أهمية “السدود” ومميزات الموقع التي تقام عليها ومدى تطورها عبر الزمن
1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
السدود أهمية السدود مميزات موقع السدود علوم الأرض والجيولوجيا
تُعَدُّ السُّدود منْ أقدمِ الأعمالِ الهّندسيةِ التي أبدعها البشرُ في فَجرِ الحضارةِ. وقد اهتدتْ إليها شعوبُ الحضاراتِ القديمة، الفِرعونية، والصينيةِ والفارسيةِ والإغريقيَّةِ والرُّومانية، وغيرها.
والغرضُ من إقامةِ السِّدِّ هُو حَجزُ المياهِ الجاريةِ الموسميةِ والدّائمةِ بهدفِ تخزينِ المياهِ في موسمِ الغزارةِ للانتفاعِ بها في مواسمِ الجفاف.
وبِفضلِ اعتراض جسم السدِّ لِمجرى المياه الجارية يرتفعُ مَنسوبُ المياهِ أمامَ السدِّ، فتغمرُ المياه الأراضيَ المنخفضةَ الواقعةَ أمامَ السدِّ وبذلكَ تتكوَّنُ بحيرةٌ صناعيّةٌ تمتلئُ بالمياهِ العَذبةِ.
وبمساعدةِ المُنشآت التكميلية، مِنْ بوّاباتٍ وقنواتٍ وغيرِها، يستطيع النّاسُ تنظيمُ حركةِ المياه لتكونَ الفائدةُ منها أكبرَ من ذي قَبل.
وفي العَصرِ الحديثِ ارتقتْ هندسةُ إقامةِ السُّدودِ إلى مستوى رفيعٍ يتجسَّدُ في ضَخامةِ المُنشآتِ، وتعدُّدِ أهدافها التنمويَّةِ (الرّيُ، والصناعةِ وتوليدِ الكهرباء، وتطويرِ وسائلِ النقلِ والمواصَلاتِ، وتنمية الثروة السمكية والحيوانيةِ)، وتلبيةِ احتياجاتِ التوسُّعِ العُمراني.
وبفضلِ تطوُّرُ التُّكنولوجيا أصبحَ بناءُ السدودِ مُمْكناً في أصعبِ الظُّروفِ الجغرافيةِ والجيولوجيةِ والمناخية.
ويُعدُّ «السدُّ العالي» في مصر من أعظمِ السُّدودِ في العالمِ، كما تُعتَبرُ بُحيرةُ السَّدِّ العالي («بُحيْرةُ ناصر») ثانيَ أكبرِ بُحيرةٍ صِناعيةٍ في العالَمِ فقُدرتُها على تخزين المياهِ تصلُ إلى 180 مليار مترٍ مكعَّبٍ سنوياً..
وقدْ رُوعِيَ في تصميمها أن تكون لها مَفيضاتٌ جانبيّةٌ لِتصريفِ المياه إذا اقترب المخزونُ المائيّ من الحدِّ الأقصى للتّخزينِ الآمن، أي الذي لا يُهَدِّدُ جِسمَ السّدِّ بالانهيارِ تحتَ تأثيرِ ضُغوطِ المياه. أو لاتِّقاء أخطارِ الفيضاناتِ العاليةِ للأنهار، أو لِتوليد الكهرباء، أو لهذه الأغراضِ مُجْتَمِعَةً.
ويشملُ المُنشَأُ الهندسيُّ الكَهرَمائيُّ: جِسمَ السَّدِّ، والمحطَّة الكهربائية، والمُنشآتُ المُساعدةَ لِتنظيمِ حركةِ المياهِ والملاحَةِ عبرَ السَّدِّ.
ويتكوَّنُ جِسمُ السَّدِّ من الأساسِ، والنواةِ أو السِّتارةِ الصُّلْبةِ غيرِ المُنفذة، والجسمِ الخارجيِّ، والقمةِ التي عادةً ما تُكَوِّنُ شَكلَ الطريق البرِّيِّ الموصلِ بين الضفتين.
ومن ناحيَةِ التَّصْميمِ الهندسيِّ لجسمِ السدِّ، تُعْرَفُ الأنماطُ التاليةُ:
1- سدٌّ تُرابيِّ: وهو يُنشأَ عادةً لخزنِ مياهِ المجاري الموسميةِ وبالتالي فهو سدٌّ محدودُ الارتفاع.
يُبنى بالأتربة المتوافرة في البيئة المحلية، ولا تُستخدمُ في بنائِهِ موادٌّ لاحمةٌ.
2- سدٌّ خَرَسانِيٌّ: وهو – عادةً – سَدٌّ مَحْدودُ الحَجْمِ والارتفاعِ والقدرةِ على تخزينِ المياه.
ويُستخدمُ في بنائِهِ الأسمنت، كمادّةٍ لاحمةٍ للفتاتِ الصخري، ويشيعُ هذا النَّمَطُ في حالةِ ارتفاع سُرعةِ تدفُّقِ مياه المَجرى.
3- سدٌّ حَجَريٌّ أو طُوليٌّ: وهو أيضاً سَدٌّ محدودُ الحجم والارتفاعِ والسّعةِ التخزينية.
ويتعرّضُ مثلُ هذا السد لضغوط محدودة، سَواءَ بتأثيرِ التيار المائيِّ أو بتأثير مخزونِ المياه أمام السّدِّ.
وعادةً ما يُدعمُ جسمُ السدّ بركائزَ خلفَ السدِ تساعدُ على الاحتفاظ بتوازنِهِ.
4- السَّدُّ الرُّكاميُّ: هو أهمُّ وأعظمُ أنماطِ السُدود. وهو في العادة أكثرُها ارتفاعاً وحجماً وقدرةً على تخزينِ المياهِ.
ويُقامُ هذا السّدُّ لاعتراض المجاري المائية الدائمة، العالية الفيضان، ذاتِ الميلِ الصغيرِ على المستوى الأفقيُّ.
ويُبنى قلبُ السّدِّ، أي نواتُهُ، من صخورِ غير مُنفذَةٍ للمياه مع استخدامِ موادَّ لاحمةٍ أو دونها. أما جسمُ السدِّ فيُبنى من الصخورِ المُتدرِّجةَ من حيثُ حجمِ الحبيبات دونَ استخدامِ موادَّ لاحِمة.
وغالباً ما يكونُ السدُّ الرُّكاميُّ مُتعدِّدَ الأهدافِ، وبصفةٍ عامَّةٍ، أصلحُ المواقعِ لبناءِ سدٍّ هو ذلك الموقع الذي يتميَّزُ بما يلي:
1- الهدوءُ النِّسبيُّ لتدفُّقِ المياهِ الواقعةِ على جسمِ السّدِّ، وبالتالي يكونُ السَدُّ أكثرَ رُسوخاً، ويكونُ في غِنىً عن إنشاءِ الدَّعاماتِ العالية التكلفة.
2- ضيقُ المَجرى والوادي، فمن شأنِ ذلكَ تقليلُ حجمِ الأعمالِ الضرورية لبناءِ جسمِ السّدِّ وسطَ المجرى وعلى جانبيْ الضَّفتين.
3- عدمُ، أو قِلَّةُ، نفاذيةِ الصُّخورِ التي يُقامُ عليها جسمُ السّدِّ. فنفاذيّةُ الصخورِ تُشكِّلُ تهديداً خطيراً على اتّزان جسم السّدِّ لتسرُّبِ المياه من تحتِ قاعدةِ السّدِّ، ومن جانبيه القائمين على ضفَّتي النهرِ.
4- توافُرُ الصخورِ المناسبةِ لبناء جسمٍ السدِّ في مناطِقَ قريبةٍ من موقعِ البناء، فذلك من شأنِهِ تقليلُ تكلفةِ الإنشاءاتِ بشكلٍ ملموسٍ.
5- وجودُ فرقٍ كافٍ بينَ منْسوبيْ المياهِ أمامَ السدِّ وخلفَهُ، بحيثُ يمكنُ توليدُ الكهرباءِ من مساقطِ المياهِ عندَ إمرارِ المياه من الجانبِ الأعلى (أمامَ السَّدَّ) إلى الجانبِ الأدني (خلفَ السدِّ).
وتقومُ الظروفُ الجيولوجيةُ لموقعِ منطقة السّدِّ بدورٍ شديدِ الأهميةِ بالنسبةِ لتحديدِ أهدافِ السدِّ وتزداد هذهِ الأهمية زيادةً طرديةً مع زيادةِ حجمِ المياهِ وصخامةِ السّدِّ.
ويجبُ دراسَةُ النَّشاطِ الزَّلزاليِّ في منطقةِ إقامةِ السَدِّ، واحتمال تعرُّضِ السدِّ لزلازِلَ تُهدِّدُ بُنيانهُ، وكذلكِ لاحتمالات تأثيرِ المخزون المائي الكبيرِ للبحيرةِ في تنشيطِ حدوث الزلازل.
وَمِنْ أعلى السّدودِ في العالَمِ: سَدُّ رُوجُونسكِي الذي أُقيمَ حديثاً في تادْجيكسْتان، وارتفاعهُ 335 متراً؛ وسَدُّ جراند دِيكسِينْ الذي أقيمَ في سويسرا عامَ 1962، وارتفاعُهُ 284 متراً؛ وسَدُّ ميكا الذي أقيمُ عامَ 1973 في كندا، وارتفاعهُ 242 متراً.
كذلكَ من بَين أكبرِ السُّدودِ اختِزاناً للماء في العالَمِ: سدُّ سِنْكرود تِيلنجِز الذي أُقيمَ حديثاً في كَندا، ويحتجزُ 540 مليونَ مترٍ مكعبٍ من الماء؛ وسَدُّ شاپيتون الذي أقيمَ حديثاً في الأرجنتين ويحتجزُ 296 مليونَ مترٍ مكعبٍ؛ وسَدُّ تارْبيلا الذي أقيمَ في باكستان عام 1979.
ويحتجزُ 148 مليونَ مترٍ مكعبٍ؛ وسّدُّ أوسوما الأدنى الذي أقيمَ حديثاً في نيجيريا ويحتجزُ 93 مليونَ مترٍ مكعبٍ من الماءِ.
وفي منطقةِ الشرقِ الأوسطـ، أقيمَ على نهر الفُراتِ عددٌ منَ السُّدود، منها: سَدُّ كيبان وقُرة كابا وأتاتورك في تركيا، وسَدُّ تِشرين والفراتِ والبَعْثِ في سوريا، وسّدُّ حديثة وسدُّ الرّمادي في العراق.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]