نبذة تعريفية عن تصنيف العلماء لـ”الصحراء” وخصائص كل منها
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الصحراء خصائص الصحراء تصنيف الصحراء البيئة علوم الأرض والجيولوجيا
الصَّحْراءُ كلُّ مِنْطَقَةٍ شاسِعَةٍ من الأرضِ تحوَّلَتْ، من أَثَرِ الجفافِ الشَّديدِ أو من شِدَّةِ البَرْدِ وتكوُّنِ الجَليدِ، إلى صُقْعٍ يتميَّزُ بنُدْرَةِ الحياةِ فيهِ (من حيوانٍ أو نباتٍ)، أو بانْعِدامِها كُلِّيَّةً تقريباً.
وعلَى هذا الأساسِ يُصَنِّفُ العُلَماءُ الصَّحْراواتِ صِنْفَيْن كبيريْن رئيسِيَّيْن هما:
1- صَحْراواتُ الجفافِ.
2- صَحْراواتُ الزَّمْهريرِ.
ولكنْ عِنْدَ سماعِنا لِكَلِمَةِ «صحراء»، تَنْصَـرِفُ أذهانُنا عادةً إلَى صحارِي الجفافِ. وتُقَدَّرُ مِساحَةُ الأَراضِي الصحراوِيَّةِ (صحراواتِ الجفافِ وصحراواتِ الزَّمهريرِ) بنحو 34 بالمِئَةِ من المِساحَةِ الكُلِّيَّةِ لليابِسَةِ.
تَمتازُ صحراواتُ الجفافِ بدَرَجاتِ حرارةٍ عالِيَةٍ، وبخاصَّةٍ في الصَّيْفِ، لا تسمحُ بوجودِ حياةِ نباتِيَّةٍ أو حيوانِيَّةٍ إلاَّ النَّزْرَ اليَسيرَ في بعضِ الأحوالِ.
والأمطارُ في هذهِ الصَّحراواتِ شحيحةٌ جدًّا، وتكونُ أحيانًا مُنْعَدِمَةً تمامًا، لَكِنَّها في أحوالٍ نادِرَةٍ تَسْقُطُ بغَزارَةٍ وفَجْأَةً، ولا تَسْتَمِرُّ إلاَّ وقتًا قصيرًا.
وعلَى العمومِ لا يزيدُ المتَوَسِّطُ السَّنَوِيُّ للمَطَرِ في هذهِ الصَّحراواتِ علَى 250 ملِّيمِترًا مُكَعَّبًا، وقَدْ يَقِلُّ عَنْ ذَلِكَ كثيرًا.
ومن أَمْثِلَةِ هذه الصَّحراواتِ ما يَتَوَزَّعُ عادَةً في غَرْبِ القارَّاتِ فيما بَيْن خطَّيْ عَرْضِ 20° و 30° في كلٍّ من نِصْفَيْ الكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ، كصَحْراءِ شِبْهِ الجزيرَةِ العربِيَّةِ، وصحراءِ إيران، وصحراءِ كاليفورنْيا، وصحراءِ المكسيك، وصحراءِ كلهارِي، والصَّحْراءِ الكُبْرَى، وصحراءِ غربِ أُسْترالْيا، وصحراءِ بيرو.
يَتَمَيَّزُ مُناخُ صحراواتِ الجفافِ بنُدْرَةِ الأَمطارِ، كما ذَكَرْنا، وعَدَمِ إمكانِيَّةِ تحديدِ أوقاتِ سُقوطِها. كذلِكَ فإنَّ كَمِّيَّةَ المطرِ المُتساقِطِ لا تساوِي كَمِّيَّةَ الماءِ المُحْتَمَلِ تَبَخُّره، بَلْ تَقِلُّ عَنْه.
غَيْرَ أنَّهُ لمَّا تَسْقُط الأَمطارُ، قد تَجْرِي سُيولاً مُدَمِّرَةً، ولكنَّ ما يَتَبَقَّى منها يَتَسَرَّبُ تحتَ الغِطاءِ الصَّخْرِيِّ لِيَزيدَ من مخزونِ المِياهِ الجوفِيَّةِ مَحَلِّيًّا.
أمَّا عنْ درجاتِ الحرارَةِ في هذهِ الصَّحراواتِ فتتفاوَتُ كثيرًا. ولَيْسَ هناكَ مِنْ عامِلٍ مُشْتَرَكٍ بينَها إلاَّ المَدَى الواسِعُ في اختلافِها، سواءٌ أَكانَ هذا يوميًّا أمْ سنوِيًّا.
فأمَّا درجاتُ الحرارَةِ اليومِيَّةِ فالفَرْقُ فيها كبيرٌ جدًّا في مُعْظَمِ صحراواتِ الجفافِ.
فعلَى سبيلِ المِثالِ بَلَغ الفَرْقُ بينَ دَرَجَةِ حرارَةِ اللَّيلِ ودَرَجةِ حرارَةِ النَّهارِ في مِنْطَقَةِ العَزِيزِيَّةِ إلَى الجنوبِ الغَرْبِيِّ من مدينَةِ طرابُلْسَ الغَرْبِ (ليبيا) أوْسَعَ مدًى سَجَّلَتْه المراصِدُ أخيرًا إذْ بَلَغَتْ درجةُ حرارةِ الهواءِ في الظِّلِّ نهارًا 58° س.
ولَيْسَتْ كلُّ صحاري الجفافِ جَرْداءَ مَيِّتَة على الدَّوامِ، كما تَبْدو. فكثيرٌ من المناطِقِ الصَّحراوِيَّةِ، تدِبُّ فيها مظاهِرُ الحياةِ بعدَ هُطولِ المَطَرِ في فَصْلِ الاعْتدالِ.
وعندئذٍ تنبُتُ البُذُورُ والأَبواغُ السَّاكِنَةُ، وتُزْهِر النباتاتُ في دوراتِ حياةٍ قصيرةٍ. ويصحبُ ذلِكَ نشاطُ الحيواناتِ الّتي كانَتْ هاجِعَةً في مكامِنِها.
وعلَى العُمومِ قَدْ تكيَّفَتْ أنواعٌ عديدةٌ من النباتاتِ والحيواناتِ للحياةِ في ظروفِ الصَّحراءِ القاسِيَةِ.
وعلَى مَرِّ التاريخِ تَكَيَّفَتْ بعضُ الحضاراتِ البَشَرِيَّةِ للعيشِ في الصحراءِ. وكانَ كثيرٌ من هؤلاءِ من البَدْوِ الرُّحَّلِ، الّذين يَسْتَقِرُّون استِقرارًا مُؤَقَّتًا حيثُ يجدونَ الظُّروفَ الملائمةَ لحياتِهم.
ولكنَّ بعض الحضاراتِ نَجَحَتْ في إنْشاءِ نُظُمٍ للرَّيِّ وزِراعَةِ المحاصيلِ بالقُرْبِ من الأنهارِ أو الآبارِ. ووسائِلُ الرَّيِّ والتِّقانَةِ الحديثَةِ مَكَّنَتْ 13% من الجماعَةِ البَشَـرِيَّةِ من السُّكْنَى في الصحراءِ.
هذا فضلاً علَى الثَّرَواتِ المَعْدِنِيَّةِ الدَّفينةِ في المناطِقِ الصَّحراوِيَّةِ، ولا نَنْسَى أنَّ نحوَ ثُلُثَيْ نِفْطِ العالَم الخامِ محفوظٌ تحتَ صحارِي الشَّرْقِ الأَوْسَطِ.
وفي المُسْتَقْبَلِ القريبِ قد تحيلُ بطَّاريَّاتٌ كبيرةٌ من الخلايا الشَّمْسِيَّةِ شَمْسَ الصَّحراءِ المُحْرِقَةِ إلَى كَهْرَباءَ مُنْتِجَةٍ ومُعينةٍ علَى الحياةِ.
أمَّا عنْ صحراءِ القِسْمِ الثَّاني، الّذي اصْطَلَحْنَا على تَسْمِيَتِهِ باسم «صحراءِ الزَّمهريرِ»، فيلاحَظُ حَوْلَ الحدودِ المُتَجَمِّدَةِ لشمالِ أمريكَا الشَّمالِيَّةِ وحَوْلَ شمالِ قارَّةِ يوراسيا، وتُعَدُّ شبهُ جزيرةِ جرينْلانْد، وألاسْكا، أشْهرَ الأَمْثِلَةِ النَّموذَجِيَّةِ لصَحراواتِ الزَّمهرِيرِ.
ويَتَسَبَّبُ الزَّمْهريرُ المُسْتَمِرُّ في قيامِ ظروفٍ بيئيَّةٍ تجعَلُ النباتاتِ تَنْمو بِصعوبَةٍ بالِغَةٍ، أو يَنْعَدمُ نموُّها تمامًا. وتَخْتَفِي الغاباتُ المخروطِيَّةُ الشَّمالِيَّةُ، مُفْسِحَةً الأرضَ لشُجَيْراتٍ قَزَمَةٍ.
وهذهِ، بدورِها، تَترُكُ مكانَها لخليطٍ من الحشائِشِ والأُشُنِ والطحالِبِ، وتسمَّى هذه المجموعةُ النباتِيَّةُ بالتَّنْدْرا؛ وبها يسمَّى كذلِكَ النِّطاقُ المُناخِيُّ الّذي تسودُ فيه.
وإذا تَتَبَّعْنا هذا الانتقالَ المُتَدرِّجَ نحوَ الشَّمالِ نجدْ التَّنْدْرا نَفْسَها لم تَعُدْ مُسْتَمِرَّةً، بلْ تتحوَّلُ إلَى بُقَعٍ مُتَباعِدَةٍ من نباتاتِها، تَفْصِلُها امتداداتٌ واسعَةٌ خالِيَةٌ تمامًا من الحياةِ النَّباتِيَّةِ؛ ويُطْلَقُ علَى هذا النِّطاقِ المُناخِيِّ «صحراءُ التَّنْدرا» أو «صحراءُ الزَّمهرير».
ولا يوجدُ الماءُ في هذهِ الأَصْقاعِ إلاَّ في حالَةِ الجليدِ في مُعْظَمِ أَوْقاتِ السَّنَةِ، ومِنْ ثُمَّ لا يكونُ مُتاحًا للنَّباتِ.
أمَّا في الأوْقاتِ القَصيرَةِ الّتي تَرْتَفِعُ فيها الحرارةُ إلَى الدَّرَجَةِ الّتي تَسْمَحُ للنّباتاتِ بالنُّمُوِّ، يكونُ هناكَ عادَةً ماءٌ زائِدٌ يتجاوَزُ مُتَطلَّباتِ النباتاتِ حَوْلَ جذورِها، فيعملُ هذا الصَّرْفُ الرَّديءُ علَى عَرْقَلَةِ نُمُوِّ النباتاتِ، كما يُعَرْقِلُهُ شِحَّةُ الماءِ في صحراواتِ الجفافِ. وعَلَيْه فإنَّ نباتاتِ صحراواتِ الزّمهريرِ تُعَدُّ نباتاتٍ صحراوِيَّةً.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]