نبذة تعريفية عن أنواع “العواصف”
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العاصفة أنواع العواصف علوم الأرض والجيولوجيا
العاصِفَةُ ظاهِرَةٌ تَدُلُّ علَى نشاطٍ كبيرٍ في الأَحْوالِ الجَوِّيَّةِ. والعواصِفُ ثلاثةُ أنواعٍ رئيسِيَّةٍ، هي: الأَعاصيرُ، والعواصِفُ الرَّعْدِيَّةُ، والعواصِفُ الرَّمْلِيَّةُ.
ولكلِّ نوعٍ خَوَاصُّهُ وصِفاتُهُ المميَّزَةُ، فالأَعاصيرُ هيَ دوَّاماتٌ عنيفةٌ يدورُ الهواءُ فيها حولَ نُقْطَةٍ مركزيَّةٍ، تُسَمَّى «عَيْنَ» الإعصارِ، في اتِّجاهٍ عَكْسَ عَقَارِبِ السَّاعَةِ في النِّصْفِ الشَّمالِيِّ لِلْكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ.
وقَدْ تَصِلُ سُرْعَةُ الرِّياحِ في الإعْصارِ إلَى نَحْوِ 300 كيلومترٍ في السَّاعَةِ، فَتُحْدِثُ تَحْطيمًا للمَبانِي الضَّعيفَةِ، كما تَقْتَلِعُ بَعْضَ الأَشجارِ، وتُتْلِفُ المُنْشَآتِ المُخْتَلِفَةَ. وقَدْ يدومُ الإعْصارُ دقائِقَ، أو ساعاتٍ، أو بضعَةَ أيّامٍ. وقَدْ يُحْدِثُ دَوِيًّا يَصمُّ الآذانَ.
وتَتَمَيَّزُ هذه العواصِفُ بِوُجودِ تَيَّارٍ هَوائِيٍّ صاعِدِ في مَرْكَزِها يُمْكِنُهُ حَمْلَ أَشْياءَ ثقيلةٍ كالقَوارِبِ والسَّيَّاراتِ، ورَفْعَها إلَى مسافاتٍ كبيرَةٍ.
ومن غَرائِبِ المُشاهداتِ في هذهِ العواصِفِ أنَّها تَتَمَكَّنُ من رَفْعِ كثيرٍ من الأَسْماكِ حِينَما تَمُرُّ علَى شَواطئ بَعْضِ المحيطاتِ أو البحارِ، فَيَحْتويها السَّحابُ المُتَكَوِّنُ فَوْقَ الإعْصارِ، ويسيرُ بها حتَّى يَنْزِلَ المَطَرُ في مناطِقَ بعيدةٍ. وهناكَ يَعْجَبُ النّاسُ إذْ يَرَوْن السَّماءَ تُمْطِرُ سَمَكًا!
وتَنْشَأُ هذه العواصِفُ في المَناطِقِ الحارَّةِ بِسَبَبِ اخْتِلالاتٍ في توزيعاتِ الضُّغوطِ الجَوِّيَّةِ، مع تَوافُرِ اخْتلافاتٍ كبيرةٍ بينَ الظُّروفِ الحرارِيَّةِ الموجودَةِ فوقَ الأَسْطُحِ المائِيَّةِ لشواطئ البحارِ والمحيطاتِ عمَّا يُجاوِرُها من يابِسَةٍ. والأَعاصيرُ أَنْواعٌ مُخْتَلِفةٌ في أشْكالِها وشِدَّتِها، وتأخُذُ أَسْماءً مُخْتَلِفَةً في أنحاءِ العالَم.
فهي قَدْ تُسمَّى «سَيْكلونات» (أيْ: دوَّامات)، ولكنَّ هذا الاسمَ قَدْ يُطْلَقُ على أَعاصيرِ المحيطِ الهنديِّ وخليجِ البِنْغالِ، بالذَّاتِ.
وفي وَسَطِ الوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ الأمريكيَّةِ، وغربِ أفريقيا تُسمَّى «تورنِيدُو». أمَّا في المحيطِ الأطْلَنْطيِّ الشَّماليِّ والبَحْرِ الكاريبيّ فتَسَمَّى «هَرِيكِين».
وأمَّا في غربيِّ المحيطِ الهادي الشَّماليِّ وبحارِ الصِّينِ، فتُسَمَّى «تَيْفون» (وهي كلمة برتُغاليَّةٌ صينيَّةٌ)، كما أنَّها تُسمَّى «وِيلِي – ويلِي» في أُسترالْيا، والكلمة من لُغَةِ سكَّانِ أُسْترالْيا الأَصْلِيِّين.
أمَّا العواصِفُ الرَّعْدِيَّةُ فتتميَّزُ بحدوثِ تَفْريغَاتٍ لشِحْناتٍ كَهْرَبائِيَّةٍ يُصاحِبُها ضَوْءٌ لامعٌ هو البَرْقُ، ثمَّ فَرْقَعَةٌ مُدَوِّيَةٌ هي الرَّعْدُ.
وعندَ تصويرِ ظاهِرَةِ البرقِ اتَّضَحَ أنَّ التَّفْريغَ الكهربائيَّ يَتِمُّ علَى مَرْحَلَتَيْنِ، أُولاهُما من السَّحابَةِ لِلأَرْضِ وتَتِمُّ خلالَ جزءٍ يتراوَحُ بين 1.0 و01.0 من الثّانِية، ويكونُ خافِتًا وعلى هَيْئَةِ شَجَرَةٍ مَقْلوبَةِ الفروعِ، ثُمَّ يَعْقُبُ ذَلِكَ مباشرةً تفريغٌ مُرْتَدٌّ من سَطْحِ الأَرْضِ إلَى السَّحابِ في هذهِ الفروعِ نفسِها، ويكون ضوؤُهُ شديدَ السُّطوعِ.
وتَتَكَوَّنُ العواصِفُ الرَّعْدِيَّةُ في السَّحابِ الرُّكامِيِّ المُمْتَدِّ لارْتفاعاتٍ كبيرَةٍ تزيدُ عادَةً على خَمْسَةِ كيلومتراتٍ، بحيثُ تَتَعَرَّضُ أجزاؤهُ العُليا لِدَرجاتٍ شديدَةٍ من البُرودَةِ قَدْ تَصِلُ إلَى 20 درجةً تحتَ الصِّفْرِ السليزيِّ.
فتتمَكَّنُ قَطَراتُ الماءِ هناكَ من التَّحَوُّلِ إلَى بَلُّوراتٍ من الثَّلْجِ لا تَلْبَثُ أنْ يَتَآلَفَ بعضُها مع بعضٍ فتزيدَ كتلتُها فتندفِعَ لِتَسْقُطَ مُتَصادِمَةً مع غيرِها خلالَ رِحْلَتِها تِجاهَ سَطْحِ الأَرْضِ، فَتَتَكَوَّن بذَلِكَ كُرَاتٌ ثَلْجِيَّةٌ هي ما يُعْرَفُ بالبَرَدِ.
ومن المعروفِ أنَّ السَّحابَ الرُّكامِيَّ يتكوَّنُ من عِدَّةِ خلايَا يَصْعَدُ الهواءُ في إحْداها ويَهْبِطُ في الأُخْرَى. ولِذَلِكَ تَتَوَلَّدُ الشِّحْناتُ الموجَبَةُ في الأَجْزاءِ العُلْيا من السَّجابِ، وتَتَجَمَّعُ الشِّحْناتُ السَّالِبَةُ في أجزائِهِ القَريبَةِ من سَطْحِ الأَرْضِ.
وتَتَوَلَّدُ الشِّحْناتُ بِسَبَبِ عَمَلِيَّاتِ تَأَيُّنِ قَطَرَاتِ الماءِ وبَلُّوراتِ الثَّلْجِ، كما تَتَكَوَّنُ بِفِعْلِ احْتِكاكِ قَطَراتِ المَطَرِ الكبيرَةِ بَعْضِها ببَعْضٍ.
وتَنْشَأُ العواصِفُ الرَّعْدِيَّةُ في المناطِقِ المعتدِلَةِ والاسْتوائِيَّةِ، وهي نادِرَةُ الحدوثِ في المناطِقِ البارِدَةِ. ويبلُغُ مُعَدَّلُ حدوثِها في المناطِقِ المُعْتَدِلَةِ ما بين خَمْسَةِ أيّامٍ وعشـرينَ يومًا في كلِّ عامٍ، في حين تَتَعَرَّضُ المناطِقُ الاسْتِوائِيَّةُ لمرَّاتٍ عديدَةٍ في العامِ.
وتُعَدُّ جزيرةُ جاوا أكثرَ المناطِقِ تَعَرُّضًا للعواصِفِ الرَّعْدِيَّةِ، حيثُ يبلغُ المعدَّلُ هناكَ نحوَ 220 يومًا في كلِّ عامٍ.
ولَقَدْ أَحْصَـى العلماءُ عَدَدَ مرَّاتِ العواصِفِ الرَّعْدِيَّةِ علَى سَطْحِ الكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ فكانَ مُعَدَّلُها نحوَ مئةِ عاصِفَةٍ في كلِّ ثانِيَةٍ، وهي طاقاتٌ كهربائِيَّةٌ هائِلَةٌ تكفِي لإنَارَةِ مدينةٍ كبيرَةٍ طَوَالَ العام، إذا تَمَكَّنَ الإنْسانُ من اسْتِئْناسِها والاسْتِفادَةِ مِنْها.
أمَّا النَّوْعُ الثَّالِثُ من أنواعِ العَواصِفِ فهوَ العواصِفُ الرَّمْلِيَّةُ الّتي تَتَمَيَّزُ بإعْتامِ الجَوِّ بِسَبَبِ الأَتْرِبَةِ العالِقَةِ والرِّمالِ المُثارَةِ. وتحدثُ هذه العواصِفُ عِنْدَما تتجاوَزُ سرعةُ الهواءِ القريبِ من سطحِ الأرضِ خمسينَ كيلومترًا في السَّاعَةِ فَوْقَ أَسْطُحْ رَمْلِيَّةٍ أو تُرابِيَّةٍ جافَّةٍ.
وهذا يُؤَدِّي إلى تحريكِ الرِّمالِ ورَفْعِها في الهواءِ إلى مسافاتٍ كبيرةٍ، ثمَّ لا تلبَثُ أن تَسْقُطَ فيصعدَ غيرُها لِيَخْتَلِطَ مع الأَتْرِبَةِ العالِقَةِ مكوِّنًا سحابَةً تعوقُ الرُّؤْيَةَ فلا تتعدَّى الكيلومترَ الواحِدَ في مُعْظَمِ الأَحْوالِ.
وتَهُبُّ العواصِفُ الرَّمْلِيَّةُ علَى مناطِقَ كثيرةٍ منْ سَطْحِ العالَمِ العَرَبِيِّ، كما تَهُبُّ علَى الصَّحارِي والمناطِقِ الجَرْداءِ في بقاعِ العالَمِ المُخْتَلِفَةِ. وتَشْتَهِرُ العواصِفُ في الكُوَيْتِ باسمِ «الطُّوز» وفي مِصْـرَ باسْم رياح «الخماسين».
كما تشتهرُ في السّودانِ باسْم «الهَبوبِ»، ويُطْلَق عليها في السُّعودِيَّةِ وما حَوْلَها اسمُ «السَّموم». ورَغْمَ قَسْوَةِ هذهِ العواصِفِ لها فائِدَةٌ كبيرةٌ حيثُ تَتَسَبَّبُ في زيادَةِ عَدَدِ نَوْبَاتِ التَّكاثُفِ في الجَوِّ فتزيدُ فرصةُ الأَمْطارِ عِنْدَما تتوافَرُ كَمِّيَّاتٌ مُناسِبَةٌ من بُخارِ الماءِ الجوِّيِّ.
ولَقَدْ كانَ لهذه العواصِفِ دَوْرٌ عظيمٌ أيضًا في تَهْيِئَةِ كَوْكَبِ الأَرْضِ وتمهيدِه لِنَشْأَةِ الحياةِ وتَطَوُّرِها بإذْنِ اللهِ، حيثُ كانَتْ تَعْمَلُ علَى احْتِباسِ الحرارَةِ المُنْبَعِثَةِ من سَطْحِ الأَرْضِ، فلا تسمحُ للبرودَةِ الفَضائِيَّةِ بالامْتدادِ إلَى سَطْحِ الأَرْضِ.
ومع احتفاظِ الكَوْكَبِ وغِلافِهِ الجوِّيِّ بالحرارَةِ المتتالِيَةِ أَمْكَنَ لِبَعْضِ مياهِهِ أنْ تَتَبَخَّرَ فَتَوَلَّدَتْ السُّحُبُ الكثيفَةُ الّتي هَطَلَتْ أَمْطارًا جَمَعَتْها البُحَيْراتُ، وفَرَّقَتْها الأَنْهارُ فَتَوَفَّرَتْ المياهُ العَذْبَةُ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]