نبذة عن حياة الضابطة البحرية “جريس هوبر”
1995 نساء مخترعات
الأستاذ فرج موسى
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
جريس هوبر الضابطة البحرية شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
تحتل ((جريس هوبر Grace Hopper)) مكان الفخار بين مخترعي لغات البرمجة المشهورين.
وظلت هذه الأمريكية الخارقة للعادة حتى وفاتها في السادسة والثمانين تمثل أسطورة غير عادية في موطنها
وقد بدأت أسطورة ((جريس المدهشة))، كما يحلو لبني جلدتها أن يدعوها، تأخذ شكلا في أثناء الحرب العالمية الثانية، فبعد حصولها على شهادة الدكتوراة في الرياضيات من جامعة يل «Yale» وذلك في عام 1934
وبعد عشر سنوات من المحاضرات الجامعية، قررت جريس ذات السبعة والثلاثين عاما المشاركة في المجهود الحربي، وذلك بالانضمام إلى احتياطي البحرية الأمريكية، ومنحت رتبة نقيب.
وألحقت بمكتب مشروع الكمبيوتر للمعدات الحربية، وبعدئذ حدد لها موقع آخر في سردات جامعة هارفارد المتميزة في بوسطن.
وهناك قابلت الضابطة ((جريس هوبر))، حبها الأول، الحب الذي كان مقدرا له أن يحول حياتها، حيث وقعت في حب مركب يبلغ ارتفاعه 260سم، وعرضه 16م وطوله 2 م، ويزن 5 طن.
كان حبا من أول نظرة بالنسبة لهذه الشابة، برتبة نقيب بحري. وبعد أشهر قليلة فقط انفصلت ((جريس)) عن زوجها.
فكان مجرد ذكر الاسم ((Mark)) أمام ((جريس)) يمثل إغراء ضخما لا يمكن مقاومتة.
ومع أن وزن ((جريس)) كان يبلغ 48 كجم فقط (وزن الريشة)، بدلا من الحد الأدنى المفروض لدخول البحرية (64 كجم)، إلا أنها تمكنت بقوة إرادتها من إثبات وجودها، والتغلب على تلك العقبة.
وعلى الرغم من أن ((جريس)) كانت تدعى قبل زواجها ((موراي))، إلا أنها ما زالت تدعى باسم زوجها السابق، ((هوبر)).
وقد ولدت ((جريس موراي هوبر)) في مدينة نيويورك، في التاسع من ديسمبر عام 1906، حيث كانت الأخت الكبرى لثلاثة أطفال.
وكان والدها يعمل سمسارا للتأمين. وكان جدها يعمل مهندسا مدنيا، وجدها الآخر كان يشغل منصب عميد بحري أثناء الحرب الأهلية الأمريكية.
ولكن على عكس جدها، ظلت الضابطة البحرية ((جريس هوبر)) ساكنة للبر، ولم تطأ قدماها البحر طوال مدة خدمتها.
كان مركبها هو حاسبها الإليكترونى، وعملها الدائم، الذي تمثل في معركة قاسية من أجل ابتكار اختراعات جديدة، وتطوير معادلات جديدة، وصياغة لغات جديدة.
ومن وجهة نظر ((جريس))، فإن فجر عصر الكمبيوتر قد بزغ مع مقدم أول كمبيوتر إليكتروني ميكانيكي في العالم ((Mark I))، والذي قامت بالعمل عليه في عام 1944.
حيث كانت تستخدمه البحرية الأمريكية، وكان حجمه يماثل حجم سفينة حربية. ثم عملت ((جريس)) فيما بعد على جهاز ((Mark II))، هو وحش آخر، تم بناؤه في عام 1947.
حيث كان القليل من الناس هم الذين اعتادوا على هذا العملاق الضخم، وتخيلوا المستقبل الخرافي الذي ينتظر تكنولوجيا المعلومات، وتطبيقاتها في مختلف نواحي الحياة المعاصرة.
وفي عام 1949، تركت الدكتوره ((جريس هوبر)) جامعة هارفارد والبحرية الأمريكية – بصفة مؤقته على الأقل- وشغلت منصبا في شركة «Eckert and Mauchly»، وهي من أكبر الشركات المنتجة للآلات الحاسبة الإلكترونية، والتي طورت بعد ذلك وأنتجت في عام 1945، جهاز «ENIAC»، وهو الجيل الأول من الحاسبات الإلكترونية.
ويرجع الفضل إلى علم الإليكترونيات في إدخال السرعة في عالم الكمبيوتر. فعندما انضمت ((جريس هوبر)) إلى فريق عمل شركة «Eckert and Mauchly»، كانت الشركة تضع اللمسات النهائية لجهاز كمبيوتر ثورى جديد أطلق عليه اسم «UNIVACI».
وكان هذا الجهاز ضخما بدرجة كبيرة، إلا أن ذاكرته كانت معقدة ومتطورة، لدرجة تمكنها من استقبال وتخزين واستدعاء كميات هائلة من البيانات مختلفة الأنواع.
ومع قدوم هذا الجهاز، انحدر الكمبيوتر إلى المستويات الأولمبية المتميزة القليلة. ولكونه قد أثبت وجوده في عالم الإدارة الصناعية، فقد تم تصنيع نماذج قليلة من هذا الجهاز الجديد على المستوى التجارى.
وكانت ((جريس Grace)) محظوظة باسمها الذي يناسبها تماما، والذي يعني بالإنجليزية ((نعمة إلهية)).
وبهذه النعمة الإلهية، كانت دائما تصل إلى المكان المناسب في الوقت المناسب؛ إلى أراضٍ بكر يمكن للمرء فيها أن ينشر مبتكرات جديدة، ويكون المستقبل فيها ورديا، حتى بالنسبة للنساء!
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]