نبذة تعريفية عن أنواع وفوائد “السَّحاب” وكيفية تكوّنها في السماء
1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
السَّحاب فوائد السّحاب أنواع السّحاب كيفية تكوّن السّحاب في السماء علوم الأرض والجيولوجيا
هل نظرتَ إلى السّماءِ الصَّافيةِ في أحدِ الأيّامِ المُشمِسةِ ولاحظت لونَها الأزرق الجميل؟
إن هذا المنظر يزداد جمالً عندما تزينهُ السُحُبُ البيضاءُ المتفرِّقةُ هنا وهناك. أما إذا تكاثرتْ السُحُبُ وغَطَّتْ قُبّةَ السّماءِ وحَجَبتْ قُرْصَ الشّمسِ، وتحوَّلَ لونها إلى الرماديِّ الأدكنِ، تغيَّرَ المنظرُ تماماً وأصبح أقلَ جمالاً.
وأحياناً نجدُ أن السحب تأخذُ أشكالَ طيورٍ أو حيواناتٍ أو أشجارٍ أو خطوط، كما تختلفُ ألوانها من الأبيض الناصعِ إلى الرماديّ بدرجاته المتعددةِ. وعندَ الغروب تنعكِسُ عليها أشعةُ الشمس فتبدو بألوانٍ برتقاليةٍ في غايةِ الجَمال.
وتتفاوَتُ أيضاً أحجامُ السُّحُبِ، فبعضُها يكونُ صغيراً وبعضها الآخر يكونُ ضخماً، وقد تملاُ السماءَ التي قد تختفي تماماً. وهكذا نُلاحظُ أنّ أشكالَ السحبِ في السماء كثيرةٌ لدرجةٍ تحيِّرُ الشخصَ العاديِّ. فما هِيَ قصةُ السُحُبِ؟
من المعروفِ أنَ الماءَ يغطي سبعةَ أعشارِ سطح الأرض. ويتَّخِذُ هذا الماءُ أشكالاً عدةً فهناك المحيطاتُ والبحارُ والأنهارُ والبحيراتُ.
وهناكَ الماءُ الموجودُ في جسم الإنسانِ والحيوان، والذي يخرجُ بعضٌ منهُ على شكلِ عَرَقٍ وبَول. كما يُخرجُ النبات كمياتٍ كبيرةً من المياه من خلال ثغُورِ الأوراقِ، وتُعرفُ هذه الظاهرةُ بعملية النّتح. كذلك تحتفظُ التربةُ بكمياتٍ هائلة من المياه بعدَ سُقوطِ الأمطارِ أو بعدَ عمليّةِ الرّيِّ.
إنَّ كلَّ صورِ وجودِ المياه في الطبيعة التي ذكرناها الأن تتعرّضُ باستمرارٍ للتّبخرِ، أي تتحولُ المياهُ من مادّةٍ سائلةٍ إلى غازٍ هو بخارُ الماء الذي ينتشرُ في الجوِّ بكمياتٍ هائلة.
ونحنُ لا نشعرُ بوجود البخارِ الماء في الهواء المحيطِ بنا إلا إذا ازدادتْ نسبتهُ كثيراً، وفي هذه الحالة نقولُ إنَّ الجوّ أصبحَ رَطباً.
وفي أحيانٍ كثيرةٍ يتعرَّضُ بخارُ الماءِ الموجودُ في الجوِّ لعمليّةِ تكاثُفٍ، أي يعودُ إلى حالتهِ الأصلية السائلة. فإذا حدثَ هذا التكاثفُ قريباً من سطح الأرضِ فإنّهُ يكونُ على شكل قطراتِ النّدى أو على شكلِ ضبابٍ.
أما إذا حدثَ هذا التكاثفُ في مستوياتٍ عاليةٍ بعيداً عن سطح الأرضِ تكوَّنت السُحُبُ. أي إن السّحبَ هي في الواقعِ قطراتٌ صغيرةٌ جداً من الماء متجمعةٌ على ارتفاعاتٍ عاليةٍ.
وفي حالةِ انخفاضِ درجةِ الحرارةِ حولَ السحبِ إلى ما دون الصفر السّيليزيّ، تتجمدُ قطراتُ الماء التي تكوّنُ السحب وتصبح بلّوراتٍ ثلجية تعطي السحب لونَها الأبيض الناصِعَ.
ويجمعُ خبراءُ الأرصادُ الجوّيةِ معلوماتٍ عن السُحُبِ للاستفادة منها في التّنبُؤِ بحالةِ الجوِّ. فهم يقيسون كمية السحبِ الموجودةِ في قبةِ السماء، كما يقدِّرونَ الارتفاعَ الذي توجدُ عليهِ هذه السحبُ سواءٌ كانت منخفضةً أو متوسطةً أو عاليةً.
كذلك فهم يحسبونَ سُرعة تحرُّكِ السحُبِ والجِّهة التي تتحرّكُ إليها. إما تحديدُ نوعِ السُّحبِ فهي عمليةٌ صعبةٌ لأنَّ أنواعَ السحب كثيرة جداً.
وفي بعض الأحيانِ توجدُ عدةُ أنواعٍ منها في وقتٍ واحد، كما أنها تتغيَّرُ باستمرارِ، ولا تبقى على حالٍ واحدةٍ، حتى إن العربَ قديماً عرفوا أسماءَ 150 نوعاً من أنواعِ السُّحُبِ.
ومن أنواعِ السُحُب «السِّمْحاقِ» الذي يظهرُ على ارتفاعاتٍ عاليةٍ على شكلِ سحب متفرِّقةٍ بيضاءَ لها هيئة خصلاتِ الشعرِ أو ريشِ الطيورِ، ولا يظهرُ لهذه السحب ظِلٌ على الأرض، ويكونُ الجوُّ المُصاحبُ لها جواً معتدلاً.
وهناك أيضاً «السحبُ الطَّبَقِيَّةُ» التي تأخُذُ أشكالَ الخطوط أو الشرائط، كما توجدُ «السُحب الرُّكامِيَّةُ» التي تبدو على هيئةِ تَجَمُّعاتٍ أو كتلٍ من السحبِ الكُرويةِ الشكل.
ومن الأنواعِ الشهيرةِ سحبُ «المُزْنِ الرُّكاميِّ» وهي سحبٌ ضخمةُ الحجمِ تبدأُ قاعدتها بالقرب من سطح الأرضِ وتمتدُّ رأسياً إلى ارتفاعاتٍ عاليةٍ جداً، وتكونُ قِمتها على شكل رأس السَّنْدانِ، وعندَ ظهورِ هذه السُحبِ نسمعُ الرّعدَ ونُشاهدُ البرقَ وتسقط الأمطارُ بغزارةٍ، وقد يسقُطُ أيضاً البَرَدُ والثّلجُ.
وللسُحُبِ فوائدُ عديدةٌ، ففي أثناءِ النّهارِ تعملُ السُحُبُ إذا كانت كثيرةً على تقليلِ درجةِ حرارةِ الجوِّ لأنها تحجُبُ جزءاً من أشعةِ الشمسِ.
أمّا في اللّيل فتقوم هذه السحبُ بحفظِ الحرارةِ التي اكتسبتها الأرضُ في أثناء النهارِ وتُدْفِئُهُ بالليل. ولكنَّ أهمَّ فائدةٍ للحسب أنها تُشبهُ الخزّانَ الذي يأتي منهُ المطرُ أو الثلجُ أو البَردُ. ولكن ليسْ كلَّ السحبِ مُمطرِةً، فسقوط المطر يتطلبُ توفُّرَ شروط معينة.
ولذلك يُحاولُ الإنسان توفير الظروفِ المناسبة لإسقاط المطر اصطناعيّاً، كأنْ تقوم الطائراتُ بنثرِ موادَّ معينةٍ في وَسَطِ السُحبِ لكَيْ تحفِزَها على إنزالِ ما بها من مياهٍ. ويُطلَقُ على هذه العملية اسمُ «الاستمطار».
وهكذا نرى أنَّ السّحابَ يلعبُ دورً اساسياً في دورةِ الماءِ في الطبيعية، فهو يعيدُ بُخارَ الماءِ إلى الأرضِ مرةً أخرى في صورةِ مطر. وصدق الله تعالى حين قال: قال تعالى(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ) النور (43).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]