ومضات علمية 31 : لغز التدفقات الراديوية السريعة
من بين جميع الأجرام التي حيّرت علماء الفلك، فإن التدفقات الراديوية السريعة محيّرة على وجه الخصوص. كما يوحي اسمها، فهي دفقة سريعة ومفاجئة من الموجات الراديوية، وغالبا ما تستمر لأجزاء قليلة من الملّلي ثانية. اكتشفت أولاها تلسكوباتنا اللاسلكية في عام ألفان وسبعة ، وقد سعينا جاهدين إلى محاولة تفسيرها منذ ذلك الحين. يبدو أن التدفقات الراديوية السريعة تأتي من خارج درب التبانة، وغالباً ما تبعد مئات الملايين من السنوات الضوئية. ولكي تُرى من هذه المسافة، يجب عليها خلال جزء من الثانية إطلاق قدر من الطاقة يعادل ما تبثه الشمس خلال ثمانين عاماً. وتتراوح التفسيرات بين ثقوب سوداء متصادمة إلى إشارات من حضارات خارج كوكب الأرض. ولكن قبل أن يتمكن الفلكيون من اكتشافها، فاجأنا الكونُ بلغز اخر، حيث شوهد تدفق يعرف بالتدفق FRB121102 نابع من مجرة صغيرة على بعد ثلاثة مليارات سنة ضوئية، بصورة متكررة. وفي يوم واحد فقط من شهر أغسطس ألفان وسبعة عشر ، تكرر ظهوره ثلاثة وتسعون مرة كاملة، واستبعد وقوع حدث واحد كسبب له- أيّاً كان سبب التدفق، فلابد أن يكون مستمراً. لذلك، فقد يكون سبب التدفقات الراديوية السريعة هو نجوم نيوترونية سريعة الدوران، أو سقوط المواد باستمرار في الثقوب السوداء. وبطبيعة الحال، فقد يكون التدفق FRB121102 زائفاً: ربما كان هناك سببان منفصلان للتدفقات الراديوية السريعة المتكررة وغير المتكررة. وفي أكتوبر ألفان وثمانية عشر أُعلن عن مجموعة جديدة من تسعة عشر تدفقاً راديويّاً سريعاً غير متكرر، بما في ذلك أقرب وأسطع تدفق راديوي سريع اكتشف حتى الان. وستساعدنا دراسة خصائصها على تحديد مجراتها المجاورة- وفي المحصلة، كما نأمل، معرفة العمليات الكارثية التي تسببها.