي يُطهى على صورة ما يُعرف بالعَصيدة (البوردج)، أصبح في الوقتِ الحاضر من أطعمة الإفطارِ الممتازة في إنجلترا وأمريكا وكثيرٍ من بلاد أوروبا.
وهُناك حشائش أُخرى ذاتَ قيمةٍ غذائيةٍ للإنسان، ولو أن حبوبها لا تُؤْكَل، وذلك مثل نباتِ قصبِ السكر الذي يُعَدُّ المصدرُ الأساسي للسكر بالنسبة لمعظم بُلدان العالم، وهو أيضا من الحشائش قديمةِ العمر.
ويعتقدُ بعض الناس أن الهند هي موطنه الأصلي، ويعتقد آخرون أنه نشأ في جُزُر المحيط الهادي، ثم انتقل منها إلى الصين والهند.. وهو على العموم حشيشٌ معمَّرٌ لا ينمو إلا في المناطق الحارة وشبهِ الحارة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]