نبذة تعريفية عامة حول “العناصر الكيميائية المشعة”
2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العناصر الكيميائية المشعة الكيمياء
في عام 1896 اكتشف الفيزيائي الفرنسي «أنطوان هنري بيكيريل» أن عنصر اليورانيوم تصدر منه إشعاعات مستمرة وثابتة، وأن هذه الإشعاعات لها أثر واضح على ألواح التصوير الحساسة.
وبعد ذلك بعامين، أي في عام 1898، اكتشفت العالمة الفرنسية – البولندية المولد – «ماري سكلودوفسكا كوري» أن عنصر الثوريوم يطلق أيضا إشعاعات مماثلة، وأطلقت على هذه الظاهرة اسم «النشاط الإشعاعي».
وفي عام 1901 تمكن العالم الفرنسي «بيير كوري»، وهو زوج العالمة «ماري كوري» من قياس كمية الطاقة التي تصدر من العناصر المشعة مثل اليورانيوم والثوريوم والراديوم.
وتبين فيما بعد أن هذه الإشعاعات التي تطلقها العناصر المشعة، تخرج منها ببطء شديد خلال مدة طويلة من الزمن، وأنها تصدر من نواة ذرات هذه العناصر، مما يؤدي إلى حدوث تعديل في عدد البروتونات والنيوترونات الموجودة بهذه الذرات، وبذلك يتحول العنصر المشع إلى عنصر آخر.
ومن أمثلة ذلك أن كلا من اليورانيوم والثوريوم يعطي متسلسلة من العناصر تنتهي بتكوين فلز الرصاص.
وقد لاحظ العالم البريطاني «رذر فورد» عام 1904 أن نصف المادة المشعة ينحل دائما في نفس المدة من الزمن، أي إن الزمن اللازم لتحول جرام من العنصر المشع إلى نصف جرام، هو نفس الزمن اللازم لتحول النصف جرام المتبقي إلى ربع جرام. ولهذا أطلق على هذا الزمن الثابت اسم «عمر النصف».
وقد تبين أن كل عنصر مشع له عمر نصف خاص به. ومثال ذلك أن عمر نصف اليورانيوم 4500 مليون سنة، وعمر نصف الثوريوم 14.000 مليون سنة.
وقد اكتشفت بعد ذلك عناصر مشعة أخرى مثل البوتاسيوم -40، وعمر نصفه 1300 مليون سنة، وهو يتحول إلى عنصر الآرجون -40، وهو غاز ثابت وغير مشع.
كذلك اكتشف الروبيديوم -87، وعمر نصفه 46.000 مليون سنة، ويتحول إلى استرونشيوم -87 الثابت وغير المشع.
والإشعاعات الصادرة من ذرات العناصر المشعة ثلاثة أنواع. فهي قد تكون على هيئة نوى الهيليوم أي إنها تحمل شحنتين موجبتين وكتلتها الذرية 4، وتعرف بجسيمات ألفا، أو تكون على هيئة إلكترونات نشيطة سالبة الشحنة، وتعرف بجسيمات بيتا، أو تكون على هيئة أشعة جاما وهي أشعة كهرمغنطيسية.
ويطلق على العملية التي تطلق فيها ذرة العنصر المشع هذه الإشعاعات اسم «الاضمحلال».
وتختلف قدرة هذه الإشعاعات على اختراق الأجسام. فجسيمات ألفا يمكن إيقافها أو امتصاصها بقطعة من الورق.
أما جسيمات بيتا فتمر من الورق ولكن يمكن امتصاصها بقطعة من الخشب، على حين أن أشعة جاما تمر في كل من الورق والخشب وتحتاج إلى اعتراض مسارها بكتلة كبيرة من الأسمنت لإيقافها وامتصاصها.
وبعض العناصر المعتادة، مثل الأكسيجين والكربون لها نظائر مشعة، ومثال ذلك أن عنصر الكربون المعتاد تحتوي نواة ذرته على 6 بروتونات و6 نيوترونات ووزنه الذري 12، ولهذا يرمز له بالرمز.
وهناك نظير آخر للكربون تحتوي نواته على 6 بروتونات و8 نيوترونات، ولهذا يرمز له بالرمز ، وهو نظير مشع ويصل عمر نصفه إلى 5730 سنة، ويوجد بنسبة ضئيلة جدا في غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود بالغلاف الجوي للأرض.
والإشعاعات الصادرة من العناصر المشعة شديدة الضرر عند تعرض الإنسان لها بصورة مباشرة. ومثال ذلك انفجار المفاعل النووي في تشرنوبيل بالاتحاد السوفيتي السابق الذي أطلق عديدا من النظائر المشعة في الهواء، وتسبب في تلوث المزارع والأغذية ومنتجات الألبان في كثير من الدول الأوروبية.
وقد استخدمت العناصر المشعة بحرص في كثير من الأغراض المفيدة، فاستخدمت في البحوث العلمية لمتابعة عملية البناء الضوئي وبناء البروتينات والحمض النووي «دنا» في الخلية الحية.
وقد استخدم مثلا نظير الحديد المشع لتقدير عمر كرات الدم الحمراء، وتبين أن متوسط عمرها نحو 120 يوما.
كذلك استخدمت النظائر المشعة في العلاج الطبي مثل اليود -131، والكوبلت -60 والسيزيوم -137، وذلك لمتابعة حركة الدم في الجسم واكتشاف الأورام وعلاجها. واستخدمت أيضا في الصناعة لتحليل كثير من المنتجات وقياس ثخانة رقائق الصلب، وفي صناعة البوليمرات.
أما في الزراعة فقد استخدمت في مكافحة الآفات، وفي مراقبة تطور أمراض النباتات، وفي تغيير بعض الصفات الوراثية وكذلك في تعقيم بعض الأغذية.
وقد استخدم الكربون المشع في إيجاد العمر الحقيقي لكثير من المواد. وذلك بتحليل نسبة هذا النظير في صخور الأرض وفي بعض الآثار القديمة، وهي عملية تعرف باسم «التأريخ بالكربون».
وقدر عمر بعض قطع الأخشاب التي وجدت بمقبرة زوسر بسقارة في جمهورية مصر العربية بنحو 4650 سنة.
كذلك قدر عمر بعض حبوب القمح والشعير التي وجدت في إحدى جبانات الفيوم في مصر بنحو 6095 سنة؛ وقدر عمر بعض صخور الأرض بنحو 2500 مليون سنة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]