نبذة تعريفية عن “الطيف الضوئي” وكيفية تكوّنه
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الطيف الضوئي كيفية تكوّن الطيف الضوئي الفيزياء
تَعَرَّفَ العُلَماءُ حقيقةَ الأَلوانِ، والظَّواهِرِ المُرْتَبِطَةِ بِها، بعدَ أنْ أَثْبَتَ العالِمُ الإنجليزِيُّ إسْحاق نيُوتُن أنَّ ضَوْءَ الشّمسِ الأَبْيَضَ يَتَفَرَّقُ، بمرورِهِ خِلالَ مَنْشورٍ زُجاجِيٍّ، إلى عددٍ كبيرٍ جدًّا من الأَلوانِ المُتَدَرِّجِ بعضُها إثْرَ بَعْضِ.
ويمكنُ أنْ تُمَيِّزَ العينُ المُجَرَّدَةُ مِنْها سَبْعةَ ألوانٍ رَئيسِيَّةٍ مُتَتابِعَةٍ هي: الأَحمرُ والبُرْتقالِيُّ والأَصفرُ والأخضرُ والأزرقُ والنيلِيُّ والبَنَفْسَجِيُّ، ويُطْلَقُ عليها اسمُ «طَيفِ الضَّوءِ المَرْئِيِّ».
كَذَلِكَ لوحِظَ وجودُ أَشِعَّةٍ حرارِيَّةٍ غيرِ مَرْئِيَّةٍ أَسْفَلَ الضوءِ الأَحمرَ مباشرةً، أُطْلِقَ عَلَيْها «الأَشِعَّةُ تَحْتَ الحمراءِ»، كما لوحِظَ وجودُ أَشِعَّةٍ أُخْرَى غيرِ مَرْئِيَّةٍ فوقَ الضَّوءِ البَنَفْسَجِيِّ مباشرةً سُمِّيَتْ «الأَشِعَّةَ فَوْقَ البَنَفْسَجِيَّةِ».
والواقِعُ أَنَّ الطّيْفَ الضَّوئِيَّ بِشِقَّيْهِ: المَرْئِيِّ والخَفيِّ، إنْ هوَ إلاَّ جزءٌ صغيرٌ محدودٌ من طَيْفٍ مُمْتَد كبيرٍ يُسَمَّى الطّيْفَ الكَهْرَبائِيَّ المِغْناطِيسِـيَّ، أو الكَهْرومِغْناطِيسِـيَّ، ويَتَكَوَّنُ في ترتيبٍ تَنَازُلِيٍّ بالنِّسْبةِ للطُّولِ المَوجِيِّ مِنْ: الأَمواجِ اللاَّسِلْكِيَّةِ، والأمواجِ تَحْتَ الحَمْراءِ، والضَّوءِ المَرْئِيِّ، والأمواجِ فوقَ البَنَفْسَجِيَّةِ، والأَشِعَّةِ السِّينِيَّةِ، وأَشِعَّةِ جاما.
وتَتَّفِقُ هذهِ الأمواجُ كُلُّها في كَوْنِها ذاتَ طبيعةٍ واحِدَةٍ، وتَنْتَشِرُ بِسُرْعَةٍ قَدْرُها 3 × 108 متر/ ثانية في الفراغِ. ولِكُلِّ مجموعةٍ من مُكَوِّناتِ الطّيْفِ الكَهْرَمِغْناطِيسِيِّ مصادِرُها الخاصَّةُ بِها.
فالأَمواجُ اللاَّسِلْكِيَّةُ تَصْدُرُ عَنْ دَوائِرَ إِلِكْترونِيَّةٍ، وتحتَ الحمراءِ تَصْدُرُ عنْ المصادِرِ الحرارِيَّةِ، والمَرْئِيَّةُ تصدُرُ عن الأجسامِ المُضيئَةِ، وفوقَ البَنَفْسَجِيَّةِ تَصْدُرُ عن المصادِرِ الزِّئْبَقِيَّةِ، والأَشِعَّةُ السِّينِيَّةُ تَصْدُرُ عن اصْطِدامِ الإلِكْترونات السَّريعة بِذَرَّاتِ بَعْضِ المَوادِّ، وأَشِعَّةُ جاما تَصْدُرُ عن النَّشاطِ الإشْعَاعِيِّ للموادِّ المُشِعَّةِ الطَّبيعِيَّةِ والصِّناعِيَّةِ.
ويُمْكِنُ التَّعَرُّفُ علَى العَناصِرِ المجهولَةِ عَنْ طريقِ دِراسَةِ أَطْيافِها المُمَيَّزَةِ لها، باسْتِخْدامِ «مِقْياسِ الطّيْفِ» (الاسْبِكتْرومِتْر) بأَنْواعِهِ المُخْتَلِفَةِ.
وقَدْ تَطَوَّرَ «عِلْمُ التَّحْليلِ» كثيرًا منذُ بَدَأَهْ العالِمُ الألمانِيُّ «جوزيف فِرْاوْنْهوفْرَ»، واسْتطاعَ أنْ يُمَيِّزَ عددًا من الخطوطِ السَّوداءِ في طَيْفِ الشَّمْسِ، وهي الخطوطُ الّتي تُعْرَفُ باسْمِه الآنَ.
وهَذِهِ الخطوطُ السَّوداءُ هي الّتي أَثْبَتَتْ لَنَا وجودَ جميعِ العناصِرِ الأَرْضِيَّةِ في الشَّمْسِ، وبالتَّالي كانَتْ دليلاً عَلَى أنَّ الأَرْضَ هي أَصْلاً قِطْعَةٌ من الشَّمْسِ.
ومن الجديرِ بالذِّكْرِ أنَّ غازَ الهِيليوم اكْتُشِفَ في الشَّمْسِ عَنْ طريقِ التحليلِ الطَّيْفِيِّ قَبْلَ أَنْ يُكْتَشَفَ في الأَرْضِ، ومن هُنا اتَّخَذَ اسْمَه الّذي اشْتُقَّ من الاسمِ الإغْريقِيِّ للشَّمْسِ: هيلْيوسْ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]