نبذة تعريفية عن “الثقب الأسود”
1995 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
لعلك سمعتَ من يتحدث في التلفاز، أو يكتب في الصحف والمجلات، عن «ثقوب سوداء» في السماء.
ولا بد أنك تعجَّبْتَ وتساءلْتَ – كما يتساءل كثير من الناس – كيف تكون في السماء ثقوب؟ ولماذا وكيف تكون هذه الثقوب سوداء؟.. ونحن لا نستطيع أن نعرف جواباً بسيطاً لهذه التساؤلات إلا إذا عرفنا شيئاً عن «النجوم» وأسرارها.
في الكون بلايين كثيرة من النجوم، نستطيع أن نرى بعضها يتلألأ في الليالي الصافية. والنجوم أجسام هائلة الحجم، ولو أنها تبدو صغيرة لعبدها الكبير عنَّا.
والنجوم مضيئة بذاتها، فهي ليست كالأرض والقمر المظلميْن، واللَّذيْن يستمدَّان الضوءَ من الشمس ثم يعكسانه.
والشمسُ نجم صغير، ولكنها تبدو لنا أكبرَ النجوم كلِّها لأنها أقرب النجوم إلينا، وهي بالنسبة للأرض، كبيرة جداً، فكتلتُها أكبر من كتلة الأرض أكثرَ من مليون مرة! ومع ذلك هناك نجوم أكبر من شمسنا مئاتٍ من المرات.
والشمس تبعث حولها – في كل لحظة من الزمان – مقاديرَ هائلةً من طاقة الحرارة والضوء.
وكل ما في الأرض من طاقة هو جزء ضئيل جداً مما تبعثه الشمس.
فدرجة الحرارة على سطح الأرض لا تتجاوز 60 سيلزية (مئوية)، أما بالقرب من سطح الشمس فهي نحو ستة آلاف، وأما في قلبها فهي بضعة ملايين. فمن أين للشمس، أو أي نجم آخر، هذه الطاقة الهائلة؟.
النجم كرة هائلة من الغازات المتوهِّجَة والأبخرة الساخنة.
والطاقة المتولدة في داخل النجم ليست ناشئة من اشتعال أو احتراق، أي اتحاد بالأكسيجين، كما هو مألوف لنا في الأرض.
وإنما هو تفاعل «ذري» أو «نووي» – أي يحدث في نَوَى الذرَّات وذلك أن الحرارة العظيمة، المتولدة من التجاذب الهائل بين الجسيمات الغازية المكوِّنة للنجم الكبير، تدفع نَوَى ذرات الهيدروجين (وهي أبسط الذرات وأصغرها حجماً) إلى أن يندمج بعضها في بعض.
وينتج من اندماج كلِّ نواتَيْ هيدروجين نواة جديدة، هي نواة ذرة غاز آخر يسمى الهيليوم. وعند حدوث هذا الاندماج تنطلق كمية هائلة من الطاقة تفوق كلَّ ما نعرفه من عمليات الاحتراق والانفجار العادية.
(وهذا هو الأساس في عمل «القنبلة الهيدروجينية»، التي تفوق في شدتها حتى القنابل الذرية التي دمرت هيروشيما ونجازاكي في اليابان، وأنهت الحرب العالمية الثانية).
وهكذا يستمر إنتاجُ هذه المقادير العظيمة من الطاقة بعمليات الاندماج النووي المستمرة. ولكن كل شيء في هذا الكون له نهاية.
فمع مرور ملايين السنين تأخذ كميات الهيدروجين في النفاد، وتقل مقادير الطاقة المتولدة. وعندئذ ينتفخ النجم ويحمر لونه، ثم ينكمش انكماشاً كبيراً، وتزداد كثافته ويصبح ثقيلاً جداً ويبيضّ لونه. وهذه علامة شيخوخة النجم.
ويعتقد العلماء أنه هنا تأتي نهايةُ حياة هذا النجم الأبيض الجوز صغير الحجم. فهو يأخذ في الانتفاخ مرة أخرى انتفاخاً كثيراً، ثم ينفجر انفجاراً هائلاً، وقد يتلاشَى تماماً بفعل الجاذبية الشديدة المتولدة فيه والتي تطحنه طحناً.
ويُخْلِفُ النجمُ المتلاشي وراءه حيِّزاً في الفضاء يكونَ ذا كثافة هائلة وجاذبية شديدة.
فكلما اقترب شيء من هذا الحيز ابتلعته جاذبيته، فكأنه الدوَّامة الهائلة في البحر، والتي تبتلع كلَّ شيء يقترب منها.
ونحن نعرف أن الضوءَ جسيماتٌ دِقَاق تنتشر من المصدر المضيء. ولذلك إذا اقترب الضوء من الحيِّز المتخلِّف عن النجم الفاني، ابتُلِعَ هو أيضاً.
ومعنى ذلك أنه يستحيل علينا أن نرَى هذا الحيِّز لأنه سوف يكون مظلماً دائماً.
وكيف نراه، وهو لا يبعث ضوءاً ولا يسمح لضوء بأن يخرج أو ينعكس منه! إنه إذا سوف يصبح وكأنه «ثَقْبٌ أسود» في السماء! والعلماء يستطيعون أن يَرْصُدُوا بعض ظواهر الإشعاع عند حافة هذا الثقب.
ولكن لا تنزعجْ مما ذكرناه عن حياة النجوم ونهايتها بهذه الصورة المروِّعة، فتتخيلْ الكارثة التي سوف تحدث بأرضنا عندما تأتي نهاية نجمنا: الشمس.
فالواقع أن العلماء يقولون إن الشمس نجم في عنفوان قوته وشبابه، وإنها في منتصف عمرها، وما تزال أمامها ملايين كثيرة من السنين حتى تبلغ شيخوختها!.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]