الآثار السلبية التي تخلفها حالة الإِدْمَان لدى الإنسان
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
حالة الإدمان الآثار السلبية للإدمان الطب
قد يَصِفُ الطبيبُ لمريضهِ، عِنْدَ الضـرورةِ، دواءً مُخَدِّراً قويًّا، مثلَ المُوْرفِين، ليزيل آلامَه الشديدةَ بَعْدَ حادثٍ مُؤْلِمٍ أو إِجراءِ جِراحةٍ كَبيرَةٍ.
وقد ينصحُ الطبيبُ مريضَه بتناولِ دواءٍ مهدئٍ أو مُنَوِّمٍ ليساعدَه على النَّوم أو التَغَلُّبِ على أزمةٍ نفسِيَّة شديدةٍ.
وعلى العَكْس، قد ينصحُ الطبيبُ مريضَه في أحوالٍ أخرى بتناول أدويةٍ مُنَشِّطَةٍ أو مُزيلَةٍ للقَلَقِ أو الضِّيق. وهذه الأدويةُ، أو العقاقيرُ، يسميها الناس "مُخَدِّرات" بصفَة عامة.
وهي أدويةُ شديدةُ التأثير في الجِسم، ينبغي الحذرُ في تَعَاطيها، ولا تؤخَذُ إلاَّ بالمِقدَارِ والكَيْفِيَّةِ والمُدَّةِ التي يُحِدِّدُها الطبيبُ.
أما إذا أسرفَ الإنسانُ في تناوُل هذه العقاقيرِ، دُونَ إرشادِ الطبيب فإنه يَتَعَوَّدُ عَلْيها، وتصبحُ عِنْدَه رغبةٌ مستمرةٌ في استعمالِها. أي أنَّ الإنسانَ يُصْبِحُ مُعْتَمِداً عَلَيْها جِسْمِيًّا ونفسِيَّا، ولا يطيقُ الحياةَ دونَها، وهذا هو الإدمانُ.
فالمُدْمِنُ إذا حُرم من العَقَّار الذي أَدْمَنَه يصابُ بنوباتٍ عنيفةٍ فَيَهْذِي ويَرْتَعِشُ جسمُه ويَتَشَنَّجُ، وتضطربُ مَعِدَتُه ويصابُ بالقَلَقِ والأَرَقِ، ويختلطُ عَقْلُه ويَخْتَلُ تفكيرُه، ويتخيلُ حَشَـراتٍ تَلْسَعُه وتنهشُ جسمَه وثعابينَ تَلدَغُه وأعداءً يُحيطون به.
وللمُخَدِّراتِ آثارٌ أخرى شديدةُ الضَـرَر بأعضاءِ الجسمِ الرئيسة كالدماغِ والقلبِ والكَبِدِ، قد تنتهي بالمُدْمِنِ إلى المَوْتِ.
فالمُدْمِنُ تُصبِحُ لديهِ رغبةٌ مُلِحَّةٌ ومُستَمِرَّةٌ في تعاطِي ما أَدمَنَ عَلْيْه بصورةٍ مُتَّصِلَة، وذلك كيْ يتجنّبَ تلك الآثارَ الجسمِيَّة والنفسيةَ المُزْعِجَة التي تَنْتُجُ عن حرمانِه منه.
والمصيبةُ الكبرى أنه يُضْطَرُّ إلى زيادة الكَمَّية التي يتناوَلُها باستمرار بسبب تَعَوُّدِ الجِسمِ عَليه.
ولَمَّا كانتْ هذه الموادُّ باهظةَ الأثمان ويُحَرِّمُها القانونُ، فإن المدمِن سوفَ يَتَعَرَّضُ، إنْ عاجلاً أو آجلاً، إلى الإفلاسِ أو السَّجْنِ، بل إن المُدْمِنَ قد يُصْبِحُ سارقاً أو قاتِلاً كي يحصلُ على المالِ الذي يشتري به العَقَّار من تُجَّار السُّموم الذين لا يرحمون.
والخَمْرُ تُذْهِبُ العقلَ. وهي أمُّ الكبائِر لأن الإنسانَ إذا ذَهَبَ عقلُه قد يقترفُ أيَّ جريمةِ. هذا فضلاً عن آثارها القاتلةِ، وعلى الأخصِ في الكبدِ والجَهازِ العَصَبِيِّ
والتدخينُ قد يبدو أقلَّ ضرراً، ولكنَّه في الواقعِ شديدَ الأذى، وليس سَرطانُ الرِئَة القاتلُ هو نتيجتَه الوحيدة، وتَعَوُّدُ التدخينِ وتعاطي الخَمْرِ يُعَدُّ من صُوَرِ الإدمان الضَارَّةِ.
لقد أَحَلَّ اللّه لنا الطيباتِ وحَرَّمَ علينا الخَبَائِثَ. وقد حَرَّمَت الشـريعةُ الإسلامية الغرّاءُ الخمرَ تحريماً قاطِعاً. كذلك حَرَّم كثيرٌ من الفقهاءِ المخدراتِ أيضا لأنَّها أشدُّ خَطراً من الخمر.
وإدمانُ هذه المحرمات ينتهي بالمُدمِن إلى الجُنونِ أو السُّجون أو المَرض والمَوت، فَضْلاً عن غَضبِ اللّه وعقابِه، فهذه المُحَرَّمَات عذابٌ في الدُّنْيا وفي الآخرة.
إنَّ العقلَ هو نعمةُ اللّه الكبرى على الإنسان، وهو الذي يُمَيِّزُه عن الحيوانِ. فالمدمِنُ الذي يُضَيِّعُ عقلَه يصبحُ كالحيوانِ أو أَضلَّ. إنَّ الشابَّ الذَكِيِّ يَعرفُ أن التجربةَ الأولى البسيطةَ قد تكون أَوَّلَ خُطوَةٍ في طَريق الهَلاك
ويعرفُ أن التجربةَ قد تَتَحَوَّلُ سريعاً إلى الإدمَان. ولذلـك فهو لا يَنْخَدِعُ بوسوسةِ رفاق السُّوء، وتُجَّارِ الموتِ والخُسْـرانِ، وهو بهذا يَحْظَى برضَا ربِّهِ، وسلامةِ عقلهِ وصحَّةِ جِسْمِه، وسعادةِ مُسْتَقْبَلِه.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]