الحكمة من تشريع “الزكاة” وشروط وجوب تحقيقها والفئات المستحقة لها
1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الزكاة الحكمة من تشريع الزكاة شروط الزكاة الفئات المستحقة من الزكاة إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
الزّكاةُ جُزءٌ من المال يُخرجُهُ المسلمُ أو المسلمةُ من أموالهما ويعطونه للمستحقين، إذا توافرتْ شُروطٌ معيّنةٌ. وسنبيِّنَ فيما بعدُ من هم المستحقون، وما هي الشروط المعيّنةُ.
والزكاة هي أحد أركان ديننا الحنيف، أمرَ اللهُ بها في القرآن الكريم، فقال: قال تعالى(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) النور (56).
وأمرَ بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أن لا إلهَ إلاَّ الله وأنَّ محمداً رَسولُ الله، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وصومِ رَمضانَ، وحجِّ البيتِ».
وللهِ تباركَ وتعالى حِكْمةٌ من تشريع الزكاة: ليتعوّدَ المسلمُ والمسلمةُ البذل والعطاء فتطهُرُ أنفسُهُما من البُخلِ وحُبِ المالِ، ولكيْ يتذكَّر المسلم الذي أنعمَ الله عليه بالمال إخوانهُ المسلمينَ الفُقراءَ، وحينما يُقدّمُ لهم المالَ يُحِبونهُ ويدعُونَ له بالخيرِ والبركةِ.
وإذا أخرجَ المسلمونَ زكاتَهم في مجتمعهم، فإنَّ كلَّ المجتمعاتِ الإسلاميّةِ تُصبحُ متكافلةً ومتعاونةً، يُحبُّ فقيرُهم غنيَّهم، ويعطف غنيُّهم على فقيرهم.
فتصفو نفوسُهم من الحسد والحقد. والزّكاةُ يعتبرُها الإسلام رُكناً أساسياً في تحريك اقتصاد الدّولةِ الإسلاميةِ.
والزكاةُ هيَ حقٌّ للفقراءِ والمساكينَ، وليستْ تَفضُّلاً من الغنيِّ، فهيَ واجبةٌ عليه، لأنَّ الله أغناهُ بكثرةِ أمواله، فعليه أن يساعدَ غيرهُ من المسلمينَ المحتاجين.
ولهذا يعاقبُ اللهُ تعالى من يمتنعُ عن إخراج الزّكاةِ. فقد ورد في حديث النبيّ، صلى الله عليه وسلم، قولُهُ: «ما مِنْ صاحبِ كَنْزٍ – أموالٍ- لا يُؤدِّي زكاتَهُ إلاَّ أُحْمِيَ عليهِ في نارِ جهنَّمَ، فيُجْعَلُ صفائِحَ، فيكوَى بها جَنباهُ وجبينُهُ ..».
وعلينا أن نسألَ أنفسنا هل علينا زكاةٌ فيما نَملكُهُ من أموالٍ أو أنَ الزّكاةَ تجب على الكبارِ فقط؟
والجوابُ إنَّ الزكاة تجبُ على كُلِ مُسلمٍ ومسلمةٍ كبيرٍ أو صغيرِ، بل تجبُ على المجنونِ أيضاً وكذلك على الذي يقوم بإخراج الزكاة عن الصغار لأن العبرة بوجوبها هو مِلك مبلغِ من المال وشروطٍ أخرى.
وها هيَ أهمُ الشروطِ التي إذا تحقَّقَتْ تجبُ الزكاةُ علينا:
الشرطُ الأوَّلُ: مرورُ سَنَةٍ على وجودِ هذا المالِ عندنا. وقبلَ أن تمرَّ سنةٌ كاملةٌ فإنّهُ لا زكاةَ على هذا المالِ. لأنَّ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا زكاةَ في مالٍ حتى يحُولَ عليهِ الحَوْلَ».
وهذا الشَّرْطُ يُطبّقُ على الأموالِ كلّها، سواءٌ النقود أو البَضائع التجاريةُ أو الأنعامُ، وهي البقرُ والغنمُ والإبلُ.
ولكن لا يُطبّق هذا الشرطُ على المنتجات الزراعية، لأنَّ زكاتها تكونُ متكرّرَة كلما أنتجت وجبت الزكاةُ، ولو كانت نتاجُها في السنة أكثر من مرّةٍ.
الشرطُ الثاني: مِلْكُ النصابِ، ومعناه: أنْ يملكَ المسلمُ أو المسلمةُ مقدارًا من المالِ في النقودِ حوالي 385 ديناً كويتيّاً أو ما يعادلُهُ مِنْ غيرٍ الدينار الكويتي وما زادَ عنه.
وكذلكَ نصابُ البضائع التجاريّةِ إذا بلغتْ قيمتها هذا المبلغَ. وبالنسبة لنصابِ الإنعامِ في الإبلِ خمسٌ من الإبلِ، وفي البقرِ ثلاثون بقرةً وفي الغنم أربعون.
فمن ملكَ هذا العدد وجبت عليه الزكاة فيها وفيما زاد عن هذا العدد، ويكونُ لهُ حسابٌ آخرَ يزيد كُلّما زادَتْ هذه الأنعامُ.
وقيمة الزكاةِ في النقودِ هو2,5% من جُملةِ المالِ الذي يستحقُّ أن يُزَكّى عنهُ.
فإذا وُجدَ هذان الشرطانِ، ولم تكنْ على المسلمِ أو المسلمةِ ديونٌ وجبت الزكاةُ.
لكن إذا كانت هناكَ ديونٌ تُنقصُ هذا المال عنِ النّصابِ أو تزيد عليه، فإنّ الزّكاةَ لا تجبُ فيها تخفيفاً عن المسلم أو المسلمة ولأنهم في الحقيقةِ مُحتاجون إلى هذا المال ليدفعوا الديون.
بَقيَ أن نعرفَ الآنَ مَنْ همْ المستحقُّونَ للزّكاةِ، وهذا الموضوعُ قد بيّنهُ اللهُ تباركَ وتعالى في القرآنِ الكريم، وحدّدَهم تحدياً دقيقاً واضحاً فقال: قال تعالى(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة (60).
والمقصودُ «بالفقراءِ والمساكين» هم المسلمونَ المحتاجون الذينَ لا يوجدُ عندهم من المال ما يَكفيهمْ لمسكنهم ومأكلهِم وملبسهم.
والمقصودُ «بالعاملين عليها» هم الأشخاص الذيَ يُكلّفونَ بجمع الزّكاةِ، فإنّهمْ يُعطَونَ من الزكاةِ مقابل جهدهم وعملهم في جمع الزكاةِ من أصحابها.
أمّا المقصودُ «بالمُؤَلَّفَةِ قلوبُهم» فهم الكفارُ الذي نريدُ أن ندفعَ شرّهم عن المسلمين أو نريدُ أن نستميل قلوبهم للإسلامِ فيجوزُ أن نُعطيَهمْ لهذا الغرضِ من الزّكاة. وكذلكَ يُعطَى من الزّكاة من أسلمَ ونريدُ أن نعينهُ ونثبّتهُ على الإسلام.
والمقصودُ بـ«الرِّقاب»: هم مَنْ كانوا أرقّاء غيرَ أحرارٍ من المسلمين فيجوزُ أن نُعطيهم من الزكاةِ ليدفعوها لمنْ يسترقُّهم فيخلِّصوا أنفسهم منَ الرِّقِّ ويُصبحوا أحراراً. وكذلك نعطي الزكاة لتخليص الأسير المسلمِ من الأسرِ.
والمقصودُ بـ: «الغارمينَ»: الأشخاصُ الذي عليهم ديونٌ وعجزوا عن إرجاعها لأصحابها الدّائنينَ فنعطيهم من الزّكاةِ مساعدةَ لهم لسداد ديونهم.
والمقصودُ بــ: «في سبيل الله»: هم المجاهِدونَ في سبيل اللهِ سواءٌ أكانوا فُقراءَ أو أغنياءَ فنعطيهم ونشتري لهمْ بالزكاةِ كل ما يحتاجونَ من تجهيزاتٍ للجهاد.
وبعضُ الفُقَهاءِ يتوسّعون في فَهمِ لفظِ «في سبيل الله» فيقولونَ إنَّ المقصودَ بهِ أيضاً هو نُصرةُ الإسلام وإعلاءُ كلمتهِ، بمختلفِ الوسائل، على أنْ تكونَ خالصةً لوجهِ اللهِ تعالى.
وبعضهم توسّعَ في هذا المعنى أيضاً ليشمل المصالحَ العامّة، التي لا يملُكُها أحدٌ، إنما تكونُ مملوكةً للهِ – سبحانَهُ – ومنفعتُها ميسَّرةٌ لخلقِ الله.. وذلكَ مثلَ: المستشفياتِ، والمدارس، ودورِ كفالةِ اليتيم، ونحوَ ذلك.
وأما المقصودُ بــ «ابن السبيل»: فهو الشخصُ الذي تغرَّبَ وسافرَ من بلدِهِ ويُريدُ أن يرجعَ ولكن ليسَ عندهُ مالٌ فنعطيهِ من الزّكاة ليعودَ إلى وطنِهِ وأهلهِ.
وهكذا نرى ونعلمَ أن الزكاةَ رُكنٌ عظيمٌ من أركانِ الإسلامِ فعلينا أنْ نشكرَ اللهَ على أن منحنا المالَ وشكرُهُ باخراج الزكاة الواجبة علينا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]