الأسباب والعوامل المؤدية لإصابة فئات معينة من الأشخاص بـ”ألم أسفل الظهر”
2008 آلام أسفل الظهر
سعاد محمد الثامر
إدارة الثقافة العلمية
ألم أسفل الظهر عوامل اصابة فئات معينة بألم أسفل الظهر الطب
إن ألم أسفل الظهر ينتشر بشكل واسع بين الناس بسب الظروف البيئية المعقدة نسبياً، كما وتبين الإحصائيات أن هناك فئات معينة من الناس تكون أكثر عرضة لألم أسفل الظهر، وسبب ذلك العوامل التالية:
1- الجنس:
هناك فروق ظاهرية تختلف باختلاف جغرافية الموقع وطبيعة الحياة وطبيعة عمل المرأة بالمجتمعات، وهذا يجعل المرأة أكثر عرضة من الرجل للإصابة بألم أسفل الظهر.
ويعتقد أن زيادة قابلية المرأة للإصابة بألم أسفل الظهر ترجع إلى أعباء الحمل والولادة ورعاية الأبناء، إضافةً إلى الأعباء المنزلية من تنظيف وغسل وطهي وخلافه، هذا إضافة للمتاعب الصحية الخاصة بالمرأة التي تؤدي أحياناً بشكل غير مباشر إلى الشكوى من ألم الظهر.
وقد أشارت بعض البحوث الطبية إلى أنه على الرغم من انتشار ألم أسفل الظهر لدى النساء، فإن الرجال يفوقون النساء في ألم أسفل الظهر الشديد (في الانفتاق اللبي للقرص الغضروفي)، وهو ما يتعلق أساساً بأداء الحركات العنيفة والمجهود العضلي (أو البدني) العنيف وحمل الأثقال.
والجدير بالذكر هنا أن معظم النساء يزداد لديهن ألم أسفل الظهر عند لبسهن أحذية رفيعة المقدمة عالية الكعب. فالكعب العالي – في حد ذاته – لا يحتمل أن يُؤلم المرأة ذات الظهر السليم فحسب، ولكنه أيضاً يرغمها على تبديل وضعها شيئاً ما للتعويض عن ميلان قدميها أثناء الوقوف أو المشي.
وهذا التبديل يشبه – إلى حد كبير – ما يفعله الشخص المضطر أثناء نزوله من تل شديد الانحدار لكي يبقى محافظاً على توازن جسمه.
أما بالنسبة لألم أسفل الظهر عند بلوغ الإنسان منتصف العمر، فإن المرأة تبقى تحتل نسبة أعلى من معدلات الإصابة بهذا الألم مقارنةً بالرجل، وذلك بسبب تأثرها – في هذه المرحلة العمرية – بمرض هشاشة (أي تخلخل وضعف) العظام بشكل أسرع وأوضح من تأثر الرجل بهذا المرض الصامت، الذي يصيب العظام.
يمكن وصفه بأنه نقص في الكتلة لصلابتها نتيجة لفقد كتلتها الرئيسية. ويحدث ذلك بمعدل سنوي مقداره 0,5% في الذكور بعد سن الأربعين.
ويستمر بهذا المعدل حتى نهاية العمر. ولكن النساء – بعد وصولهن إلى سن انقطاع الطمث – يظهرن فقداً سريعاً لكتلة عظامهن، بمعدل عالٍ يراوح بين 2 و 4% سنوياً ويستمر ذلك 5 إلى 10 أعوام. وبالطبع سوف يؤثر هذا المرض في عظام الفقرات، وما ينتج عنه من متاعب وألم في أسفل الظهر.
2- العمر:
كلما تقدم الإنسان بالعمر، ازدادت الإصابة بألم أسفل الظهر، بسبب خشونة مفاصل العمود الفقري، نتيجة لتآكل الأقراص الغضروفية بين الفقرية.
وهذه الخشونة تصيب الإنسان في الثلاثين من عمره بدرجات متفاوتة، ولكن أعراضها تكون أكثر وضوحاً بعد عمر 60 عاماً.
وتزداد حدة الألم كلما ازداد وزن المصاب، أو إذا كان عند المصاب كسور قديمة في العمود الفقري.
إن جميع الأمراض المصاحبة لكبر السن ]كالإصابة بهشاشة العظام، الكسور الصامتة، الكسور المنضغطة، أورام الفقرات (سوء البديئة أو الثانوية، أي المستقلة من أورام بمناطق أخرى من الجسم)، ضعف العضلات، الأمراض المزمنة الأخرى[تؤثر سلباً في الظهر.
أما بالنسبة لألم أسفل الظهر الناتج عن الإصابة بالانفتاق اللبي للقرص الغضروفي،فإن الفترة العمرية ما بين 30 و 50 عاماً تشهد أكثر حالات الإصابة، ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل أهما:
أ. أن الفرد في هذه الفترة يكون عادةً أكثر إنتاجاً، سواء في الأعمال اليدوية أو الأعمال المكتبية أو غيرهما، وهذا يزيد من العبء الواقع على العمود الفقري.
ب. أن القرص الغضروفي ما قبل سن الثلاثين يكون من وجهة النظر الفسيولوجية في حالة قوية مرنة، بسبب الماء الذي هو عنصر مهم في مرونة العمود الفقري.
في حين يكون القرص الغضروفي في الفترة العمرية ما بين 30 و 50 عاماً في حالة أقل قوة ومرونةً من ذي قبل، بسبب فقدان نسبة كبيرة من الماء وبخاصة من النواة ولهذا يكون القرص الغضروفي أكثر عرضة للإصابة بالانفتاق اللبي.
أما بعد سن الخمسين فإن القرص الغضروفي يُصاب تدريجاً بالتيبس والجفاف، ويصبح مكوِّناً أساساً من ألياف غير مرنة، ومن ثم أقل عرضة للإصابة بالانفتاق اللبي.
3- شكل الجسم :
إن لشكل الجسم علاقة بألم أسفل الظهر، حيث نجد أن الطويل والبدين كليهما يشتكيان من ألم أسفل الظهر.
فالطول الزائد – وبخاصة المصحوب بالنحافة – يزيد من العبء الواقع على الفقرات السفلية من العمود الفقري، وبخاصة إذا صاحب ذلك انحناء القامة للأمام لمحاولة إخفاء هذا الطول الزائد.
لقد أفادت إحصائيات بعض البحوث العلمية بأن الطول هو من عوامل الخطورة التي تزيد من احتمال الإصابة بألم أسفل الظهر عند كلٍّ من الرجال والنساء.
فالخطورة تزداد بنسبة 5% في الرجال و 4% في النساء لكل سنتيمتر زيادة على 180 سم في الرجال و 170سم في النساء.
وبالإشارة إلى علاقة الطول واحتمال حدوث الانفتاق اللبي للقرص الغضروفي، فقد أوصت النتائج أن الرجال الأطول من 180سم معرضون للإصابة بالانفتاق بنسبة الضعفين مقارنةً بالرجال الأقصر بمقدار 10سم أو أكثر، أي أطوالهم تقل عن 170سم.
أما بالنسبة للنساء الأطول من 170سم فإصابتهن تبلغ 4 أضعاف النساء الأقصر بمقدار 10سم أو أكثر، أي اللواتي أطوالهن تقل عن 160 سم، كما نجد أن الشخص البدين أكثر عرضة للإصابة بألم أسفل الظهر.
وبخاصة الحالات التي تتركز فيها البدانة بمنطقة البطن، لأن المنطقة القطنية من العمود الفقري تتخذ – في هذه الحالة – وضعاً غير طبيعي، إذ يكون انحناؤها إلى الأمام بدرجة كبيرة مع ميل الجسم للوراء، وهذا يؤدي لبعض التأثيرات السلبية التي تسبب ألم أسفل الظهر، مثل:
– زيادة الشد الواقع على الأربطة المتصلة بالعمود الفقري.
– زيادة فرصة حدوث ضيق في قطر الفتحات الصغيرة الموجودة في الفقرات التي تمر خلالها الأعصاب، وبذلك قد يحدث أيضاً ضغط على هذه الأعصاب.
فإذا كان الضغط على أي من الجذور العديدة للعصب الوركي، فإن الشخص يصاب بآلام العصب الوركي الشديد (وتُعرف بين العامة بآلام عرق النسا)، وهي آلام تتبع مسرى العصب (وهناك عصب في كل جانب) في منطقة الورك.
وتمتد على الجهة الخلفية من الفخذ، وتسير على امتداد الساق حتى تصل أحياناً إلى عضلة الرَّبْلة (بطة الساق) والقدم. ويصاحب هذه الآلام خذر وأحياناً ضعف عضلي في الساق المصابة.
– تتعرض العضلات المحيطة بالعمود الفقري إلى الشد المتكرر أثناء ثني الظهر أو عند أداء عمل شاق، مثل حمل الأثقال.
– يحدث – مع مرور الوقت – تآكل في الأقراص الغضروفية ومفاصل السطيحات المفصلية، فتقل ليونة العمود الفقري وتصعب حركته.
وبالرغم من أن معظم البحوث أشارت إلى وجود علاقة بين تزايد الوزن وألم أسفل الظهر، فإن هذه العلاقة لا تعني أبداً أن زيادة الوزن ستسبب هذا الألم. فالواقع يشير إلى أن هناك مئات الأصحاء من ذوي الأوزان الثقيل، في حين أن هناك آخرين مصابين بألم أسفل الظهر يعانون النحافة.
لكن السمنة حتماً تساعد – على الأمد الطويل – على زيادة الضغوط الرأسية أو الإزاحة الأمامية، التي تسهم أيضاً في الضغط على القرص الغضروفي وانبعاجه وارتفاع الضغط المحوري داخله، وهذا يسهل انفتاقه أو انزلاقه.
4- نقص اللياقة البدنية:
هناك دراسات عديدة أجريت لتوضيح العلاقة بين اللياقة البدنية وألم أسفل الظهر.
وجاءت النتائج مؤكدة أن اللياقة البدنية تقلل بشكل كبير وواضح من الإصابة بهذا الألم، ولكنها في الوقت نفسه لا تنفي وجود حالات من ألم أسفل الظهر لدى ذوي اللياقة البدنية.
ومن المعروف أن قلة التمرينات الرياضية تزيد من فرصة الإصابة بألم أسفل الظهر، لأن التمرينات الرياضية تقوي العضلات وتحافظ على مرونتها وتزيد من قوة العظام ومقاومتها لتأثير الشيخوخة.
وتُعد قوة عضلات البطن على وجه الخصوص شيئاً ضرورياً للوقاية من ألم أسفل الظهر، وذلك لارتباط وتداخل ميكانيكية عملها الوثيق مع عمل عضلات الظهر,
فعضلات البطن تشارك في إنجاز حركات عديدة خلال نشاطاتنا اليومية، وتُشارك أيضاً في أوضاع العمود الفقري كاتخاذ وضع الوقوف.
فكلما كانت عضلات البطن قوية ساعدت على تثبيت العمود الفقري عن طريق زيادة الضغط داخل البطن.
وهذا يقلل من العبء الواقع على الجزء السفلي من العمود الفقري؛ أما إذا كانت هذه العضلات ضعيفة فإن الحمل الواقع على أسفل الظهر يزداد، ومن ثم تزداد فرصة الإصابة بألم أسفل الظهر.
أما عضلات الظهر نفسها فإنها تكون عادةً بحالة من القوة والمرونة التي تسمح بموافقة معظم الحركات العادية للجسم لكنها قد تكون مبعثاً للشكوى من ألم أسفل الظهر إذا تعرضت لشد زائد، كالشد الناتج أثناء رفع أحمال ثقيلة، ونجد كذلك أن قوة عضلات الفخذين الخلفية ومرونتها شيئان ضروريان لتجنب ألم اسفل الظهر.
وهذه العضلات نستخدمها عند ثني الجسم للأمام، فإذا كانت ضعيفةً غير مرنة يضطر الشخص للتحميل الزائد على أسفل ظهره حتى يتمكن من ثني جسمه للأمام، وهذا يزيد نسبة حدوث ألم أسفل الظهر.
لذا نرى أن تقوية العضلات المهمة هنا (عضلات البطن والظهر والفخذين الخلفية) – من خلال التمرينات الرياضية – شيء ضروري للوقاية من ألم أسفل الظهر. وسنوضح فيما بعد تمرينات المرونة والتقوية الخاصة بهذه العضلات، إضافة إلى بعض الأنشطة الرياضية.
5- أوضاع الجسم المغلوطة:
إن الوضع المغلوط للجسم – سواء أثناء السكون أو الحركة – يعد سبباً مهماً وشائعاً للشكوى من ألم أسفل الظهر.
وهو ما نلاحظه في العديد من الأنشطة اليومية، كالانحناء على المكتب أثناء القراءة أو الكتابة، أو العمل بذراعين مرفوعتين لأعلى مدة طويلة، أو رفع أعمال ثقيلة بثني الخصر بدلاً من ثني الركبتين.
أو الجلوس على كرسي غير مناسب لوضع الجسم، سواء من حيث الارتفاع أو عدم وجود مسند خلفي مريح للظهر، وغيرها من الأمثلة التي يمكن أن تؤدي إلى ألم أسفل الظهر.
6- الوظيفة:
إن نوع الوظيفة قد يكون السبب في الشكوى من ألم أسفل الظهر. فمثلاً، الأعمال التي تعتمد على رفع أحمال ثقيلة (كأعمال الحمالين) تتصدر قائمة الأعمال التي لها علاقة بظهور ألم أسفل الظهر.
إضافة إلى جميع الأعمال المرهقة العنيفة، والتي يتطلب إنجازها فترات طويلة من الجهد البدني.
كذلك هناك الأعمال التي تتطلب الجلوس فترات طويلة، ومن أبرزها:
– قيادة المركبات بأنواعها المختلفة: البرية والبحرية؛ إذ تزداد بين قائدي المركبات الشكوى من ألم أسفل الظهر ومتاعبه، والإصابة المبكرة بتآكل الأقراص الغضروفية بين الفقرية. ومما يساعد على ذلك تعرضهم لاهتزازات متواصلة أثناء القيادة، في طريق غير مهددة، وبخاصة قيادة باصات النقل أو الشاحنات.
– السكرتاريا والأعمال المكتبية عموماً، وكذلك مهنة أطباء الأسنان.
7- التدخين:
أثبتت الدراسات الطبية الحديثة – بما لا يدع مجالاً للشك – أن التدخين له علاقة مباشرة بآلام العمود الفقري ككل، وليس فقط بألم أسفل الظهر، حيث يُشكل التدخين بصورة يومية عامل خطورة في حدوث انفتاق الأقراص الغضروفية في المنطقة القطنية من العمود الفقري.
وهناك عدة عوامل ميكانيكية تتسبب في احتمال حدوث مثل هذه الظاهرة، منها أن التدخين يسبب كحة مزمنة، والكحة بدورها تسبب ضغطاً عالياً داخل التجويف البطني، مما يؤدي إلى زيادة الضغط الميكانيكي داخل الأقراص الغضروفية في المنطقة القطنية.
ولذا فإن الكحة المتواصلة أو المتكررة ربما تشكل العامل المسبب لحدوث انفتاق في القرص الغضروفي.
هذا إضافة إلى وجود علاقة إيجابية ما بين التدخين ونقص الأملاح في العظام. ومن المعروف أن نقص الأملاح في العظام يؤدي إلى نقص الكتلة العظمية.
وعليه تنقص صلابة العظام، وهذا يؤدي إلى ظهور كسور مجهرية في حويجزات أجسام الفقرات العظمية "Trabeculae"، ما يسبب شعوراً بألم أسفل الظهر مشابه لآلام هشاشة العظام في مراحله المتقدمة.
وإضافة إلى العوامل الميكانيكية، فإن ارتفاع نسبة الانفتاق الغضروفي لدى المدخنين ترجع أسبابها أساساً إلى نقص عنصر الأكسجين في الدم.
فقد أثبتت النظريات أن التدخين له علاقة مباشرة بنقص عنصر الأكسجين في الدم. وهذا العنصر يعتبر عنصر الحياة لكل الأنسجة الحيوية بالجسم، والأكسجين بدوره بحاجة إلى الهيموجلوبين لتكوين مركب اسمه أكسي هيموجلوبين Oxyhaemoglobinالناقل للأكسجين إلى جميع خلال الجسم وأنسجته.
ولكن بالتدخين ترتفع نسبة أول أكسيد الكربون في الدم، الذي له قدرة قوية جداً على الاتحاد بالهيموجلوبين مكوناً مركباً اسمه كاربوكسي هيموجلوبين Carboxyhaemoglobin، مانعاً بذلك اتحاد الأكسجين بالهيموجلوبين، ومن ثم صعوبة انتقال الأكسجين إلى خلايا الجسم بصورة مباشرة.
لذا فإن التدخين يسبب نقصاً في كمية الدم المغذي لأجسام الفقرات، ما يؤثر سلباً في تغذية خلايا الأقراص الغضروفية، كما ويقلل التدخين السائل الجيلاتيني داخل نواة القرص الغضروفي.
وهكذا فإن نقص الأكسجين والسائل الجيلاتيني يؤديان حتماً إلى تهالك الألياف الحلقية للقرص الغضروفي وجفافها. ولما كان للقرص الغضروفي ضغط داخلي عالٍ فإن ذلك يُسهل تمزقها.
إن تلك العوامل مجتمعة تتسبب في حدوث عمليات التآكل والانحلال في الأقراص الغضروفية، معرضة بذلك الشخص للإصابة بالانفتاق، إضافة إلى هشاشة الفقرات في وقت مبكر، ما ساعد على ظهور ألم أسفل الظهر.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]